مسرح الطفل يعاني هجرة المبدعين وتجاهل المسؤولين

 

 

 

  • المناعي: شركات استباحت مسرح الطفل للكسب المادي
  • فالح فايز: الاستسهال والأعمال التجارية أضرت بمسرح الطفل
  • جاسم الأنصاري: التكلفة العالية وقلة الكتاب أبرز الصعوبات
  • البعض يرى مسرح الطفل باب رزق بدون رسالة
  • مسرح الطفل لا يحظى باستحسان المنتجين ولجان الرقابة
  • مسرح الطفل بحاجة لأدوات وعناصر فرجة متطورة

كتب – أشرف مصطفى:

أجمع عدد من الفنانين أن مسرح الطفل بات يعاني من انصراف مبدعيه عنه وتجاهل المسؤولين له، الأمر الذي أدى إلى ندرة أعماله، ولا سيما أن الثقافة المسرحية تولدت في قطر لدى الأطفال من خلال المسرح المدرسي الذي اختفى هو أيضاً منذ فترة، مؤكدين أن الإنتاج المسرحي بقطر في مجال دراما الطفل، أصبح في حاجة ماسة إلى التجديد والتجريب والتأصيل الفني والجمالي، كما دعوا إلى ضرورة البحث عن الطاقات الإبداعية المتميزة، وجذب الأطر المسرحية الفاعلة، وتشجيع الأقلام الجادة على مستوى التأليف والتشخيص والإخراج من أجل الخروج من تلك الأزمة.

انطلاقا من هذا الواقع تفتح الراية ملف مسرح الطفل للاضاءة على الصعوبات التي تواجهه وسبب التراجع الذي ينتابه حاليا ،حيث رأى هؤلاء الفنانون أن ما ساهم في تدهور حال مسرح الطفل، تلك الأزمة التي يمر بها المسرح بشكل عام، فضلاً عن عدم التماشي مع مستحدثات المرحلة ،وكذلك التكلفة العالية لمسرح الطفل والافتقاد لكتاب متخصصين بمسرح الطفل ،ناهيك عن قلة خشبات المسارح وبالتالي قلة العروض كجزء من المشهد الثقافي العام الذي يشهد أصلا قلة في العروض المسرحية ،مشيرين الى أن أخطر ما يواجه مسرح الطفل هو اقتحام بعض المنتجين له لأسباب ربحية بعيدا عن أي رسالة أو هدف.

استباحة المسرح

الفنان عبد الرحمن المناعي أكد أن حال مسرح الطفل كحال المسرح بشكل عام، مشيراً إلى أن المسرح في هذه المنطقة لايشكل ممارسة متأصلة بل هو جنس من الفنون حضر متأخراً وربما شاهد قطاع كبير من الجمهور التليفزيون الملون قبل أن يرتاد المسرح مرة واحدة في حياته، ونوه إلى أن حدوث فورة طارئة في السنوات السابقة أسست لفرجة عرجاء لمشاهدة مسرح الطفل كان خلفها مسرحيون ينتمون للعمل التجاري أكثر من العمل التربوي مضيفاً: حتى هذا القطاع لم يكلف نفسه عناء تطوير أدواته حتى لايتحمل أعباء إضافية ما جعل الناس تكتشف ضحالة هذا المسرح فابتعدوا عنه. ولفت المناعي إلى أن مسرح الطفل يعتبر على قدر كبير من الأهمية ويجب أن تتولى أمره جهة مسؤولة وتقدر دوره في تكوين ذائقة الطفل وثقافته وتعمل على وضع الأسس والضوابط وحصر ممارسته على من لايقدر هذا الدور الهام وأن يتم الاستعانة بأصحاب الخبرة والدراية في هذا المجال من فنانين وتربويين، ولفت إلى أن ساحة التأليف المسرحي في الأساس تعاني من أزمة كبيرة فعدد الكتاب في قطر قليل جداً وممارسو هذا العمل يعدون على أصابع اليد الواحدة. مضيفاً: إذا كان المسرح عموماً يعاني من أزمة في التأليف المسرحي فإن الأزمة تكون أكبر بطبيعة الحال في مسرح الطفل لأن الكتابة للطفل أكثر صعوبة ومحفوفة بالمحاذير التربوية والنفسية، وعن سبب ابتعاده عن تقديم هذه النوعية من الأعمال أوضح المناعي أن ذلك عائد لأمرين: الأول هو استباحة هذا المجال بشكل غير أخلاقي للكسب على حساب الطفل مما جعله يتخوف من أن أدرج ضمن قائمة هذا التوجه. والسبب الثاني يرجع لإيمانه بأن مسرح الطفل بحاجة لأدوات وعناصر فرجة متطورة قد لا يملك القدرة على توفيرها، وأضاف: ليسمح لي القائمون على العملية التعليمية والتربوية أن أقول بأن من أفضل الأعمال التي قاموا بها هي إنشاء إدارة للتوجيه المسرحي .. وأسوأ ماقاموا به هو إلغاء هذه الإدارة وتلك الخطوة بالتأكيد أثرت على مكانة المسرح ودوره لذلك فإنني أتمنى أن تقوم مؤسسة مختصة برعاية مسرح الطفل وأن تضع الأسس والضوابط لممارسته وأن تكون هناك هيئة رقابية مختصة تجيز أعماله وأن نؤمن بدور المسرح في خدمة الجوانب الإبداعية لدى الطفل، ودعى الفنان عبد الرحمن المناعي لإقامة مهرجان لمسرح الطفل مع شرط أن لا يقام على غرار مهرجان الدوحة المسرحي بحيث لا يصبح الهدف منه في المقام الأول هو الربح المادي كما يحدث الآن، وقال إذا أتيحت الفرصة لشركات الإنتاج التي تعمل على أساس ربحي فقط لتعمل في تنمية مسرح الطفل فسيصبح ذلك جناية كبرى في حق هذا النوع من المسرح.

وسيلة تعليمية

الى ذلك أكد الفنان فالح فايز أن أكثر أعماله المسرحية موجهة للطفل وذلك نابع من حبه للأطفال واستمتاعه بالتعامل معهم لإسعادهم وإفادتهم في الوقت نفسه، سيما وأن الطفل في تطور فكري مستمر ولا يقف تطلبه الفكري عند حال معين، وفي زمننا هذا لا يقتنع بأي شيء لا يعجبه، مشيراً إلى أن المسرح وسيلة تعليمية تربوية هامة ونتائجها كبيرة ولا يجب أن يتم إغفاله، وأكد فايز أن أزمة مسرح الطفل تنبع من مشكلات المسرح عموماً، فعدد العروض المسرحية القليلة التي يتم تقديمها كل عام يتبعه بطبيعة الحال إنتاج عدد عروض قليلة جداً لمسرح الطفل، فقلة خشبات المسارح تهدد كل أشكال المسرح ومن ضمنها مسرح الطفل، ولقد اتجه العديد من الفنانين الذين برعوا في الماضي في مسرحيات الاطفال إلى العمل في التليفزيون بعد أن قل إنتاج مسرحيات الأطفال إلى حد كبير، ففقد بذلك الأطفال النجوم الذين جعلوهم يتعلقون بالمسرح من قبل. وأكد فايز أن السبب كذلك في أزمة مسرح الطفل وقلة عروضه لا يمكن أن يكون سببها انصراف الأطفال عن المسرح، مؤكداً أنه عند إحضار أي فرقة من الخارج تدفق الجماهير عليها، فالأطفال في قطر في احتياج إلى هذه النوعية من الأعمال التي تعتمد على اللقاء الحي بينها وبين الممثلين على عكس أفلام الكرتون التي تعلقوا بها نتيجة غياب مسرحهم. وأوضح فايز أن أحد أهم أسباب قلة مسرحيات الأطفال هو الاستسهال، وتقديم الأعمال بتوليفة تجارية بعيدة عن تقديم ما هو مفيد للأطفال.

التلفزيون والمسرح

وتابع فايز أن تلفزيون قطر ساهم في عدم صنع نجوم يمكن أن يتعلق بهم الطفل في المسرح المحلي، وقال إن الأمر بحاجة إلى استمرارية في عرض الأعمال حتى تتاح الفرصة أمام الطفل ليقترب من جديد من المسرح، مع ضرورة تكاتف جميع المؤسسات التي تعنى بهذه العملية الفنية وأن تتاح الفرصة أمام الأعمال المسرحية المقدمة للأطفال لتقديم إعلاناتها ودعاياتها بكلفة منخفضة وبأسعار رمزية، بالإضافة الى دعم وسائل الإعلام لجذب الأطفال من جديد لمسرح الطفل، مؤكداً أن هذا النوع من المسرح بحاجة دائمة للدعم، وتأسف فايز على ضياع الفترة الذهبية لمسرح الطفل بقطر وعدم استغلال واستثمار القاعدة التي تم بناؤها، مطالبا بضرورة أن تضع كافة الجهات قضية إحياء مسرح الطفل من جديد ضمن أولى أولوياتها. وحول أزمة نصوص مسرح الطفل أكد فايز على أن اختيار نصوص الأطفال هو أمر غاية في الصعوبة لأنه مسؤولية كبيرة تهدف إلى تعليم الأطفال قيماً هامة في حياتنا إلى جانب إمتاعهم، خاصة في وقت أصبح فيه الطفل مختلفا عن ذي قبل، مؤكداً على ضرورة أن يعمل المخرج على طرح مناهج جديدة تعتمد على الإبهار من خلال وسائل مختلفة حتى وإن كانت بسيطة، مما يهيئ الأطفال على تقبل النصائح المطروحة من شخصيات المسرحية بطريقة غير مباشرة، وأشار إلى أن العمل في مسرح الطفل يستلزم متطلبات معينة بالنسبة للممثل أهمها توفر عامل الصدق الفني، مؤكداً أن هذه الأيام باتت خلالها الحاجة ملحة لخلق صيغ مسرحية جديدة تناسب مسرح الطفل، وتوآم التطور التكنولوجي الذي ساد في العالم، وتجذب إليه مرة أخرى الأطفال ولا سيما أن المسرح عموماً قد انصرف عنه الجمهور من الأساس، وفي ختام حديثه تمنى أن يتوفر لدينا فرقة لمسرح الأطفال يستمتع بأعمالها الصغار والكبار

كلفة عالية

من جهته أكد الفنان جاسم الأنصاري أن المسرح هو عمل متواصل لأجيال متلاحقة إذا امتنع عن جيل يصبح هناك فجوة، مشيراً إلى أن مسرح الطفل أسهم في تخريج أجيال مسرحية كبيرة، وأن البعض في الآونة الأخيرة حاول تعليبه وجعله عبارة عن كليشيه جاهز وخاص بالطفل، وأكد أن مسرح الطفل في قطر بات يمر بأزمة كبيرة بعد أن ابتعد الكثير من النجوم عن العمل فيه وهم الذين ساهموا في تطوره قديماً، ولفت أن أسبابا عدة هي التي دفعتهم للابتعاد عن هذا النوع من المسرح يأتي في مقدمتها أن مسرحيات الأطفال تحتاج إلى كلفة عالية، إضافة إلى عدم وجود كتاب متخصصين في هذا المجال، كما أن الناتج من أعمال كتاب مسرح الطفل أصبح لا يحظى باستحسان المنتجين أو لجان الرقابة، وتساءل الأنصاري قائلاً: إذا كان هناك مشكلة في نصوص مسرح الطفل لماذا لا يتم تبني النصوص الجيدة التي تشارك في جائزة أدب الطفل، وعرضها وتقديم موسم مسرحي متكامل للأطفال على مدار العام، وشدد على ضرورة استمرارية تقديم عروض الطفل، والتي تعطي الفرصة لعودة الجمهور مرة أخرى إلى هذا الشكل من المسرح، بالإضافة إلى ضرورة أن تكون هناك فرقة متخصصة في إعداد هذا النوع من المسرح خاصة مع الحديث على إنشاء فرق مسرحية جديدة، وتعجب أن بعض الناس ينظرون إلى مسرح الطفل باعتباره وسيلة للتوجيه التعليمي دون النظر إلى ضرورة أن يكون قبل ذلك مبهرا وبه من التقنيات ما يجذب إليه الطفل في البداية حتى يتم بعد ذلك تقديم المعلومات والنصح والإرشاد بسلاسة.

غياب الرسالة

وتابع الأنصاري إنه ينبغي علينا في أعمالنا أن نخاطب الطفل بشكل مختلف مبتعدين عن النمطية القديمة للأطفال، فأطفال اليوم ربما لا يستمتعون بعمل مسرحي يخلو من الإبهار والعناصر الحديثة، ويستمتعون أكثر بمشاهدة فيلم رسوم متحركة ولو كان خاليا من الكلام وصامتا، وأبدى أسفه أن البعض أصبح ينظر لمسرح الطفل على أنه باب رزق وقال في السابق كنا نقدم أعمالا قيمة، دون النظر إلى المادة، أما الآن نجد أن المنتج يبحث فقط عن الربح المادي، فيعد عملا ترفيهيا للأطفال بدون هدف أو رسالة، وأضاف: في نظري سنبقى على هذا الوضع، إلا في حالة المسارح المدعومة التي تستطيع فعلا تقديم عمل مسرحي طفولي هادف. وهو الذي يجب أن ينبع من الدولة، مع ضرورة تخصيص عرض على الأقل كل عام. وأضاف: ربما يكون السبب في تدهور حال هذا النوع من المسرح هو اختفاء ثقافة ارتياد المسرح التي صاحبت اختفاء المسرح المدرسي والذي كان يعد مكانا لاكتشاف المواهب، وأضاف أن الطفل دائماً في حاجة إلى بطل يتعلق به شغفاً ويرتبط في ذهنه بقدراته على محاربة الشر إلا أن هذا البطل اختفى مع اختفاء النجوم الكبار الذين انصرفوا عن العمل في مسرح الطفل، وبالتالي أدى هذا إلى غياب النموذج للطفل، وغيابه جعله يبحث عنه في أماكن أخرى كألعاب الفيديو جيم ومسلسلات الكرتون.

 

http://www.raya.com/


شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *