“ثقافي كلباء” يستضيف ندوة من “ملتقى الشارقة للبحث المسرحي”

أقيم صباح أمس الأربعاء في قاعة المحاضرات في المركز الثقافي في كلباء على هامش مهرجان المسرحيات القصيرة “ملتقى الشارقة الثالث للبحث المسرحي” الذي يتناول أهم البحوث المنجزة في أكاديميات المسرح في الوطن العربي، وقد قدم خلال هذه الدورة بحثان مسرحيان هما “الرؤى الإخراجية في المسرح المغربي، رحلة النص من الكتابة إلى الركح” لسميرة العسيري، و”نحو أنثروبولوجيا الحركة الجسدية، منطقة الكاف في تونس نموذجًا” لنوفل العزارة، وأدار الجلسة فريد الرقراقي من المغرب.

رأت العسيري أن المسرح المغربي لا يعاني أزمة نص كما يدعي الكثيرون، بل يعاني بالدرجة الأولى أزمة غياب رؤية إخراجية عميقة قادرة على تجسير الهوة بين قوة النص والتنظير الأدبي في المسرح، وبين ضعف الجانب الفني الجمالي وصناعة الفرجة، فهناك تنظير كبير ونصوص مسرحية جيدة، لكن الجانب العملي الإخراجي لا يزال ضعيفًا، وبحاجة إلى تطوير، فالإخراج يحتاج إلى الإبداع والتخلص من إسار النص، في سبيل بناء رؤية متقدمة مبتكرة، تراهن على الفن والجمال.

وأضافت العسيري أنه رغم إعجابها بموضة التجريب وما تقدمه من ملامح جديدة، وما تراهن عليه من مغايرة للسائد، وبحث عن الابتكار في المسرح المغربي، فإنها تعتبر أن أغلب التجارب الإخراجية موغلة في التجريب بشكل يجعلها تبدو مجرد صور بلا تصورات وأشكال بلا مضامين، تجذب العين، لكنها تفتقر إلى الجوهر والروح الرؤيوية التي تكسبها الحياة، وتعزو الباحثة ذلك إلى اللهاث وراء التجارب الإخراجية الغربية والتسابق إلى استنساخها من غير روية، ودونما اعتبار للفروق الحضارية والاختلافات الاجتماعية بين المجتمعات التي تقدم فيها، وبين المجتمع المغربي.

ولاحظت العسيري أن زمننا الحاضر هو “زمن الدراماتورجية الركحية” التي قضت على “زمن النص الدرامي”، الذي تقهقر بشكل واضح، تاركًا المجال لمصلحة عناصر الفرجة الباذخة، التي أصبح بإمكانها التناغم مع رؤية المخرج لصناعة الإمتاع، ومن الصعب قراءة الحساسية المسرحية الجديدة بالانطلاق من أدوات النقد المسرحي التقليدي، لأنها في أغلبها عروض منفلتة متمردة عصية على القراءة والتصنيف.

واستهل نوفل العزارة بحثه بالحديث عن تجربته كممثل مسرحي مدرس له وباحث فيه، ما جعله يخلط التجربة بالتنظير، ويجعل التجربة هي منبع أفكاره ورؤاه وقد أدى به اشتغاله المسرحي إلى ملاحظة ما للحركة من أبعاد فلسفية وجمالية لدى الأمم على اختلافها، وما لفهم تلك الحركة والإحاطة بها من أثر بالغ الأهمية في الفنان المسرحي، يمكنه من اختزانها واستحضارها متى شاء على خشبة المسرح، وهذا ما دفعه كما يقول، إلى دراسة تلك الحركة في وضعها الأنثروبولوجي كمظهر لممارسة الحياة الإنسانية الخاصة للمجتمع، وعلى هذا المستوى لا تبقى الحركة مجرد فعل فيزيولوجي، بل تغدو حاملاً ثقافياً بالغ الخصوصية.

وأضاف نوفل أنه تبعاً لهذه الفرضية درس بالتفصيل أنواعاً من الحركات التقليدية في منطقة الكاف التونسية، ودرس بشكل خاص حركة الراعي والفلاح، وحركة جسد المرأة التقليدية، فلكل من تلك الأنواع الحركية طقوسه وتقنياته بدلالاتها المختلفة، وبسياقها النفسي والاجتماعي والطبيعي الذي ترد فيه، ومهما كانت تلك الحركات التي تقوم بها تلك النماذج الإنسانية فهي لشدة ارتباطها بهم وبوظائف حياتهم، وبخرائط تفكيرهم، تشكل مفاتيح دلالية للمعاني الكامنة في حياتهم.

وخلص العزارة إلى أن دراسة أنواع الحركات المرتبطة بوظائف حياة الإنسان في مختلف البلدان العربية ووضعها في نماذج قادرة على التطبيق مسرحيًا، سوف يقدم للمخرج والممثل فائدة كبيرة، وهي لا تزال ميدانًا خصبًا للتجريب يمكن أن يقدم أعمالًا إبداعية ثمينة.

 

http://www.emiratesvoice.com/

 

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *