«جلسة سرية».. لغة مسرحية ضلت الطريق في توظيف رموزها

قدمت المسرحية العراقية «جلسة سرية» من تأليف الفيلسوف الفرنسي الوجودي جان بول سارتر، على مسرح هاني صنوبر في المركز الثقافي الملكي، ضمن فعاليات مهرجان المسرح الأردني التاسع عشر.

 

 

النص الأدبي الأصلي، الذي اشتغل على اعداده وإخراجه علاء قحطان، يتحدث عن اجتماع ثلاثة شخصيات في سياق متخيل في جهنم، الأولى جندي يهرب من خطوط المواجهة مع العدو، والثانية، إمرأة تكره الرجال، الثالثة إمراة متزوجة خائنة، كانت تدنس زاوجها مع عشيق .تنتهي صياغة سارتر للنص بأن الجحيم الذي يقترفه البشر فيه اهوال مجازا أكثر من جهنم .

الإعداد الذي قام به قحطان قدم بصياغة في سياق رمزي لدير يحاول فيه الكهنة من تجريد شخصا كتابا يمثل العلم والمعرفة، على اعتبار أنه كفر وعصيان، ولا يستطيع الكهنة من تجريده من هذا الكتاب، إلى أن يجلبوا له كاهنا غربيا، ووفق طقوس غريبة تعتمد على الضغط النفسي ينجح في تدجينه بعد ان يهدده الأخير ويفاوضه على ابنته فيرضخ.

البناء العميق للعرض أظهر شخوص الكهنة كسلطات مستبدة بالناس، ومثالهم الأميركيين الذين خلقوا الجحيم الاخر للشعوب على الأرض، مؤشرا على ذلك أداء رجل الدين الأخير برقصه الروك أندرول، وما يقصده العرض هو الجحيم الذي صنعه الأميركيون في بلادهم. غير أن الفضاء الذي أنشأه الإخراج في رموزه وعلاماته قد ضل طريقه بالتأشير إلى أن الكهنة وما تطرحه السماء هوالإستبداد، فلا بد من اتساق السياق وتناغمه وخاصة أن السماء ما طرحته ومنذ مجيء البشر إلى الأرض هو التسامح والرحمة، وليس غير ذلك، وهو المعادل الموضوعي والفني.

وإذا كان رولان بارت ينظر إلى العالم على أنه حشد من العلامات، فإنه يمكن النظر إلى هذا العرض على أنه حقل من الإنساق العلاماتية، ولذلك لا بد من التواصل مع مدلولاته من باب الحياة الاجتماعية، بإحالة أنساقة المرئية والسمعية إلى التحليل لاكتشاف مختلف الأبنية التي يتأسس منها شكل هذه المسرحية.

جاءت أنساق المظهر الخارجي للممثل، من حيث تصميم الأزياء ووظيفتها الاجتماعية، خصوصاً الكهنة، وبمظاهر متعددة بالأزياء، لتعمّق من حضوره بقوة على الخشبة. وكان لتقنيات الأنساق السمعية غير المنطوقة، من موسيقى ومؤثرات صوتية، وقد وُظِّفَت هذه الأنساق في تعميق حالات فضائية وشعورية عمل الممثلون فيما يبدو بنجاح على تحقيقها .

على صعيد أنساق النص المنطوق، كشف العرضُ عن نسق علاماتي من خلال الفعل، حملته الخصائص الفيزيائية، لجهة نغمة الصوت وجرسه ودرجته وعلوّه وسرعته، والتي كان الكهنة بواسطتها يقيمون حياتهم من إثارة غرائز سادية مدفونة في أعماق البشر، يعيدون نبشها وسوى ذلك من المشاعر المهيجة للعاطفة والعقل في آن.

كما ولا بد من الحديث عن النسق الفيزيائي المتعلق بإشاعة رائحة نفاذة لإحدى أنواع (البودرة)، في المسرح، لتعطي انطباعا أكثر واقعية، عن الطقوس الدينية، التي نفذتها شخوص الكهنة. بشار إلى أن فرقة مسرح بغداد للتمثيل، قدمت هذه المسرحية، في العام 2010 ، ضمن فعاليات مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي بدورته أل (22).

 

عمان – جمال عياد

http://www.alrai.com

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *