“وحشة” تستعيد قصص تشيخوف إلى موسم المسرح القومي

استعاد الفنان رائد مشرف روائع تشيخوف مجسداً عبر ست قصص للكاتب الروسي الكبير لوحات ولفها زهير بقاعي وفق ثيمة الخوف في عرض “وحشة” الذي تعرضه خشبة القباني ضمن تجربة جديدة للمسرح الجوال في سورية.

 

 

العرض الذي مسرح قصص “النحيف والبدين” و”المغفلة” و”المصيبة” و”فرحة” و”وحشة” و”موت موظف” كرر تجربتين قدمها عام 2000 كل من الكاتب جوان جان والمخرج سلمان صيموعة في عرض “المعطف” لغوغول وتجربة الراحل سليمان نصر الدين في عرضه “عن تشيخو” حين استحضر شخصية تشيخوف في حواره مع شخصية “أكاكي أكاكي فيتش” حيث استعار “وحشة” هذه الصيغة الفنية مستحضراً شخصية الكاتب الروسي التي قام بأدائها الفنان جهاد الزغبي في حوار مع شخصيات قصصه.

العرض انزاح بلوحاته نحو ملحمية بريختية مفسحاً مساحة بين الممثل والشخصية إذ جاءت كتعليق تلا كل لوحة حين يخرج الكاتب من خلف شاشة في عمق الخشبة ليدور حوار بينه وبين شخصياته عن مصير هذه الأخيرة.

 

“وحشة” الذي اختار قالباً مدرسياً في صياغته الإخراجية عمد إلى توريات السرد التشيخوفي لتقديم إسقاطات على الواقع الراهن لكنها جاءت باللغة الفصحى مع الحفاظ على الأسماء الأصلية للشخصيات في ظروف تناولها الكاتب عن إرهاصات الثورة الاشتراكية 1905 في روسيا وفشلها ومن ثم نجاحها عام 1917 في القضاء على سلطة القيصر والإقطاعية وإقامة الاتحاد السوفييتي في بلاد بوشكين حيث مهدت كتابات تشيخوف إلى جانب مواطنيه ديستويفسكي وتولستوي لهذا الانقلاب الجذري في بنية مجتمعهم والذي لم يشهده صاحب مسرحية “النورس” بسبب رحيله المبكر في تموز 1904 بعد معاناة طويلة مع مرض السل.

ونقل العرض في قرابة ساعة من الزمن تنويعات أداء جماعية ماهرة لكل من محمد خاوندي وزهير البقاعي ورؤى البدعيش وروجينا رحمون جنباً إلى جنب مع رائد مشرف ومحمد ناصيف وربا المأمون و محمد أيتوني وأحمد عاصي ونضال جوهر ومحمد شما حيث برع هؤءلاء في أداء شخصيات قصصية لطالما كانت مصدر إلهام للعديد من مخرجي المسرح وطلاب أكاديميات التمثيل حول العالم.

 

 

واستند العرض على إضاءة وتقنيات الفنان بسام حميدي في الانتقال من لوحة إلى أخرى عبر الضوء في تعاون مع موسيقا رمضان بركات دون أن يكون لقطع ديكور ريم الماغوط توظيف في بنية العرض بل ظلت خارج الصيغة الفنية للعرض وزائدة عن الحاجة ما قلص فضاء اللعب لدى الممثلين على الخشبة واحتفظت الأزياء بروح نهايات القرن التاسع عشر وفق تصور أسبغه الالتصاق المضني بالنص وعدم معالجته دراماتورجياً وفق سياقات ثقافية وسياسية واجتماعية لجمهور دمشق 2018.

وركز العرض على الصراع الطبقي والخوف والإذعان للظلم والخنوع للأقوى والهبة من الموت ما حدا بالمخرج رائد مشرف ليكتب على بروشور العرض مقتبساً عن تشيخوف “أن تحيا من أجل أن تموت فهذا ليس شيئاً مسلياً أبداً، ولكن أن تحيا وأنت تدرك بأنك ستموت قبل فوات الآوان، فهذا شيء أحمق تماماً”.

يذكر أن عرض “وحشة” من إنتاج وزارة الثقافة “مديرية المسارح والموسيقا” المسرح الجوال وهو مستمر كل يوم الساعة السادسة مساء على مسرح القباني حتى منتصف آذار الجاري والتصوير الفوتوغرافي ليوسف بدوي ومساعد المخرج رامي سمان وتصميم الإعلان لزهير العربي وتنفيذ الديكور لخولة يونس وتنفيذ الإضاءة لعماد حنوش وتنفيذ الصوت لركان عضيمي ومدير المنصة لهيثم مهاوش ومسؤول الإكسسوار والملابس علي النوري.

سامر اسماعيل

https://www.arabyoum.com/

شاهد أيضاً

الكتاب المسرحي العربي للمرة الأولى في جيبوتي. اسماعيل عبد الله: حضور منشورات الهيئة العربية للمسرح في معرض كتب جيبوتي حدث مفصلي في توطيد الثقافة العربية.

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *