قراءة نقدية في المهرجان العربي لمسرح الطفل

يسألني كثيرون: «أين أنت من مهرجان مسرح الطفل؟ وأنت الفاعل في هذا المجال!» فأرد عليهم: هذا الحلم الذي بحت أصواتنا لسنوات في الكثير من المناسبات مطالبين به، تحقق أخيرا بجهود الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب المهندس علي اليوحة، وبدعم وحماس كبيرين من وزير الاعلام والشباب رئيس المجلس

 

 

 

الوطني للثقافة والفنون والآداب الشيخ سلمان الحمود، لكن المهرجان اتخذ مسارا لم نتوقعه بعد ان أوكلت مسؤوليته للمخرج حسين المسلم، فرغم احترامنا لتجربته المسرحية، الا ان هناك اشكالية تكمن في فهم حسين المسلم (المؤلف والمخرج) لمسرح الطفل وأبعاده، وهو الذي قدم – ضمن تجربته المحدودة لهذا المسرح – عرضا من تأليفه (بيبي والعجوز)، يناقش قضية الطلاق بين الوالدين، وهي قضية لا يفترض ان تقدم (للأطفال) لما لها من أبعاد خطيرة، وهكذا في عرضه الآخر (جسوم ومشيري) الذي يناقش قضية تزوير شهادات المدرسة، وقضية الطلاق أيضا!!
الا أننا لم نستعجل الحكم على المهرجان، قبل بدئه.

اقصاء العاملين بمسرح الطفل؟!

بدأ المهرجان بتشكيل لجانه مستبعدا الكثير من الأسماء الفاعلة في مسرح الطفل، تأليفا، اخراجا، وتمثيلا لفترة لا تقل عن العشرين عاما، مثل (خليفة خليفوه، عبداللطيف البناي، ماجد سلطان، فهد السلطان، حسين المنصور، هدى حسين، محمد العجيمي، نجاة حسين، محمد جابر، داود حسين، مهدي الصايغ، انتصار الشراح، عبدالعزيز الحداد، سلوى الخلفان، علي جمعة، عبدالله الحبيل، كاظم الزامل، عبدالله عبدالرسول، نجف جمال، جمال الردهان، أحمد جوهر، عبدالعزيز المسلم، رجاء البدر، مبارك سويد، انتصار الحداد، وحيد عبدالصمد، حسين المفيدي، خالد المفيدي، عبير الجندي، منقذ السريع، بندر عبيد، سيف القطان، باسم عبدالأمير، محمد خالد، باسمة حمادة، أحلام حسن، خالد بن حسين، زهرة الخرجي، وكاتب هذه السطور، وآخرون يعذرونني ان نسيت أسماءهم)، كما لم يستعن بأسماء أخرى، لم تعمل في المجال الابداعي الا ان لها دراسات في ذلك مثل د.نرمين الحوطي، د.نورة العتال، اللتان حصلتا على الماجستير في مسرح الطفل، أو ممن لديهم الابداع الفني المتخصص في مجال الطفولة مثل د.علي عاشور، وبدور العيسى، والجانب الابداعي لأدب الطفل لدى أمل الغانم وهدى الشوا اللتان حصلتا على جوائز عربية وكويتية عديدة في مجال الطفولة، وأخيرا من كتب عن مسرح الطفل مثل: ليلى أحمد، عبدالمحسن الشمري، د.نادر القنة، ود.محمد مبارك بلال.
لكن حسين المسلم يكتفي بأسماء لا تتعدى أصابع اليد الواحدة ممن لهم علاقة مباشرة بمسرح الطفل، مع كل تقديري واحترامي لبقية المشاركين.والأغرب أنه يقوم بـ(تدوير) تلك الأسماء المحدودة للاستعانة بها في أغلب اللجان الأساسية والفرعية، حتى لا يخرج عن نطاقها اطلاقا!

من الأحق بادارة المهرجان؟!

على الرغم من اعتزازنا وتقديرنا واحترامنا للمكانة الفنية للفنانة القديرة سعاد عبدالله، وتأكيدنا على العلاقة الطيبة التي تربطنا بهذه الانسانة الراقية – حتى لا يصطاد أحد في الماء العكر- فاننا نرى ان تاريخ سعاد الفني لا يحمل مشاركة واحدة في مسرح الطفل، كتابة، أو اخراجا أو تمثيلا! ولو كان اختيارها لمهرجان المسرح المحلي لكان في مكانه تماما، أما مهرجان مسرح الطفل فهناك العديد من الأسماء الأكثر مناسبة لتولي ادارة المهرجان، منها مثلا(عواطف البدر، وعبدالرحمن العقل) اللذان – مع الأسف – بلعا طعم ضمهما الى اللجنة التأسيسية للمهرجان ليتم استبعادهما عن ادارة المهرجان؟! وأسماء أخرى مستحقة مثل (خليفة خليفوه، وعبداللطيف البناي) فالأول قدم عشرات العروض للأطفال، والثاني أول من كتب مسرح الطفل الغنائي في الكويت.

مهرجان لا يلتزم بشروطه؟!

أصدر المهرجان كتيبا ليبين خطته في العمل بالنسبة للعروض المشاركة، ووضع لها شروطا منها ان تحوز على موافقة لجنة مسرح الطفل، والتي عرفنا فيما بعد أنها ذاتها اللجنة التأسيسية للمهرجان؟!
من تلك الشروط الغريبة: «اشراك بعض الفنانين المعروفين لأداء بعض الأدوار التمثيلية»، ولا أعرف المبرر لهذا الطلب الذي لا يتفق مع منهجية العمل في مسرح الطفل خصوصا، حيث يكرس فكرة النجومية لدى الأطفال، ويعزز الفردية لا العمل الجماعي..الخ من القيم التي يفترض ان تتوافر في مسرح الطفل! والغريب ان المهرجان ذاته لم يلتزم بشروطه، حيث قدمت أغلب عروضه دون نجوم معروفين؟!
ووضع المهرجان شرطا يفرض على الفرق ألا يكون قد سبق لها المشاركة بأي مهرجان مماثل، واشترط على العروض المشاركة من الكويت ألا يكون قد سبق تقديمها داخل دولة الكويت(هذا الشرط تم تفصيله ليتواءم مع عرض المسلم (هروج) الذي سبق تقديمه خارج الكويت؟!)، ولم يطبق هذا الشرط أيضا، على عرض الافتتاح «يلا ينام مرجان» وهو عرض مستهلك قدم منذ عشرين عاما في لبنان وفي أغلب الدول العربية، وسبق عرضه في الكويت أيضا، ومضمونه لا يناسب الأطفال!!

عروض لها ارتباط برئيس اللجنة؟!

من بين الشروط التي أوردها الكتيب الصادر عن المهرجان، تشكيل لجنة لتقييم العروض شريطة ألا يكون لها علاقة بالعروض المشاركة، وقد نُسف هذا الشرط نسفا من أجل المنسق العام للجنة مسرح الطفل حسين المسلم، حيث شاركت فرقة (الجيل الواعي) وهو المؤسس والرئيس والأب الروحي لها بعرض (هروج) وشارك هو شخصيا كمؤلف للعرض أيضا، فأين النزاهة في ذلك وفي الأمر الكثير من ارتباط المصالح؟!

ألا يوجد من يستحق من الكويت؟!

اقتصرت المشاركات الخارجية الفردية على ثلاثة أسماء فقط هم: محفوظ عبدالرحمن من مصر، هيثم الخواجة من سورية، وكريم دكروب من لبنان، ولم تقتصر مشاركة الخواجة على الندوة فحسب، حيث تم ضمه الى لجنة تقييم العروض؟!، ومنح دكروب فرصة تقديم عرض اضافة لورشة كتابة.ومع كل التقدير لتجارب هؤلاء المسرحيين، الا ان ذلك يعطي رسالة واضحة من المهرجان والقائمين عليه، للجمهور وللفرق العربية المشاركة انه لا يوجد من العاملين في مسرح الطفل في الكويت من هو قادر على تقديم محاضرة واحدة حول هذا المجال على المستوى التأريخي، التوثيقي، التحليلي أو التنظيري؟! علما بأن مسرح الطفل في الكويت له الحصة الأكبر بين كل الدول العربية كما وكيفا، وهذا ما تشهد به العروض التي قدمت في هذا المجال منذ تأسيسه عام 1978 حتى اليوم، والتي اقتربت من (300) عرض مسرحي؟!

أين منصور المنصور؟

مع تقديرنا للكاتب محفوظ عبدالرحمن، الا أنه في مجال مسرح الأطفال ليس له دور يذكر، حيث لم يقدم لمسرح الطفل في الكويت أو حتى في مصر الا عملا يتيما شاء القدر ان يكون العمل الأول في مسيرة هذا المسرح الوليد حينها.كما سبق استضافته وتكريمه في الكويت عدة مرات، حتى حفظنا حكايته حول مسرحية (السندباد البحري) وكان الأحق استضافة الكاتب المصري السيد حافظ الذي كتب حوالي(12) مسرحية لمسرح الطفل في الكويت؟!
ومثلما أقصى المهرجان معظم العاملين في هذا المجال (من الأحياء) تجاهل الأسماء البارزة التي رحلت عنا مثل فايق عبدالجليل، عبدالأمير عيسى، ومنصور المنصور الذي تمنيت، وبحثت بعيني في جدول المهرجان، عن ندوة أو حفل تكريم لذكراه، ولكن ذلك قطعا لم يحدث مما أثر على عائلته، كما أثير في رابطة الأدباء.

ولمسابقة النصوص حكاية أغرب؟!

أما مسابقة النصوص فقد حوت الكثير من الملابسات أولها ان نفس اللجنة التي تولت التصفيات الأولى للأعمال حيث تقدم للمسابقة ما يقارب السبعين عملا تم استبعاد معظمها دون تشكيل لجنة جديدة بل اعتمدت على أغلب أعضاء اللجنة المؤسسة؟! – مع احترامي لكل المشاركين في اللجنة ولمكانتهم – ثم شكلت لجنة من أعضاء آخرين لتصفيات المرحلة التالية، وهذا ما لا عدالة فيه، فقد كانت النزاهة تتطلب تشكيل لجنة جديدة ليس لها علاقة بأعضاء اللجنة الأولى، تقوم باختيار رئيس لها وتضع آلية خاصة بها، وتفرز جميع النصوص منذ البداية حتى اعلان النتيجة دون تدخل أو علاقة لأي عضو من أعضاء لجنة المؤسسين، أما ما يثير الدهشة، فيكمن في ان النصوص التي تم اختيارها قبل دخول الأعضاء الجدد وبمعزل عنهم؟! لم يتم فرزها الا أثناء فترة اقامة المهرجان للحاق بيوم الختام واعلان الفائزين؟! هذا مع التأكيد على ان معظم الأسماء التي قيمت نصوص المرحلة الثانية – مع احترامي لهم – علاقتهم تكاد تكون محدودة أو معدومة بهذا المسرح الذي يحتاج لخبرة طويلة ووعي كبير لفهم معطياته.

للأمين كلمة ننتظرها؟!

وبعد، فاننا نترك أمر هذا المهرجان الذي حلمنا به، بما حمل من اشكاليات، بيد الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الأخ والصديق على اليوحة، ونحن على يقين بأنه لن يتوانى عن احقاق الحق ووضعه في نصابه الصحيح، في ظل كل تلك التجاوزات التي وقع فيها المهرجان وهذا الاقصاء المتعمد لجهود كثير من العاملين في مجال مسرح الطفل في الكويت، مع تأكيدنا على امتلاكنا للكثير من المعلومات الأخرى التي نفضل ايصالها مباشرة للأمين العام، الا في حال اضطررنا لكشفها من منطلق «وان عدتم عدنا»!

 

بقلم علاء الجابر:

http://alwatan.kuwait.tt

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *