إقبال الجمهور علي مسرح «الغد» يفتح شهية المبدعين

المخرج ناصر عبدالمنعم حالة إبداعية ثائرة دائماً في مرة يقدم فيها عملاً جديداً أعرف انه لا يعتبره مجرد عرض مسرحي بل هو يستعرض نماذج مصرية بكل ما تحمل من صدق وواقع مؤلم متدن وربما يطرح في النهاية أحلاماً.

 

 

اذا كان لها مكان في الطموح المتاح للموطن المصري لكنه هذه المرة يقدم لنا مسرحية عن صعيد مصر الذي يجمع بين كل التناقضات فهو مخزن التقاليد والقيم والعادات ومستودع الاحكام المرفوضة اجتماعياً ويكفي «الثأر» نموذجاً- في عرض مسرح الغد الجديد «ليل الجنوب» يقدم المخرج ناصر عبدالمنعم هذه النماذج من خلال نص محكم مبدع للكاتب المسرحي المثابر شاذلي فرح يقدم فيه ثلاثة نماذج لسيدات من صعيد مصر واحدة منهن تقتل ابنها الوحيد بنفسها حتي تبعده عن لعنة الثأر الذي اقترب من رقبته.. فهي ترفض أن يقتله آخرون في مثل هذا العرف الاجتماعي الفج.

أما المرأة الثانية فهي جامعية درست وتعمقت في الكتب والنت.. وبرغم ما نتخيله انها مستنيرة الفكر.. إلا انها تقبل رغماً عنها الزواج الذي لا يختلف عن الاغتصاب من ابن عمها.. خوفاً من غضب أبيها ولا تعرف مدي هذا الغضب وماذا يمكن أن يصل به العنف تجاه ابنته. أما المرأة الثالثة فهي المحرومة من الانجاب.. وفي نظر أهل الصعيد هي مثل الارض البور التي لا تستحق أن تستمر وحرقها وتغريقها أهون من بقائها.. هذه حالات للاسف موجودة ولا تزال في بدايات القرن الواحد والعشرين تدب وتضرب في عقولنا وقلوبنا- وكأنها تسخر من حضارتنا من قيمنا ومن وجودنا.. ديكور الدكتور محمود سامي كان بارعاً في احتواء النص الرائع شكل مع الحوار جوانب حية من إيقاع انساني جعلنا نبكي في كل حناياه باحثين عن مخرج لهذه المعاناة المستمرة والتي تستند دائماً إلي الموروث الشعبي القميء ملابس الفنانة نادية المليجي مناسبة للعرض جداً وأظهرت النص في أحلي صوره وحولت مسرح الغد الي كتلة حية من الابداع والتألق.
أما ما جعلني في حالة من النشوة والاحساس بالطمأنينة علي أذواق الجمهور هو التزاحم الشديد جداً علي صالة العرض والذي وصل الي حالة تقرب من ثورة نحو مشاهدة عروض جادة لا تزال تعطي الامل في أن الجمهور بخير وان هذا الجمهور يعرف ماذا تقدم هذه المسارح وماذا يقدم مخرج في حجم ناصر عبدالمنعم الذي يعمل في صمت بعيداً عن الصخب والضجيج والبروباجندا.

 

كتب – نادر ناشد :

http://www.alwafd.org

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *