الفنانة خديجة حابس تثبت فوق الخشبة أنها تعطي للفن الكوريغرافي دفعا ونفسا قويين.. «رقصة الحب».. الجسد يستنطق الحب بحركات كوريغرافية راقية

“أنتظر شموس لا تشرق، أنتظر حب غير موجود، أنتظر الحلم.. والحلم يبقى في قلبي كوابيس…”، هي بعض مقاطع من العرض الكوريغرافي “رقصة حب” الذي قدمته الفنانة المتألقة خديجة حابس في القاعة الصغيرة للمسرح الجهوي عبد المالك بوقرموح ببجاية في يوم اختتام الطبعة الرابعة للمهرجان الدولي للمسرح المحترف.

 

 

بأداء أنثوي رومانسي ومتميز، بحركات جسدية لاهثة، بمقاطع شعرية راقية، بموسيقى تراثية وعالمية منسجمة وعذبة.. تصعد الفنان خديجة حابس إلى سماء الفن الكوريغرافي وتستعرض الكثير من الثقافة الجسدية لتعطي لهذا الفن دفعا ونفسا قويين بالجزائر، علمنا أنه لا يزال لم يتسلل بعد إلى الجمهور. رقصت خديجة للحب، ذلك الحب الذي تنتظره لكنه لم يكن موجودا أصلا، فتخيلت العشيق لتغازله بخيال ووهم وتتحدث إليه بحركات اتحد فيها الجسد بالحساسية، وانطلقت في العرض بالجلوس فوق مقعد منهارة ومستلقية قبل أن تشرع في استنطاق جسدها ورميه بدقة نحو اليمين وبالفن نحو اليسار، تحرك ذراعيها بخفة وتوازن في كل الاتجاهات، ترفع قدميها وتدخل بينهما رأسها، تدور حول ثلاثة مقاعد تبحث عن حبها وعشقها الذي تحلم به منذ زمن المراهقة، تتسارع خديجة في الحركات وتجري في الاتجاهات الثلاثة لمكان تواجد المقاعد، ومن فترة لأخرى تقوم بحركات لاهثة لتعبر عن اختناقها الداخلي بالحب وامتلاء قلبها بالعواطف، تترجم النوبة والسقوط وتفسح المجال لجسدها يستلقي على الأرض في صورة المغشي قبل أن تقوم برفعه من جديد. وبعد ربع ساعة من العرض الكوريغرافي الصامت، نطقت بكلمات شعرية تتحدث عن الحب والولع والاشتياق والانتظار من حب مجهول وغير موجود، حيث اعتمدت على أربع لغات، بالعربية تطلق مقاطع شعرية تتضمن كلمات عاطفية عذبة وأخرى حزينة مأخوذة من كتابات الشاعرة الأردنية جمانة مصطفى على غرار “أنتظر شموس لا تشرق” و«الحلم يبقى في قلبي كوابيس” و«أعرف أني للبيع في مزاد الفضائح” و«أنتظر الجسد الذي لا يتجلى”، وواصلت الشعر باللغة الفرنسية باختيار مقتطفات من كتابات الفرنسي كريستوف مارتن، وترجمت الكلمات نفسها للإنجليزية، قبل أن تطلق كلمات أخرى بالأمازيغية، مقدمة مزيجا لغوي وموسيقي قالت عنه إنها تريد نقل رسالة تثبت من خلالها أن المرأة الجزائرية عالمية. تواصل خديجة في عرضها لتطلق العنان لجسدها للرقص والإبداع الفني ترسم من خلالها الحب والأمل، واعتمدت على خمسة شموع أشعلت أربعة وتركت الخامسة منطفئة، وهي دلالة على أن حبها لا يزال غائبا وأملها كبيرا. وبعيدا عن الفن، رحلت خديجة إلى تراثها وهويتها الأصلية وقدمت رقصات قبائلية وأخرى ترقية باللباس التقليدي باللون الأبيض أخفى لونها الأسود الحزين، وهي صورة تظهر باللونين أن المرأة الجزائرية تبقى صامدة وقوية وشجاعة رغم التناقضات والمشاكل التي تواجها في الحياة. وفي لوحة فنية، أظهرت من خلالها شدة وقوة الاشتياق والحب الذي يمتلكها على المجهول الذي تنتظره وفي الأصل غير موجود، ألبست مقعد فستانا أسود، ترقص معه وتعانقه، تتحدث إليه وتبتسم له، تتخيل حقيقة مزيفة صنعتها الأوهام وتسأله “لماذا لا تراني؟”. وفي لوحة مماثلة تعانق القماش الأبيض، وتتصوره صبيها من عاشقها الخيالي، تقابله بقبلات الأم الحنونة وتلامسه بلمسات خفيفة متواصلة، وفترة تستيقظ من حلمها، ينتابها هيجان شديد في نفسها وتواصل الرقص باللهث وتضخم الإحساس بالخيال وكأنها ترغب أن تتحرر من هذا الكابوس الداخلي الذي يسكنها لأنها تريد حقا أن يتحقق هذا الحلم. وفضّلت خديجة حابس إنهاء عرضها المسرحي بكلمات عاطفية “أينما أكون.. تكون بجانبي.. أنت الهواء الذي أستنشقه..” قبل أن تقوم بحركة كوريغرافية تبكي للحب والانتظار الطويل والمحتوم وتفتح المجال للأمل رغم كل شيء.

بجاية: مجيد خطار

http://www.djazairnews.info

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *