ابن الشعب الراحل أحمد الطيب العلج ‘معلم رقايقي’، فنان أصيل ومبدع متعدد المواهب

‘معلم رقــايقي’ وفارس يترجل..هي ذي يد المنون لا تفرق بين بني الإنسان. المــوت واحد والفقدان واحد. الموت يذكي لوعة الفراق، خاصة إذا كان الراحل ابن الشعب ومن

 

الشعب، كالسي أحمد الطيب العلج. قامة فنية مغربية ومبدع أصيل. متعدد المواهب، كاتب ومؤلف، شاعر، زجال، ممثل ومسرحي لا يشق له غبار. وقبل هذا وذاك، ملم ومهتم بالثقافة الشعبية بكل ألوانها وروافدها المكونة للهوية الوطنية..

برحيل المبدع الأصيل متعدد المواهب أحمد الطيب العلج، عن عمر يناهز 84 عاما، يكون المشهد الثقافي والفني المغربي قد فقد أحد رواد المسرح المغربي والعربي الكبار، وأحد أهم المعبرين بصدق وشاعرية عن واقع المغرب المعاصر، وقد خلّف وراءه رصيدا فنيا متنوعا، إذ كتب المسرحيات إبداعا واقتباسا وكذا المسلسلات التمثيلية الإذاعية التي شارك في أداء الكثير منها، مثلما كان له نشاط في مجال السينما ممثلا ومشاركا في كتابة سيناريو بعض الأفلام. فهو من قام بكتابة حوار الشريط السينمائي ‘البحث عن زوج امرأتي’ للمخرج محمد عبد الرحمان التازي الذي عرف إقبالا جماهيريا كبيرا فور عرضه بالقاعات الوطنية، وساهم آنذاك هذا الشريط في مصالحة الجمهور مع السينما المغربية.
كـــمــا يعد أحمد الطيب العلج أحد مــجـددي ومطوري القصيدة الزجلية في المــغـرب مستعينا بالتراث الغنائي والموسيقـــي الغــنـــي ومستفيدا من مدرسة الزجل المــصـــري من خلال مبدعيها الكبار، كبيرم التـــونسي وأحمد رامي وحسين السيد وغيرهم . غنى من كلمات الراحل احمد الطيب العلج عدد من المطربين والفنانين المغاربة القصائد والنصوص الزجلية التي كتبها خلال مساره الفني الحافل. ولقب العلج بـ’موليير المغرب’ بفعل اطلاعه على أعمال موليير وافتتانه بها. فقد تعددت مواهبه بين التأليف والتمثيل والشعر والثقافة الشعبية.
مسرحه أصيل .. يعكس هموم ومشاكل الناس وقضاياهم

تميزت أعمال الطيب العلج بالتجديد وتناول القضايا الاجتماعية في قالب كوميدي، كما نهل من التراث الشعبي في سعيه لخلق مسرح أصيل، مستوحيا من فنون ‘الحلقة’ وغيرها من أصناف المسرح المغربي الفطري جل أعماله ليعبر من خلالها عن هموم ومشاكل الناس والقضايا التي تشغل بالهم. كما يعد العلج من المؤلفين الأوائل الذين اجتهدوا في مضمار الاقتباس باقتباسه لمسرحيات عالمية وتقديمها في قالب قريب من الجمهور المغربي، واستلهم في العديد من أعماله أفكاراً من مسرحيات موليير، بأسلوب مزج فيه بين فن الحكاية والإبداع الشعبي.
من أعماله المسرحية المنشورة مسرحيات: ‘حادة’ وهي أول عمل مسرحي له، ‘دعاء للقدس’، ‘بناء الوطن’، ‘السعد’، ‘عيطونة’، ‘النشبة’، ‘جحا وشجرة التفاح’ …ومن مؤلفات العلج بالدارجة: ‘عزيزي أنا’، ‘النفخة’، ‘طالب راغب’، ‘الشهيد’… وغيرها.

ابن فاس العريقة .. ‘معلم رقايقي’ أوصل المسرح المغربي إلى العالمية 

ولد أحمد الطيب العلج في 9 دجنبر 1928 بمدينة فاس العريقة، وأدخله والده ليتعلم حرفة النجارة على يد أحد ‘المعلمين’ ليصبح بدوره ‘معلم’ وسنه لا يتجاوز آنذاك 18سنة. لكنه تعلم القراءة والكتابة فيما بعد، وتأثر بالثقافة الشعبية المغربية التي نجدها حاضرة في مختلف أعماله وكتاباته المسرحية.
يعتبر الفنان والمؤلف المسرحي الراحل أحمد الطيب العلج واحداً ممن ارتكزت عليهم تألقات المسرح المغربي، حيث تقلد في حياته أوسمة وشهادات تقدير على إبداعه في مسيرة الحركة المسرحية المغربية.
هو ذا.. الراحل الكبير، أحمد الطيب العلج، الفنان العصامي الذي تمكن بفضل مثابرته ومجهوده الشخصي من تسجيل اسمه في تاريخ المسرح المغربي والعالمي. تعلّم أول ما تعلم في الكتّاب، ثم ثقّف نفسه بنفسه ودرّس المسرح في مسرح الأمم في باريس، ودرّس علم أصول التدريس المسرحي وهو رئيس قسم الفنون الشعبية في مسرح محمد الخامس في الرباط. مُنح وسام الرضا من الدرجة الأولى ووسام الاستحقاق الفكري السوري من الدرجة الأولى والجائزة الأولى للتأليف المسرحي عن مسرحيته ‘ملاك الدويرة’.

 

سعيد فردي

http://www.alquds.co.uk

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *