الجمعان: التهميش والتقاعس أخرا المسرح السعودي

أقر أستاذ الأدب والنقد بكلية الآداب بجامعة الملك فيصل الدكتور سامي الجمعان بأن ثمة لبسا في نظرة الآخرين للمسرح السعودي تكرست جراء خمولنا الإعلامي السعودي وتقاعسنا كمسرحيين سعوديين عن إيصال تجربتنا، وتضاعفت الإشكالية حين همش بعض الباحثين والدارسين من الإخوة العرب منجز هذه التجربة، بإغفالهم الإشارة إليها في دراساتهم، ليصبح اللبس صناعة مشتركة، السعوديون كمسرحيين وإعلاميين ومؤسسات إعلامية من جانب، والباحثون العرب في مجال الدراسات المسرحية من جانب آخر.

 

 

ويؤكد الجمعان، وهو مؤلف مسرحي، أن ثمة حراكا مسرحيا سعوديا تشكل كما وكيفا، وأنتج في الوقت نفسه تراكما معرفيا وحِرَفِيا لدى عدد من المسرحيين السعوديين، استطاعوا من خلاله تسجيل حضورهم المسرحي المشاغب واللافت في المحافل المحلية والدولية، وحصدوا جوائز عدة.
وحول مسرح الطفل في المملكة قال الجمعان لـ”الوطن”: إن القضية هي التوثيق العلمي المدروس لحركة هذا المسرح، فمن الواضح أن لبسا كبيرا وخلطا واضحا في تتبع الدراسات لنشأته ومنجزه، تلك التي وقعت في منطقة ضبابية تتنازع القول فيها عروض عدة، فالذي شاع وانتشر أن أول عرض مسرحي قدم للطفل في دول مجلس التعاون الخليجي هو (السندباد البحري) من تأليف محفوظ عبدالرحمن ومن إخراج المرحوم منصور المنصور رحمه الله، ومن إنتاج مؤسسة البدر، بيد أن الوثائق القادمة من المملكة لها رأي آخر ينقض ريادة السندباد البحري ويزاحمها، وثيقتنا الأولى تقول إن مسرحية اسمها (ليلة النافلة) من تأليف وإخراج المرحوم عبدالرحمن بن علي المريخي (أسكنه الله فسيح جناته) سبقت السندباد البحري بعام واحد، أي سنة 1976، أما الوثيقة الثانية فتنقض الريادتين وتحل محلهما، وهي لعرض مسرحي قدم سنة ١٩٧٥ كما يقول مؤلفه ومخرجه عبدالله آل عبدالمحسن، ومسرحيته المعنية هي بعنوان (كريكشون).
ويضيف الجمعان أن هناك قضية ثانية تشكل تجربتنا الخليجية في مسرح الطفل هي أننا حيال تجربة تفتقر إلى الإرث الثقافي ذي الطابع الدرامي، فما من شيء سوى قصصنا الشعبي البسيط الذي تتوجه من خلاله الأم لأطفالها في لحظات معينة بحكاياتها الرامية إلى الترفيه والتعليم والوعظ، قصص استقيت من تراث ألف ليلة وليلة وكليلة ودمنة ولم يتسن لنسبة كبيرة من أجدادنا قراءته أو الاطلاع عليه نتيجة ضيق مساحة العارفين بالقراءة آنذاك، وبالتالي فمرجعيتنا الفنية في مجال الدراما ليست بذلك العمق الذي يخولنا لمنجز مسرحي كبير، ليبقى ما أنجزه مسرح الطفل الخليجي حتى اللحظة مرهونا بشروط الممكن وبدافع من الحماس الفردي، وهو ما يملي على ضمائرنا توخي الحيادية والموضوعية في الطرح بعيدا عن العواطف والمجاملات.
ويقول الجمعان إن واقع الكتابة المسرحية للطفل، والمنتج المكتوب لهما أهمية بالغة في وضع يدنا على واقع التجربة، على اعتبار أن المنتج النصي هو حامل الرؤى والأفكار ومقولاته هي الموجهة لعقلية الطفل ولسلوكه.
وأشار إلى أن غالبية الكتابات الموجهة للطفل السعودي تتوخى الترفيه وتحتفي بالمتعة أكثر من الرسالة التربوية والأخلاقية، مؤكدا أن من مظاهر القصور في الوعي الكتابي أيضا تلك النهايات اللامنطقية واللاعقلانية التي غالبا ما انتهت إليها قضايا هذه النصوص.
وختم الجمعان، قائلا “نعيش أزمة وعي بدور مسرح الطفل، وبخطورته، وبآلية العمل فيه، كما أن المؤسسات الحكومية القائمة عليه لا تتعامل بصرامة مع مراحل إنتاجه، بدءا من تدقيق النظر في النصوص المكتوبة، ثم في مراقبة العرض خلال تنفيذه، ثم في شروط الإنتاج وجودتها، أما القضية الكبرى فهي أن مسرح الطفل تحول إلى مشروع تجاري مدر للربح، وبالتالي فقد خرج دوره تلقائيا من بوابة التربية إلى بوابة التجارة، والمنتج التجاري لا يعنيه سوى التسويق والبيع وجلب المادة. واعتبر أن الأمل في مسرح الطفل الخليجي سيبقى مرتبطا بإيقاف بعض المهازل التي نشاهدها حاليا، ومرتهنا بتشديد القبضة المؤسساتية عليه بحيث لا يعبث به العابثون، ولا يكون سلعة رخيصة في يد الفاشلين، وكرة يتقاذفها أصحاب رؤوس الأموال الجشعين، بينما يقف التربويون وقوف المتفرج العاجز البائس، كارثة حقيقية أن يبقى المسرح الموجه للطفولة بمعناها الأسمى مزيجا من الرقص والموسيقى والنكات الساذجة المسيئة للذوق والأخلاق مع قليل لا يُذكر من التوجيهات التربوية المباشرة.
يذكر أن الجمعان ألف عدة مسرحيات منها موت المؤلف، وأبوطبيلة، وكشتة وغيرها.

 

الدمام: يوسف الحربي

alwatan.com.s

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *