«الفجيرة للمونودرامـــا»..شعلة «لؤلؤة الشرق» تضيء المسرح

ليل الفجيرة البارد متفق عليه؛ وكذلك أن تتحول هذه الإمارة إلى فسحة فنية وإبداعية يقصدها مئات الفنانين والمتخصصين من أرجاء العالم، تحت عنوان عريض بات علامة فارقة ومعروفة على نطاق واسع هو: «مهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما»، الذي أضاء هذا العام عتمة الخشبة بضوء «لؤلؤة الشرق».

 

 

فن صعب

قال مدير المهرجان محمد سعيد الأفخم «إننا في هذا المهرجان نسبر أغوار فن صعب، ونوفر فرصة حقيقية لعرض التجارب العربية والعالمية، حتى غدا بشهادة المتخصصين أبرز مهرجان في العالم في هذا المجال. لقد حرصنا في هذه الدورة على توثيق العلاقة بين الهيئة الدولية للمسرح التي أشغل منصب أمينها العام بهيئة الفجيرة للثقافة والإعلام خصوصاً، وبالحركة المسرحية الإماراتية والعربية عموماً لما لهذا التواصل من عظيم النتائج».

وأضاف «ستلاحظون في هذه الدورة أنها تتجاوز سابقاتها، سواء في نوعية العروض وعددها فقد آلينا على أنفسنا في اللجنة العليا للمهرجان برئاسة سمو الشيخ الدكتور راشد بن حمد الشرقي أن نتجاوز أنفسنا في كل دورة، وأن نقدم كل ما هو جديد ومختلف، آخذين في الحسبان توجيهات صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي، عضو المجلس الأعلى حاكم الفجيرة، وولي عهده سمو الشيخ محمد بن حمد الشرقي، في تقديم كل ما يليق بالضيوف والمقيمين من الفعاليات النوعية، سواء في فن المسرح أو الفنون الأخرى والأنشطة الأدبية والمطبوعات والإعلام»

وتابع الأفخم أن «الحركة الثقافية في الفجيرة تشق طريقها بقوة بين جاراتها الإمارات الأخرى، عبرالتعاون والتواصل الدائم تحت مظلة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، والتعاون المستمر مع وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع».

تحدي العرض

 

قال الشاعر الأردني جريس سماوي مؤلف أوبريت لؤلؤة الشرق الذي افتتح فعاليات الدورة السادسة من مهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما إن العمل الفني بصورة عامة هو عمل ينمو ويتطور وليس ثابتاً ونهائياً، ولذلك فإن المقارنة بين النص والعمل المنجز تقودنا إلى الكثير من التفاصيل التي تضاف أو تلغى من العمل بشكله الورقي،. وأضاف أن المسودة الأولى للعمل كانت مكتوبة بشكل كامل باللغة العربية الفصحى، لكن بعد الجلسات العملية مع الملحن عبدالرب إدريس بدأ التغير، والإعداد لخلق أرضية مشتركة يمكن البناء عليها، أصبح أكثر من 8% من العمل باللهجة المحكية.

وأعرب سماوي عن رضاه واقتناعه بما شاهد على المسرح، معتبراً أن العرض جاء كما كان يتخيله، رغم وجود بعض الملاحظات على أداء بعض الممثلين الذين كانوا يحتاجون إلى المزيد من التدريب، خصوصاً على نطق القصائد وإيقاع إلقائها. وشكر الدعم الذي لقيه من جميع القائمين على هذه التظاهرة، وسعادته لعمله مع نخبة من المبدعين وصولاً إلى هذه النتيجة الإبداعية المرضية.

واعتبر سماوي أن مهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما له مكانته الخاصة والمتفردة، إذ إنه اهتم بنوع إبداعي مسرحي لم تلتفت إليه الكثير من المهرجانات والجهات العاملة في هذا المجال، مشيراً إلى أنه واكب تجربته هذا المهرجان منذ أن كان فكرة وصولاً إلى ماهو عليه الآن من مكانة مميزة.

وتابع سماوي «أنا كشاعر أعتقد أن فن المونودراما قريب إلي. الممثل الوحيد على الخشبة الذي يقدم مونولوجاته ومستويات قصديته لا يختلف كثيراً عن الشاعر الواقف وحيداً على المنبر يقدم قصيدته بأبعادها وأصواتها ومستوياتها المتنوعة، معتبراً أن الشعراء العرب منذ سوق عكاظ ومربد كانوا يقدمون شعرهم وفق أداء درامي، فالنابغة الذبياني على سبيل المثال كان يحلق نصف شعره ونصف لحيته وينتعل فردة حذاء واحدة ويرتدي لباساً خاصاً لاستحضار جني أو شيطان الشعر.

نحن اليوم في دورته السادسة، ويبدو أن الجهود لاتزال معنية بمواصلة التأسيس والصقل لمشروع ثقافي جمالي يحمل في طياته الكثير من التفرد والخصوصية. تجاوز المفهوم الاحتفالي والسياحي يبدو غاية واضحة من خلال برنامج ثقافي وورش تخصصية وندوات تضاف إلى عروض مختارة من أرجاء العالم لنخية من العاملين في مجال فن الممثل الواحد.

حفل افتتاح هذه الدورة الذي حضره صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي عضو المجلس الأعلى حاكم الفجيرة، وسمو الشيخ الدكتور راشد بن حمد الشرقي، رئيس هيئة الثقافة والإعلام في الفجيرة، كان مناسبة لتكريم شخصيات فنية بارزة، وإضفاء سمة الدعم والاحتفاء بالعاملين في هذا المجال.

الافتتاح كان مناسبة أيضاً للتأكيد على رحلة ازدهار الإمارات من خلال عمل أوبرالي ضخم، حمل عنوان «لؤلؤة الشرق»، أشعار ونصوص جريس سماوي، وموسيقى وألحان الفنان الموسيقار السعودي عبدالرب إدريس، وسينوغرافيا وإخراج ماهير صليبي، وأداء فرقة «سِمة» للفنون المسرحية، وعدد من الممثلين المسرحيين الإماراتيين. تحدث عرض «لؤلؤة الشرق» عن النهضة الكبيرة للإمارات، عائداً في التاريخ إلى مراحل تطورها، بدءاً من ميلاد الاتحاد، مروراً بكل الإنجازات التي نافست الدول العظمى حضارة وتألقاً، وصولاً إلى الاحتفاء بيوم الاتحاد الذي يصادف الثاني من ديسمبر. وبني المسرح على شكل سفينة تمخر عباب البحر، وتعبر عن رحلة كفاح مريرة وملهمة لجيل الآباء المؤسسين الذين قادوا هذه السفينة إلى بر الأمان.

وقال الفنان ماهر صليبي، بعد دراسة المشروع كاملاً من جميع جوانبه وحيثيّاته «قمنا بوضع خطة نظريّة لتنفيذه، على أرض الواقع، فظهرت وبزغت أفكار خلّاقة تكمّل المظهر العام للافتتاح وتزيد ألقه، مثل وضع نوافير ماء حول السفينة، تتراقص وتتمايل، منسجمة مع الموسيقى، في لوحة سوريالية ساحرة. وأضفنا على ذلك إسقاط شريط الفيديو على مياه النوافير، لتكون على شكل شاشات مائية، تثير الاهتمام والانتباه، وتجذب الناظر إليها، مكملة الافتتاح المائي، وهو عماد الفكرة الرئيسة للعرض الذي اختتم بإطلاق الألعاب النارية من البحر، في منظر جماليّ استثنائي.

وقال رئيس مهرجان الفجيرة للمونودراما، محمد سعيد الضنحاني «حرصنا في هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام التي يترأسها سمو الشيخ الدكتور راشد بن حمد الشرقي، على أن نتميز في نوعية ما نقدمه من عمل ثقافي، وأن نكمل فعاليات إماراتنا الحبيبة لا أن نتنافس معها، مقتدين بالتوجيهات السديدة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، في أن تكون الإمارات لوحة فسيفساء جميلة مشرقة في المشهد الثقافي العربي، يكمل بعضها بعضاً، وتحتضن الخبرات من شتى الدول، وتتفاعل معها».

وأضاف الضنحاني «خلال السنوات الماضية تنوعت فعاليات الهيئة ما بين ملتقى الفجيرة الإعلامي، وملتقى الفجيرة للربابة، وجائزة الفجيرة للتصوير الضوئي، وجائرة الفجيرة الدولية للتصوير الصحافي، وطباعة الكتب، والمشاركة في المعارض، وسنعمل خلال 2014 على إنجاز الدورة الجديدة من ملتقى الفجيرة الإعلامي، وملتقى الفجيرة الفكري الأول، وتطوير موقع الفجيرة نيوز الإخباري، والتركيز على الإصدارات التوثيقية للإمارة، وإطلاق مجلة الفجيرة الثقافية، ومبادرة الشيخ راشد للقراءة، ومخيم الفنون الأول».

لم تنحصر ليلة الافتتاح في «لؤلؤة الشرق»، إذ كرّم صاحب السمو حاكم الفجيرة الفنان عبدالحسين عبدالرضا على مشوار فني استثنائي، وكذلك الفنانة الليتوانية بروتي مار التي منحت جائزة فاليري كزانوف للمونودراما، إضافة إلى الفائزين بجوائز التأليف الفني وهم: الكاتب الأردني الراحل عاطف الفراية الذي فاز بالجائزة الأولى عن نصه «البحث عن عزيزة سليمان»، وتسلمت الجائزة زوجته، والمصري مأمون الحجاجي الفائز بالمركز الثاني عن «الانتظار»، والكاتبة الجزائرية فائزة مصطفى عن «مدن الكرتون»، والمغربي مصطفى الحمداوي عن «الرحلة الأخيرة»، وتناصفا المركز الثالث.

حكاية أوبريت

قال الفنان ماهر صليبي إن «فكرة الافتتاح التي قدمها الشاعر محمد سعيد الضنحاني، لم يكن تنفيذها يسيراً، نظريّاً، لكن بالإصرار والإرادة والاجتهاد، تحولت إلى واقع، بعد أن توحدت جهود العشرات، وتشابكت أياديهم، واضعين هدفاً واحداً نصب أعينهم، لا يقبل إلا النجاح، وليس أي نجاح، متجاوزين كل عقبة، مذلّلين المشكلات، فكان الإنجاز نتيجة طبيعية مستحقة، تليق بمهرجان دولي أثبت جدارته واستحق مكانته، عربياً وعالمياً، ومن هنا كان التحدي، في تحقيق هذه الرؤية، بحفل افتتاح مبهر وضخم، عالمي بكل ما تحمله الكلمة من معنى». وأضاف «بعد نقاشات عميقة دارت مع إدارة المهرجان، وصلنا إلى اتفاق ورغبة حقيقية في أن يكون افتتاح الدورة السادسة مميزاً في كل شيء، وهكذا نتجت فكرة أن يكون الحفل على شاطئ البحر، وتبعتها فكرة أن يتم الافتتاح في سفينة كبيرة، بدلاً من أن تكون في مسرح تقليدي، وأن يكون الديكور بشكل عام يعبر عن أجواء البحر ويتناسب مع المسرح (السفينة)، لنضع المشاهد في أجواء حقيقية خلّابة، تؤدي الغرض، وتحقق المبتغى، في إبهار المشاهدين والجمهور الحاضر مباشرة على الخشبة أو عبر محطات البث التلفزيونية المختلفة».

وتابع «استغرق العمل على تخطيط وتنفيذ الافتتاح من السفينة ومسرحها ونوافير الماء والإضاءة والديكور والملابس وعروض الفرقة المسرحية الراقصة والموسيقى، فترة امتدت إلى 10 أشهر من العمل الشاق، احتاجت الموسيقى وحدها من ذلك الوقت أربعة أشهر، شملت كتابة النص والتلحين والموسيقى والتسجيل، الذي تم بين الكويت ودبي».

عروض اليوم

 

يعرض مهرجان الفجيرة للنونو راما اليوم عملين مسرحيين: الأول من جنوب إفريقيا بعنوان «امرأة في الانتظار» إخراج بال فارير، وتمثيل ليمبي جونز. أما العرض الثاني فهو من سلطنة عمان بعنوان «مجرد نفايات»، تأليف قاسم مطرود، وإخراج خالد العامري، وتمثيل عبدالكريم الصالحي.

مسرحيات فائزة

أصدرت هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام كتاباً يضم المسرحيات الفائزة بالمسابقة الدولية لنصوص المونودراما في نسختها العربية للدورة 2012- 2014 التي نالت موافقة لجنة التحكيم العربية المكونة من عبدالعزيز السريع وأسعد فضة ود.عبدالكريم برشيد ويسري الجندي وعبدالله راشد. والمسرحيات الفائزة لكتَاب من الأردن ومصر والجزائر والمغرب وسورية وفلسطين، ولها موضوعاتها المتعددة وانشغالاتها الخاصة ما بين الاجتماعي والسياسي والإنساني والذاتي.

والكتاب مبادرة أطلقتها «الهيئة» بالتعاون مع المركز الرئيس للهيئة الدولية للمسرح في الفجيرة وباريس، اعتباراً من دورة مهرجان المونودراما 2010 من أجل إتاحة المجال للقراء العرب للاطلاع على النصوص الخاصة بالممثل الواحد والمكتوبة أساساً باللغة العربية، سعياً منها للتعريف بفن «المونودراما» ذي الخصوصية، وتعميق التجربة المسرحية الكتابية في هذا الحقل على الصعيد العربي.

 

http://www.emaratalyoum.com/

 

أرقام

 

100 جنسية شاركت في دورات «الفجيرة للمونودراما».

79 عرضاً مسرحياً قدمت في الدورات الماضية.

40 عرضاً عربياً من 17 دولة عربية.

39 عرضاً من 32 دولة أجنبية.

349 نصاً أجنبياً شارك في مسابقة نصوص المونودراما.

452 نصاً عربياً شارك في دورات النصوص المسرحية عربياً.

18 نصاً فائزاً خلال الدورات الماضية.

1000 متطوع إماراتي شارك في فعاليات الدورات السابقة للمهرجان.

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *