المهرجان العربي لمسرح الطفل

انتهت فعاليات الدورة الأولى للمهرجان العربي لمسرح الطفل الذي نظمه المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، وخلفت وراءها العديد من التساؤلات حول واقع مسرح الطفل والجدوى من وراء إقامة مثل هذه الفعاليات.

وإذ نشيد بجهود الجهة المنظمة والقائمين على هذا المهرجان ومستوى بعض العروض المشاركة، إلا ان ذلك لا يعكس الواقع الحقيقي لمسرح الطفل وما يعانيه من تدن في مستواه كما لا يعكس حجم الإهمال من كل الجهات المهتمة عندما تركت بعض الدخلاء يعبثون بالمسرح فسادا ويفرغونه من كل أهدافه الأخلاقية والتربوية والتعليمية، فنحن لا نريد مسرحا يتألق في أيام معدودات ثم ينطفئ، بل نريد مسرحا راسخا تحكمه الضوابط والأسس الكفيلة بتحقيق الوظيفة التربوية المنشودة.

وهذا لن يتأتى من خلال نوايا طيبة تقدم من هذه الجهة أو تلك، وإنما يجب أن يبنى على أسس صحيحة ودراسة واعية تتضافر خلالها جهود جهات عدة، مختصة في ثقافة الطفل ومدركة بأن الطفل نتاج تركيب فسيولوجي ونفسي وعقلي، يحمل قدرا كبيرا من الخصوصية، ينبغي التعامل معه باحتراس وموضوعية، بعيدا عن الاستسهال، فلا يصح أن نعزل مسرح الطفل عن الواقع بأبعاده الاجتماعية والثقافية او نفصله عن تركيبة الوسائل الثقافية الموجهة للأطفال بإمكاناتها وتوجهاتها، خاصة في ظل هذه الطفرة التكنولوجية الكبيرة المؤثرة على أفكاره ومفاهيمه وقيمه، بل يجب أن نحرص على أن يكون للمسرح دور في مواكبة هذا التطور من خلال ايجاد صيغ مسرحية تستطيع التعبير بشكل أفضل عن القيم الجمالية والمعرفية، بعيدا عن العروض المسرحية السائدة وصيغها التهريجية وما تحمله من سوء لكل المفاهيم والقيم.

وإن كان من المسؤوليات الكبيرة الواقعة على عاتق الدولة، هي حماية الأطفال، فمن باب أولى أن تتخذ الجهات الرسمية المعنية بثقافة الطفل – أيا كانت – كل الإجراءات اللازمة بوقف هذا العبث بمسرح الطفل والمتاجرة به بقصد الربح السريع باعتبار المسرح سوقا رائجة تنشط خلال مواسم الأعياد والعطل الرسمية.

وبقدر هذا الاهتمام من المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، وخطوته الرائدة في الاهتمام بإقامة مهرجان خاص لمسرح الطفل، وهو بلا شك مبادرة طيبة وطموح في طريق التوجه لإصلاح الخلل من خلال تقديم نماذج من العروض المسرحية المختارة، نتمنى على المسؤولين في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، تكملة المشوار وبذل جهد اكبر في جعل مسرح الطفل وثقافته بصفة عامة محور اهتمام ومسؤولية يتحملها ويشارك فيها كل الجهات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني ذات الصلة مثل وزارة التربية والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم والجمعية الكويتية لتقدم الطفولة العربية وحتى الجمعية الوطنية لحماية الطفل، باعتبار هذا الأمر مشروعا ضخما وخطيرا لن يقوم بجهود فردية او من خلال فعاليات وقتية سرعان ما تنتهي، بل يتطلب جهودا جبارة، ولإيماننا بأن مسرح الطفل على وجه الخصوص لن يرتفع ويصبح صرحا شامخا او يبلغ مكانته المرجوة، ما لم يقتنع المجتمع أفرادا ومؤسسات بأهميته وتأثيره في الأجيال الطالعة.

 

بقلم: حمد الرقعي

http://www.alanba.com.kw/

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *