دمى المسرح و الروبوتات ..!!؟

 

هايل علي المذابي

لطالما تسائلت عن مستقبل الدمى والعرائس في عصر الروبوتات والرقميات وعن إمكانية استبدال الدمية في عالم المسرح بروبوتات تكفي مؤونة تحريكها وملاعبتها على خشبات المسارح وتغني عن الإنسان وصوته الذي يرافق ملاعبتها لكن تساؤلي هذا كان يحتاج إلى عالم حتى أطرحه عليه ولأنني لم أجد عالماً فقد طرحت السؤال على نفسي وحاولت أن أجد إجابة …!!
صناعة الدمى المسرحية فن عظيم يعتمد على إحساس الصانع ومهارته، إلا أن هذه المهارة والفن ستكون بمنأى حين يغيب محرك الدمية وصوته حيث يعتمد التلقي على الألفة والجاذبية التي يصنعها الصوت البشري الذي يرافق حركة الدمية على خشبة المسرح وهذه الألفة والجاذبية أطلق عليها العالم الياباني موري تعبيراً جديداً يسمى ” شينواكين ” وهو مصطلح اخترعه لعدم وجود كلمة مضادة للمصطلح الذي يعني ” وادي النفور ” ويعتقد مترجم مقالة موري وهو الباحث ماكدورمان الآن أن كلمة ” شينواكين ” تعني نوعاً من أنواع التعاطف وأقف هنا لتوضيح فكرة ” وادي النفور ” و”أنواع التعاطف” ..
“وادي النفور”
قبل ثماني سنوات، كان كارل ماكدورمان يعمل حتى وقتٍ متأخر في جامعة أوساكا باليابان عندما دبت الحياة في جهاز الفاكس لديه حوالي الساعة الواحدة صباحًا وأخرج مقالًا عمره ٣٥ عامًا باللغة اليابانية أرسله إليه أحد زملائه.
أسر المقال اهتمام ماكدورمان الذي كان يعمل وقتها على تصميم روبوتات أندرويد تتسم بالواقعية المفرطة. حذر المقال أنه إذا ما أصبحت الروبوتات الاصطناعية تشبه الهيئة البشرية إلى حد كبير سيشعر الناس بالنفور. ومن ثم أعد مع زملائه ترجمة إنجليزية سريعة لهذا المقال وأطلقوا على هذه الظاهرة اسم “وادي النفور”.
فقدان التعاطف: عندما تبدو الكائنات الاصطناعية مثلنا، فإنها تقع ضمن ما يطلق عليه “وادي النفور”. وقد يرجع السبب في ذلك إلى كوننا نشعر بتعاطف أقل تجاهها كما يوضح هذا الرسم التوضيحي.
وفي حين أنه من المعروف أن سمات الوجه والجسم غير الطبيعية يمكن أن تدفع بعض الناس لتجنب الآخرين، يؤمن بعض الباحثين أن التصميمات الاصطناعية الشبيهة بالإنسان تثير أعصابنا بشدة. كان المقال الذي قرأه ماكدورمان قد نُشر عام ١٩٧٠ بقلم عالم الروبوتات ماساهيرو موري، وكان عنوانه “وداي الخوف”. وتناول المقال قدرة الروبوتات الشبيهة بالإنسان على إثارة شعور عجيب بعدم الارتياح لا تسببه الروبوتات الآلية الأخرى.

التعاطف
وفقًا لعلم الأعصاب الإدراكي، ينقسم التعاطف غالبًا إلى ثلاثة أنواع: إدراكي وحركي ووجداني. أما التعاطف الإدراكي: فهو في جوهره القدرة على فهم وجهة نظر الآخرين وسبب اتخاذهم لقرارات بعينها؛ الأمر يشبه لعب «الشطرنج الاجتماعي» كما يصفه ماكدورمان. أما التعاطف الحركي فهو القدرة على محاكاة حركات مثل تعبيرات الوجه وأوضاع الجسد. بينما التعاطف الوجداني هو إحساس بالمشاركة الوجدانية أو القدرة على الشعور بما يشعر به الآخرون. وتفيد نظرية ماكدورمان بأن شعور النفور يظهر عندما نشعر بأنواع معينة من التعاطف دون الأخرى.
ومن هذا نجد أن العلاقة التي تربط المتلقي بالدمية هي علاقة المشاركة فكلما كانت الميكانزمات في الدمية احترافية ودقيقة كلما كانت المشاركة الإدراكية والحركية أكبر وهذا أيضا يعتمد كذلك على مهارة محرك الدمية للخيوط وهذا بدوره يصنع التعاطف ويخلق الألفة والأمر بالمثل مع التعاطف الوجداني الذي تعجز الدمية عن تقديمه بدون صوت الملاعب لها فيشارك المتلقي بناء على دقة ذلك ومهارته الدمية مشاركة وجدانية ثم وباكتمال هذه المشاركات الثلاث يتحقق الإنسجام وتتحقق الألفة وتتجاوز الدمية خط النفور .
ولأجل ذلك يكون من المستحيل إيجاد بديل لدمى وعرائس المسرح أو استبدالها بروبوتات لأن هذه الأخيرة لاتستطيع أن تحقق المشاركة الوجدانية وكذلك الإدراكية مع المتلقي ما يجعل من الصعوبة اعتبار وجودها على خشبات المسارح فناً وكذلك يجعلها جالبة للنفور والخوف على عكس دمى المسرح ويزداد التوضيح لهذا بالرسم البياني .

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *