المسرح في العراق بين الأمس واليوم! 3

27

 

4- لم يعد للفرق الأهلية الخاصة وجود، تلك الفرق التي كان المسرح العراقي يتباهى بأعمالها التي تنافس اعمال فرقة الدولة . لقد تجمدت انشطة تلك الفرق وتشتت اعضاؤها فمنهم من هاجر خارج البلاد ومنهم من تقاعد او من يئس ومنهم من لم يستطيع انتاج عمل مسرحي حيث ليس لديه مبلغ مالي يغطي كلفة الانتاج كما كان الحال في السابق، ولم تعد وزارة الثقافة تفكر في احياء تلك الفرق ودعمها وتنشيط عملها. ولم يبق الا ما سمي بـ(الفرقة الوطنية للتمثيل) ومن يعمل تحت اسمها ليسوا من اعضائها دائماً وإنما افراد من خارجها يستظلون بظلها، ولم تعد هناك فرق تابعة للمنظمات المهنية كما كان الحال في السابق ولم تعد اقسام المسرح في المعاهد وكليات الفنون تقدم اعمالاً على شاكلة اعمال الأمس في مستواها الفكري والفني العالي. وحتى تلك المجموعات التي يمكن ان تصنف ضمن منظومة المسرح التجاري فان اغلبها غير مجاز بموجب قانون الفرق التمثيلية الساري المفعول. وشكراً للمجموعات المسرحية الناشطة في عدد من محافظات البلاد لاستمرارها في تقديم اعمال مسرحية جيدة احياناً وفي اقامة مهرجانات مسرحية محلية احياناً وعربية احياناً اخرى.
5- ولولا اصرار المسرحيين الحقيقيين في العراق على ان يبقوا حاضرين في الساحة المسرحية العربية والدولية احياناً والمشاركة في المهرجانات خارج البلاد لما التفتت الجهات المسؤولة ولما اهتمت بتلك المشاركات. ولولا الاصرار على التواصل مع المسرحيين في الخارج لما اضطرت دائرة السينما والمسرح لإقامة مهرجانات مسرحية بشكل غير منتظم كما كانت بالأمس.
6- عودة النشاط لمجموعات المسرح التجاري تلك التي يمولها اشخاص من خارج الوسط. والغريب ان فرقة الدولة هي الأخرى راحت تجاري تلك الانشطة وتعتمد على ممولين من خارج كادرها لاسيما وان الميزانية التشغيلية لدائرة السينما والمسرح قد تقلصت كثيراً ما اضطر ادارتها الى الاعتماد على التمويل الخارجي. ويلاحظ اليوم ان اكثر من اربعة عروض للمسرح التجاري تعرض الى الجمهور المتزايد الذي يبحث عن مرفق من مرافق التسلية ليتخلص لساعات من الارهاق ومن القلق ومن الاحزان ولابد من الاشارة الى ان في تلك العروض قواسم ترفيهية مشتركة كالرحلات الغنائية والرقصات الساذجة والنكات السمجة والتشبيهات المعيبة والاعتماد على الحوار المنطوق والافتقار الى الصور المسرحية الموحية.
7- رغم عدم وجود سلطة رقابية على النصوص والعروض المسرحية الا في نطاق ضيق هو نطاق دائرة السينما والمسرح وبما يخص اعمالها المسرحية الا ان هناك سلطة رقابية خفية تفرضها الاعراف والتقاليد ومنها ما هو زائل او مستبدل.
ولابد في نهاية هذه المادة ان اشيد بجمهور المسرحيين الشباب الذين لولا مواصلتهم للعمل المسرحي ومد الانشطة المسرحية بدماء جديدة لحكم على المسرح العراقي بالانتهاء او بالانطفاء. وقد يتساءل القارئ الكريم: إذن ما السبيل الى اعادة الامور الى نصابها الصحيح؟ فستكون الاجابة بالرجوع الى معطيات الأمس وقد يرد بأن الأمس قد فات فأقول نعم ولكن يجب استحضاره وبرؤى جديدة، واذا كنا نريد ان يبقى العراق بلداً حضارياً لا ان يتراجع الى التخلف والعقم فلنعمل جميعاً على استحضار مسرح عراقي اصيل، مسرح يهم الناس جميعاً، مسرح ملتزم بقضايا شعبنا المحروم المكلوم، مسرح بمستوى فني عال، مسرح مكتمل العناصر الدرامية والمسرحية والفنية، مسرح خالٍ من الغموض والتهويم، مسرح يدعو الى تغيير المجتمع الى ما هو افضل.

 

سامي عبد الحميد

http://www.almadapaper.net/

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *