علي مهدي يسرد تاريخ المسرح السوداني وتجربته مع “الفرجة”

 

استعرض الممثل والمخرج المسرحي السوداني علي مهدي، مساء أمس الأول خلال جلسة حوارية نظمها النادي الثقافي العربي، تاريخ المسرح السوداني مضيئاً على تجربته الشخصية في العمل المسرحي، وخروجه عن تقاليد المسرح الكلاسيكي إلى ما سمى بمسرح البقعة أو “الفرجة” .


التفت مهدي، خلال الجلسة التي أدارها خبير المسرح التربوي محمد سيد أحمد، إلى بدايات المسرح في السودان معيداً ظهور أول مسرحية فيه، إلى عام ،1902 حين قدم المسرحي رائد تعليم المرأة السودانية بابكر البدري عرضاً مسرحياً ذهب ريعه لإنشاء أول مدرسة لتعليم الفتيات وكانت في مدينة رفاعة في الجزيرة .

وربط قصة المسرحية تلك في دور الفن بإحداث تغير في المجتمعات، مشيراً إلى أن البدري كان متنبهاً إلى أن تعليم المرأة يعني تنوير المجتمع بكامله، ونجح في ذلك بجهد ذاتي، إذ كان يدور في الأسواق وعلى البيوت يدعو إلى مسرحيته، التي قدمها في بيته بديكور بسيط .

وتتبع مهدي تاريخ تطور الحركة المسرحية السودانية، متوقفاً عند أهم المسرحيات التي عُرضت منذ خمسينات القرن الماضي وحتى التسعينات، وتنبه إلى أن بنية المجتمع السوداني أسهمت بشكل كبير في تحقيق حركة رائدة في المسرح العربي، وذلك – وفق مهدي – من خلال تأثره بالحكايات والأغاني الشعبية التي تستند في عرضها إلى الجمهور المتحلقين حول الحكواتي أو المغني .

واعتبر مهدي أن عام 1967 هو البداية الحقيقية للمسرح السوداني الحديث، وذلك من خلال المسرحيين الذين عادوا من البعثات الغربية، من أمثال الفكي عبد الرحمن .

وأشار إلى أن مسرحة “هو وهي” كانت نقطة تحول في عمله المسرحي، حيث لم تعرض في المسرح القومي السوداني كما كان سائداً في تلك الفترة، واستخدمت فيها وسائل إنتاج المسرح المصري .

وتابع في سرده لسيرته مع تطور المسرح السوداني، بتوقفه عند عام ،1989 موضحاً أنه قدم مسرحية مأخوذة من رواية بعنوان “المسمار”، تدور أحداثها حول شخص يدّعي أنه طبيب ويفتح مركزاً طبياً ويوظف ممرضاً يعالج الناس، وبعد فترة يقتنع أنه طبيب، ويأخذ عضوية نقابة الأطباء، ثم يترشح لرئاسة النقابة ويحصل عليها، إلى أن تصل به الجرأة للترشح إلى رئاسة الجمهورية .

ولفت مهدي إلى أن عادته قبل توجهه إلى مسرح “البقعة”، كانت الخروج عن النص، ودمج الجاري من أحداث يومية بالعرض المسرحي، حيث أشار إلى أنه كان يقرأ الصحيفة خلال العرض، ويسقط الشأن السياسي للبلد في إضاءة من المسرحية، وأكد أن عام 1997 شهد ولادة مسرح البقعة، مسرح الشارع، في تجربته .

وأوضح مهدي أنه في تلك الفترة اشتغل على التنظير لأعماله المسرحية، وكان يكتب وثائق تتناول فلسفته في المسرح، وكتب وثيقة في تلك المرحلة جاءت مع انهماكه في الخروج عن كلاسيكية المسرح، جاءت بعنوان “الحق والجمال” .

ولفت إلى أنه بعد سنة ،1997 بدأ مسرحاً مختلفاً لا يحتاج إلى خشبة وديكور فخم، ويكتفي بأي بقعة أرض، أو ساحة أو شارع، ولم يعتبر نفسه منذ حينها أنه يقدم عرضاً للجمهور إنما هو يتداعى معه .

واختتم مهدي حديثه بالتوقف عند تجربته الأخيرة في صناعة المسرح، الذي اشتغل عليه قبل انفصال السودان، وتقديمه لعروض مسرحية وحكايات شعبية، لدمج الأطفال الذي نشأوا بين الجماعات المسلحة .

وسرد حكايته مع الأطفال الذين قضوا نصف عمرهم بين السلاح، وكيف كانوا يرفضون التجمع لمشاهدة العروض، وكيف حين وافقوا على متابعة العرض، ظلوا منقسمين كلٌ وفق قبيلته وانتماءاته .

وأضاف أنه توصل بعد فترة من العمل معهم استطاع دمجهم وتكسير القيود التي فرضتها الحالة السياسة وأيديولوجيا صنعتها الأسلحة، مشيراً إلى إمكانية الفن والمسرح خصوصاً على التغيير وتحقيق إصلاح اجتماعي . وفي الختام فتح مدير الجلسة الباب أمام الحاضرين لتقديم المداخلات حول واقع المسرح السوداني .

 

الشارقة – محمد أبو عرب:

http://www.alkhaleej.ae

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *