مواهب تتفتح على خــشبة المسرح

مواهب شابة واعدة كشفت عن نفسها بقوة في تجارب أداء قدمها، أول من أمس، المشاركون في الدورة التدريبية المكثفة في فن المسرح، التي نظمتها وزارة الثقافة

 

 

 

والشباب وتنمية المجتمع على مدى ‬21 يوماً، وشارك فيها ما يزيد على ‬30 مسرحياً، من منتسبي مسارح أبوظبي، وأدارها المخرج العراقي الدكتور جواد الأسدي، وأشرف عليها مدير إدارة الانشطة الثقافية بوزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع الفنان الإماراتي الدكتور حبيب غلوم.

تشجيع

قال مدير إدارة الفنون في «الثقافة»، وليد الزعابي، إن «وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع تسعى، من خلال مثل هذه الدورات، إلى تحفيز الطاقات الكامنة لدى الشباب، واحتضان وتشجيع المواهب المسرحية الشابة وتنميتها ودعمها، كما تسعى إلى وضع اليد على مكامن الخلل في المسرح، ومناقشة الإشكاليات التي تعوق تطوره وتقدمه، الأمر الذي سيعود بالنفع والفائدة على المسرح الإماراتي بشكل عام، من خلال رفد الساحة المسرحية بجيل شاب جديد قادر على إكمال المسيرة المسرحية لمن سبق من مبدعي المسرح الإماراتي، وذلك من خلال الورش الفنية المتخصصة التي تحرص الوزارة على تقديمها طوال العام، إضافة إلى الندوات الفكرية لتهيئة الشباب المشاركين، من أجل تحضيرهم والانتقال بهم من مرحلة الهواية والبدايات إلى مرحلة الاحتراف».

وأضاف الزعابي أن «هذه الدورة التي تأتي بمشاركة ‬30 منتسباً من جميع مسارح ابوظبي، ومنها مسرح أبوظبي، ومسرح بني ياس، ومسرح زايد للطفولة، ومسرح العين الشعبي، تتيح للمنتسبين امتلاك المهارات المستمدة من تجارب عربية عريقة في فن المسرح، وهذه إمكانات تليق بالمكانة العالمية لأبوظبي كعاصمة للثقافة والفنون وحاضنة للإبداع».

وخلال حفل أقيم في القاعة الصغرى بالمسرح الوطني بأبوظبي، كرّم الوكيل المساعد لشؤون الثقافة والفنون بالوزارة بلال البدور، المشاركين في الدورة، بحضور الدكتور حبيب غلوم، ومدير إدارة الفنون وليد الزعابي. وقدم عدد من الشباب المشاركين في الورشة تجارب أدائية (فردية وثنائية)، وعلى الرغم من اعتماد هذه التجارب على إمكانات بسيطة، إلا أنها كشفت عن التطور الذي اكتسبه المشاركون في الدورة، وبرز فيها تفاوت في مستوى وطرق الأداء من فنان إلى آخر، فقدم البعض أداءً يفيض بالحيوية والسلاسة، والقدرة على الارتجال، واستطاع آخرون أن يمسوا مشاعر الحضور، في حين شاب أداء البعض قدر من المبالغة التي ترجع إلى نقص الخبرة، ويمكن تجاوزها مع تعدد التجارب والانخراط في العمل الاحترافي.

وناقش الشباب في العروض التي قدموها قضايا من المجتمع، مثل تعدد الجنسيات والثقافات في الإمارات، وصراع الأجيال، والبحث عن الذات، والبطالة، إلى جانب الخيانة الزوجية، والعلاقات عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وأشار المخرج جواد الأسدي إلى أن معظم المشاركين في بداية الدورة كانوا يعرفون المسرح لكن بطريقتهم الخاصة، ويضعون أولى خطواتهم على طريقه، ولكنهم أثبتوا خلال العمل بإخلاصهم ومثابرتهم أن لديهم شغفاً غير مسبوق، ورغبـة صادقـة في العطاء للمجتمـع، معتبراً أن الأمر ملقى على عاتق المسؤولين في الأخذ بيد الشباب، حتى يعبروا عن ثقافاتهم وإنسانيتهم بطريقة جديدة، فالمستقبل لهم.

وذكر الأسدي أن جزءاً من جمالية المشهد خلال الدورة، وفي أبوظبي والإمارات بوجه عام، أنها ليست إماراتية فقط، فهي تعبر عن التعايش الإنساني والثقافي مع الآخـرين من مختلف الجنسيات. وتوجه بالشكر إلى وزارة الثقافة والشباب وتنميـة المجتمع على تنظيم الدورة، وللشباب المشاركين، خصوصاً الذين يقيمون في مدينـة العين وكانوا يحضـرون يومياً إلى أبوظبي.

على الطريق

عن مشاركته في الدورة، أشار الإماراتي علي الغساني، الذي قدم عرضاً متميزاً، إلى أنه استفاد كثيراً من الدورة، لاسيما في ما يتعلق بالتغلب على الخجل أمام الجمهور، والتخلص من الخوف، إلى جانب التعرف إلى ثقافة المسرح، وإلى أفكار جديدة لم يكن ملماً بها، لافتاً إلى أن المشهد الذي قدمه تم إعداده بالتعاون مع جواد الأسدي، الذي وضع له الفكرة والحوار.

وأوضح الغساني، الذي يدرس الإعلام والعلاقات العامة في كلية الإمارات، أنه «انضم منذ ما يقرب من عام إلى مسرح بني ياس، وشارك من قبل في أعمال عدة، من بينها مسرحيات (بهلول)، و(فاصل ونواصل)، و(سبيس زون)».

في حين قالت الإماراتية عويش السويدي إن «الدورة أسهمت في صقل موهبتها التي ظهرت، من خلال تعلقها الشـديد بالتمثيل منذ طفولتها»، مشيرة إلى أنها «كفتاة إماراتية مازالت تواجه صعوبة في دخول الوسط الفنـي، نظراً لتحفظ بعض فئات المجتمع على مشاركة الفتاة في هذا المجال، إلا أن الأمـر أصبح اكثر سهولة من السابق».

وذكرت السويدي، وهي عضو في مسرح أبوظبي ومسرح أبوظبي للشباب، أنها «تشارك حالياً في مسلسل تلفزيوني بعنوان (ميلاد الروح)، وتستعد للمشاركة في مسلسل آخر مع المنتج منصور الغساني مع بداية فبراير المقبل».

أما محمود الجارحي، فقال إن «استفادته من الدورة لم تقتصر على التمثيل فقط، ولكن كمخرج أيضاً، إذ اكتسب معرفة بكيفية فهم نفسية الفنان خلال العمل، وإخراج ما بداخله وتوظيفه على المسرح، إلى جانب كيفية مساعدة الفنان المبتدئ على التغلب على خوفه وخجله، وكل ما يختص بتحويل العمل الفني من كلام مخزون في العقل، وحتى يصبح شخصيات تتحرك على خشبة المسرح».

جيل جديد

قال بلال البدور: «إن تنظيم الوزارة لمثل هذه الدورات التدريبية يأتي ضمن استراتيجية الوزارة (‬2011 ـ ‬2013)، لدعم الأنشطة الثقافية والفنية، ورفع مستوى الوعي بالثقافة الإماراتية، والارتقاء بالحركة الفنية، والحفاظ على التراث الإماراتي غير المادي، إضافة إلى احتضان وتشجيع المواهب المسرحية الشابة، وتقديم جيل جديد يكون رافداً للحركة المسرحية، وإعادة دور المسرح الذي كان وعبر تاريخ المسرح العربي رافداً مهماً للطاقات الإبداعية من الشباب، ونافذة لتصدير الكوادر الفنية التي شكّلت منعطفاً كبيراً في مسيرة الفن والثقافة العربية».

من جهته، أكد حبيب غلوم أن «المسرح أداة فاعلة ومؤثرة في صقل المواهب الفنية الواعدة، وترسيخ بنية التنمية المجتمعية المستدامة»، لافتاً إلى أن الدورة اعتمدت منهجاً تدريبياً جمع بين المعلومات النظرية والجانب العملي، الذي شملألاألا جملة من التدريبات على الأدوات الأساسية في استخدام الممثل إمكاناته التعبيرية، وتنمية مهاراته في توظيف أدواته للتعبير على المسرح، والارتقاء بوعى المتدربين بقدراتهم التعبيرية في الصوت والجسد، كما أسهمت في إتاحة فرصة للمتدربين على الاكتشاف والتجريب العملي في مجال فن الممثل، وتنمية العامل الإبداعي والخيالي لديهم، وإزالة المعوقات النفسية والحرفية لدى المتدربين، من خلال تمارين في المهارات المسرحية، كما ركزت على تصحيح بعض المفاهيم المرتبطة بالمسرح والممثل».

خبرات عربية

أعرب حبيب غلوم عن امتنانه لتقديم الدكتور جواد الأسدي للدورة التدريبية المكثفة في إطار الفعاليات التي تنظمها وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، وتهدف إلى تطوير وتنمية المواهب المسرحية الشابة في الإمارات، والاستفادة من الخبرات العربية العريقة في هذا المجال، وتعريف الشباب بفن المسرح والتمثيل المسرحي، لما يحمله جواد الأسدي من خبرة كبيرة وإنجاز فني متنوع في المسرح التجريبي العربي، مدللاً على ذلك بالدورة التدريبية التي أقامها الأسدي في عام ‬1985 بإمارة الشارقة، إذ تخرّج منها نواة ومؤسسو المسرح الإماراتي اليوم، واخراجه لمسرحيـة «مقهى أبوحمدة» التي شاركت في ذلك الوقت بمهرجان المسرح التونسي، وحصل الفنان أحمد الجسمي، والفنانة سميرة أحمد، على جائزة «أفضل ممثل وممثلة دور أول» في الوطن العربي.

وكشف غلوم أن العديد من المواهب الفنية التي برزت، من خلال هذه الدورة التدريبية والعروض التي قدمها الشباب المشاركون، خلال أيام التدريب العملي، ستتم الاستعانة بهم خلال عمله المسرحي الجديد، الذي يتم الإعداد له حالياً للمشاركة في مهرجان أيام الشارقة المسرحية.

 

المصدر:

    إيناس محيسن – أبوظبي

http://www.emaratalyoum.com

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *