هيثم الخواجة: الطمأنينة تساعد على التأليف

يقول الكاتب المسرحي الدكتور هيثم الخواجة: “أذكر أنني كنت أجتمع مع أصدقائي من الأطفال على باب بيتنا كل مساء نتشوّق لسماع أذان المغرب الذي يأتي وكأنه يفك حصاراً مضروباً حولنا، فقد كان رمضان يخيفنا ويؤرقنا لأننا بحكم الطفولة لا نفهم منه سوى أنه منع من الطعام والشراب وقد يؤدي إلى الموت، وفي سن المراهقة اعتدنا على حضور الدروس الدينية بعد العصر في مسجد الحي العتيق الذي يتضوع أصالة وعراقة، وفي هذه الفترة ارتبط رمضان لدي بنوع من التجارة الخاصة . فكنت بعد التراويح أضع بسطة خشبية أمام منزل أهلي وأصفّ عليها الحلويات والبسكويت وأنواع الألعاب، فيجتمع علي أصدقائي يشترون مني وأنخرط معهم في اللعب والفكاهة وسمر الليل الجميل” .

 

 


بعد الجامعة كنت أمارس التدريس، ولا أنسى أنه في أوائل الثمانينات صادف رمضان الإجازة الصيفية، وقد فرحت بذلك لأنه كان لدي مشروع تأليف كتاب عن المسرح السوري فوجدتها فرصة مناسبة لإنجازه، وخلال ثلاثين ليلة أكملت الكتاب، وكان ذلك بداية لارتباط هذا الشهر الكريم بكتبي المهمة، فقد اعتدت أن أرجئ مشاريع الكتب التي أعمل عليها إلى رمضان، وعادة ما أبدأ العمل بعد التراويح وأنتهي عند صلاة الفجر، ومع الجو النفسي والروحاني المطمئن بعد يوم صوم يشعر الإنسان أنه أدى فيه واجب ربه فيكون العمل في الليل مريحاً وسهلاً، وتكون النفس منشرحة له، والذهن متفتحا للتأمل واستقبال الأفكار البديعة، وما زالت تلك العادة معي إلى اليوم، وفي هذا العام عملت على إنجاز كتابين مهمين عن المسرح الإماراتي، أولهما عن المسرح المدرسي الإماراتي، أتناول فيه تاريخه وطبيعته وظواهره، والثاني عن المسرحيين الإماراتيين أقدم فيه السيرة الفنية لكل مسرحي مع تناول نقدي يقدم حكم قيمة على إنجازاته” .


على مر السنوات تولدت لدي عادة الاستمتاع بالتجول عصرا في الأسواق وملاحظة الفرحة التي ترتسم على وجوه الباعة وهم منهمكون في بيع الحلويات واللقيمات والعصائر وغيرها، وكذلك أسعد برؤية الناس وهم يقبلون على شراء مستلزمات الإفطار حريصين على أن لا يفوتهم منها شيء، ففي هذا الجو يستشعر المرء كم هو حجم تلك السعادة التي تلف الجميع في هذا الشهر الكريم” .


ويضيف الخواجه: رمضان أيضاً يرتبط بالجو الأسري الحميم فهو الشهر الذي يتيح فرصة للتلاحم الأسري وتواجد الجميع على موائده في وقت محدد لا يغيب عنه أحد، وفيه أزداد اتصالاً مع أبنائي وأجيب عن أسئلتهم الكثيرة التي تصبح سنة بعد أخرى أكثر عمقاً وتركيزاً، كما أنه فرصة للتزاور بين الأصدقاء، وقد تعودت أن يكون برنامج زيارتي لأصدقائي موظفا للنقاش في قضايا فكرية وفنية، ونحرص على أن لا نشوشه بالتلفزيون أو الثرثرة التي لا طائل من ورائها، فما دامت فرص اللقاء نادرة، والكل مشغولا فلا أقل من أن نغتنم الوقت الذي يتيحه لنا هذا الشهر الجليل في تطوير أفكارنا وتبادل آرائنا في قضايا مهمة” .

 

الشارقة – محمد ولد محمد سالم:

http://www.alkhaleej.ae

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *