حازم كمال الدين: فوزي بجائزة الهيئة العربية للمسرح إعادة اعتبار للثقافة العربية بالمنفى

 

 

 

 

اعتبر الكاتب المسرحي العراقي حازم كمال الدين الفائز مؤخرا بالمركز الأول لجائزة الهيئة العربية للمسرح أن فوزه بهذه الجائزة بمثابة إعادة اعتبار للثقافة العربية بالمنفى، مبديا أمله بأن تكون هذه المناسبة حافزا لرأب الصدع بين المسرحيين العراقيين في ضفتي الوطن والمنفى.
وحاز نص كمال الدين  “السادرون في الجنون” على المركز الأول في مسابقة الهيئة العربية للمسرح منتصف الشهر الماضي من بين 134 نصا من 19 بلدا عربيا، وقال الكاتب المقيم في بلجيكا منذ نحو ربع قرن في معرض إجابته على سؤال لوكالة (أصوات العراق) عما يعنيه له هذا الفوز بجائزة عربية مهمة خصوصا بوجود منافسة قوية من كتاب محترفين من معظم الدول العربية “أرى في هذا الفوز شهادة على أن المسرح العراقي مازال ينتج ما هو مهم.
إنّه يعني أيضا إعادة اعتبار للثقافة العربية المنفية أو المجبرة على العيش خارج بيئتها الجغرافية.
آمل أن تكون هذه مناسبة لعودتي إلى المسرح في الشرق الأوسط لتقديم عروض قد تعني شيئا في المنطقة”.
وعن تقييمه لردود الفعل على هذا الحدث في العراق وعلى المستوى العربي، قال “هذا سؤال محيّرا على الصعيد العراقي، فما عدا المواقع الالكترونية المختصة ثمة شحّة في تناول الصحافة الورقية العراقية للموضوع.
ربما لأن الخبر ما زال طازجا؟..”.
وكان الأمين العام للهيئة العربية للمسرح اسماعيل عبد الله أعلن في بيان رسمي منتصف شهر تشرني الثاني الماضي، النتائج النهائية لمسابقتي تأليف النص المسرحي الموجه الكبار والنص المسرحي الموجه للأطفال، وذكر البيان أن نص “السادرون في الجنون” للكاتب حازم كمال الدين العراقي المقيم في بلجيكا حاز المرتبة الأولى في مسابقة النصوص الموجهة للكبار، وتلاه في المرتبة الثانية نص “العيد” للكاتب بدر بن سعيد الحمداني من سلطنة عُمان، فيما حل في المرتبة الثالثة نص”أبناء الحبلى للكاتب محمد سيد عمار من مصر.

ضفتا الوطن والمنفى

ورد كمال الدين بقوله “لا للأسف”، على سؤاله عما إذا كان يجد أن ثمة  تواصلا طبيعيا بين المسرحيين العراقيين في ضفتي الوطن والمنفى، وأردف بالقول “اسمحْ لي أن أحكي على الصعيد الشخصي، لكي لا أجانب الموضوعية! تشعرني تجربتي أن المسرحي العراقي داخل الوطن لا ينظر لي باعتباري فنانا عراقيا رغم الجهود التي بذلتها منذ سقوط صدام حسين لردم الهوة التي صنعتها الفاشية بيننا.
أستثني بالطبع بعض المسرحيين”.
واضاف “عموما بحوزتي الكثير من المبادرات الموثقة التي طرحتها منذ عام 2004 لبناء علاقة صحيّة بين الضفتين سواء في بغداد أو بابل أو السليمانية أو بلجيكا وسواء كان ذلك على الصعيد الرسمي للوزارة أو الجامعة أو على صعيد المؤسسات غير الرسمية.
بيد أنّها جميعا لم تجد صدىً ما!”.
وتابع “لقد كنتُ أوّل مسرحي منفي خاض تجربة العودة إلى الوطن للمساهمة مع زملائي بتأسيس مسرح ما بعد صدام حسين (ساعات الصفر) ثم تلاني بالعودة جواد الأسدي (نساء في الحرب) والمرحوم كريم جثير (نوتردام)..
إلخ.
بيد أنني لا أتذكر أنّ المؤرخ المسرحي داخل الوطن قد تناول هذه التجارب خارج إطار ما يسمى (المسرحيون المغتربون).
أستثني هنا مناضل داود”.

وقال “ما يثير الأسى أكثر هو أنّ المؤرخ العراقي لا يذكر إنتاجاتي باعتبارها جزءا من تاريخ المسرح العراقي!”.

تجربة غنية واهتمام أكاديمي
يذكر أنّ الكثير من نصوص الكاتب المسرحي العراقي حازم كمال الدين وجدت طريقها إلى خشبة المسرح في بلجيكا وانكلترا وهولندا وكندا وغيرها، ومن بين تلك النصوص: الشجر الحزين 2000 وساعات الصفر 2005 والموناليزا البابلية 2012، وربيع أسود 2013.
قدم كمال الدين أكثر من 25 عملا مسرحيا، شاركت بطريقة دورية في المهرجانات المسرحية العالمية طوال ربع قرن في الغرب ومنها (Heupen met hersens) عام 1996، و(أوديب) عام 2013، وحظيت أعمال كمال الدين المسرحية باهتمام أكاديمي واضح في بلجيكا والدانمارك والعراق، ومنها أطروحة ماجستير عام 1997 قدّمتها الناقدة  البلجيكية Ruth Loos  تحمل عنوان (حازم كمال الدين) لجامعة Gent بإشراف البروفيسور  Jaak Van Schoor.

وفي عام 2000 قدمت الباحثة  البلجيكية Helena Verlent أطروحة  الماجستير لجامعة Antwerpen  تحمل عنوان (تأثيرات شرقية بالمسرح العربي.صحراء 93..طريقة خاصة بالمعالجة المسرحية؟) وهي بإشراف البروفيسور Luk Van Den Dries.وقد ترجمت هذه الأطروحة ونشرتها دار الشؤون الثقافية العراقية.

وفي عام 2008 قدمت الباحثة البلجيكية Katrien Van Wassenhove أطروحة ماجستير مقارنة عن عمله وعمل الفنان البلجيكي المخضرم  Tone Brulin  عن جامعة Gent بإشراف البروفيسور  Jaak Van Schoor.

وفي ذات العام (2008) أنجز الباحث العراقي محسن راضي مسلم الدراجي في الدانمارك أطروحة الماجستير عن جامعة (مجلس كلية الآداب والتربية، الأكاديمية العربية المفتوحة في الدنمارك) تحت إشراف د.حسين الأنصاري وحملت عنوان (المسرح العراقي في المنفى المضامين وأساليب التعبير دراسة لنماذج مختارة) حيث احتل عمل كمال الدين أحد فصولها الأساسية.
وفي العام الدراسي 2013/2014 يعكف طالب الماجستير كاظم خنجر على إنجاز أطروحة ماجستير في جامعة بابل وتحمل عنوان: آليات التثاقف في العرض المسرحي الآسيوي (حازم كمال الدين نموذجا) بإشراف د.محمد هادي الربيعي (مسرح) ود.محسن السعدي (لغة انجليزية).

مساءلة التراث وآليات تعاطي السلطة

وذكر كمال الدين أنه لا يعرف طبيعة التقييم الذي ذكرته اللجنة في اختيارها لنصه، مضيفا “العملية برمتها تمت عبر الايميل.بعثت النص للهيئة العربية للمسرح مع الوثائق المطلوبة.فجائني بعد فترة إيميل يذكر أن عملي مرشح للاختيار إلى جانب عشرين عملا آخر.ثمّ استلمتُ إيميل تهنئة بفوز النص”.
واردف “أظنّ أنّ الدافع سيُذكر في التكريم الرسمي أثناء انعقاد مهرجان المسرحي العربي في المغرب مطلع العام القادم”.
وكانت الهيئة العربية للمسرح قد أعلنت مطلع الشهر الماضي قائمة العشرين مرتبة المتقدمة في كلتا المسابقتين، وكان من بين قائمة المسابقة الخاصة بالنصوص الموجهة للكبار، ثلاثة نصوص مسرحية للكتاب العراقيين حازم كمال الدين ومثال غازي ومحمد حسين عبد الرزاق.
وقال اسماعيل عبد الله بأن الهيئة “تشعر بالاعتزاز والمسؤولية أمام هذا الإقبال الكبير على المشاركة في المسابقة، و التي قدمت للمكتبة المسرحية العربية كتاباً جددا ولامعين، و نصوصاً تميزت بالجودة و الجدية على مدار نسخها الست”.
و أضاف عبد الله بأن “التنافس كان عالياً، و حضور المرأة و الأقلام الشابة كان سمة هذه النسخة أيضاً ، كما كان في السنوات السابقة، كما أن  المشاركات جاءت في هذه النسخة من 19 دولة عربية”.
و من الجدير بالذكر أن الهيئة العربية للمسرح تقدم جائزة مالية للفائزين، إضافة إلى تكريمهم ضمن فعاليات مهرجان المسرح العربي في دورته السابعة التي ستعقد في الرباط من 10 إلى 16 كانون الثاني يناير القادم، كما تقوم بطباعة النصوص الفائزة.

وأشار إلى أن النص الفائز بالجائزة “يتناول أحداثا وشخصيات تاريخية ويحوّرها زمانيا ومكانيا وآيديولوجيا بشكل متطرّف للغاية”، مبينا أن “الهدف هو مساءلة تراث وآليات علاقات السلطة الداخلية وتعاملها مع أرضها وشعبها”.

وقال إن الشخصية الرئيسية في النص هي امرأة “لكني لم أتعامل مع الشخصية النسائية من منطلقات الانتصار للمرأة المعروف عني في كافة أعمالي المسرحية.فالشخصية التي وضعتها لهذا النص تحديدا لم تنتم للأنوثة بمقدار انتمائها للسلطة، السلطة كما هو معلوم لا تعرف جنس من يتربّع على الكرسي!”.
وأردف “يعتمد النص أساليب متنوعة في تقنية المشهد والهيكلية الكليّة.ثمة مزج بين أساليب العرض التغريبية وتلك المعتمدة على الفعل الداخلي للممثل.ثمة قوس توتر يربط المشاهد السردية والمشاهد الفعلية (من مصطلح فعل مسرحي).بمعنى أنّ النص يضمّ نقيضين هما الفعل السلبي والفعل الناشط.
نقيضان تجد أصولهما في الثقافتين الشرقية والغربية”.
وأجاب بالنفي حول ما إذا كان ثمة اتفاق لتحويله إلى عرض مسرحي، وقال “عربيا لا يوجد حتى الآن اتفاق.ربما عند توزيع الجوائز؟ أو بعد طباعة النص في كتاب؟ أما على صعيد المسرح العراقي فأتمنى أن يكون هذا حافزا لرأب الصدع بين الضفتين.لقد أقمت بعض الاتصالات بهذا الصدد”.

وعما إذا كان النص الفائز يشكل علامة فارقة أو منعطفا في منتجه الكتابي مسرحيا من حيث البناء أو الموضوع، قال “نعم.كل نص جديد يجب أن يشكل خطوة جديدة أو منعطفا في الحياة الفنية، وإلا فلا ضرورة لكتابة شيء يكرر ما سبقه”.

العراق موضوعي الأزلي..
واضاف “كفنان ينتمي لثقافتين جمعت في النص التقنيات الغربية والشرقية من وجهة نظر فنان شرقي.لم أستغرب كما يفعل عادة المسرحي الشرقي بهدف الحصول على اعتراف الآخر به ولم أستشرق مثلما يفعل مثقف غربي في تعامله مع الثقافة الشرقية.أيضا لم أتمسّك بالهوية الشرقية انطلاقا من رد الفعل على هيمنة الثقافة الغربية”.
وتابع “لقد سعيت أن يكون الهيكل الدرامي وأن تكون الحلول المشهدية متجانسة تعتمد متطلبات الثيمة.فالثيمة هي من يفرض المعالجة الدرامية لا العكس.أنا أصغي للثيمة وأتركها تتغلغل في عقلي الباطن الشرقي لكني لا أعتقلها في زنزانة شرقية، كما إنني أترك الثيمة تطوف في فضاء عقلانيتي التركيبية الغربية لكنني لا أسمح بهيمنة الفضاء الغربي”.
أما من ناحية الموضوع فذكر “لقد تناولت موضوعي الأزلي: العراق! لقد تغيّرتْ في هذا النص طبيعة الأسئلة والمساءلات واستجابتْ التقنية لعملية تشظي العراق الواقف على شفير الفناء”.

منعطفات في حياة حازم كمال الدين
وتحدث كمال الدين عن أبرزالمنعطفات المهمة في حياته مستعينا بتواريخ محددة:
–    يوم 11 آذار الذي صدر فيه بيان آذار 1969 والذي دفعني لكتابة أول قصيدة في حياتي وكانتْ تتغنى بالأخوة العربية الكردية.لم يقرأ تلك القصيدة سوى أبي وخالتي اللذين شجعاني أن أسلك طريق الأدب.

–    1974 دخول أكاديمية الفنون الجميلة التي فرضتْ على أسرتي قبول حقيقة أنني سأصبح مسرحيا بعد أن كان أبي رفض دخولي معهد الفنون الجميلة عام 1971 رفضا قاطعا.

–    1979 المنفى الذي أنقذني من مشنقة صدام حسين وجعلني أرسو في بيروت فأعثر على الكتب التي منعها عنا حزب البعث الفاشي ودفعني لالتهامها وتطوير معرفتي بشكل نوعي.

–    1982 العيش في أتون حصار بيروت والخروج الكابوسي منها.
محطةٌ دفعتني للصمت ولإعادة النظر بكل منظومتي الفكرية والجمالية.

–    1990 دخولي معهد مسرح الحركة البلجيكي الذي وفّر لي شرف تعلّم أصول الفن المسرحي من مصادره الحقيقية.
تلك الدراسة أتاحتْ لي فرص الانخراط في طقوس جروتوفسكي المسرحية وتعاليم دوكرو الصارمة للإعراب الحركي والشروع في البحوث الجمالية عن الجانب المعتم في الروح البشرية البوتوية…
الخ.

–    2000 اعتراف وزارة الثقافة الفلامانية بفرقتي المسرحية (محترف صحراء 93) وتعضيدها كفرقة بلجيكية بشكل دوري لأربع سنين وهي المرة الأولى في تاريخ المسرح الفلاماني التي يتم فيها الاعتراف بفنان غير أشقر داخل عالم الثقافة الشقراء.

–    2003 احتلال العراق الذي نسف مرجعياتي الثقافية والفكرية ودفعني أن أكفّ عن الالتزام بمواصفات إنتاج عمل إبداعي في إطار نوع أدبي أو فني (ما) وأن أتخلّى عن القوانين والأعراف بسبب اختلال قناعتي بأنّ ما أنتجته البشرية من وسائل وأساليب تعبيرية هي أدوات إنسانية أو بريئة أو غير شريّرة! ففي تلك الأيام كنت أعيش اختبارا يوميا للا إنسانية القوانين والأعراف والتقاليد والرؤى التي لم أعد أر فيها سوى أدوات إبداعية للقتل والتدمير.لقد فقدت يومها الطريق في متاهة “العولمة” وقد أعلنتُ لاحقا ذلك الضياع في مسرحية (البرق) التي خرجت عن أنظمة المسرح وفي رواية “أورال” التي جاءت في صيغة تشبه المسرحية لكنّها لم تكن كذلك، وتشبه الرواية، لكنّها لم تلتزم بشروط الرواية.

بين المسرح والرواية والشعر

وأجاب على سؤال أين تضع الكتابة للمسرح في اشتغالاتك الأدبية المتنوعة وأنت كتبت الشعر والرواية وأصدرت من قبل ثلاثة أعمالا روائية ترجم بعضها؟ بقوله “الكتابة للمسرح شيء معملي.بمعنى لا حياة لنص مسرحي إذا لم يتحول إلى عرض معاش مع المشاهد”.
وأردف “أما بالنسبة للأجناس الأدبية الأخرى فالتجربة مختلفة.على صعيد الرواية أو القصة فأنا أفترض قارئا أكتب له وأنا في حالة تفاعل افتراضية دائمة معه.هدفي أن يكون النص قابلا لمختلف التأويلات.فلا فائدة بالنسبة لي من نص يقول شيئا واحدا لكافة القراء.فرادة النص تكمن في انفتاحه على التأويل وقدرته على الاستجابة لقراءات المتلقي المتجددة”.

أما عن تجربته في كتابة الشعر فقال “على صعيد الشعر فأرجو أن تعذرني إذا قلت لك إني نسيت كيف يكتب الشعر!”، موضحا “حين يقرأ اصدقائي الشعراء نصوصي يقول لي أحدهم: انظر هنا نص شعري متكامل داخل القصة أو الفصل الروائي أو الحوار المسرحي، لكنني لا أفقه ما يعني صديقي الشاعر! لقد تغيرت تقنيات القصيدة بطرق حاسمة حتى إنني لم أعد قادرا على التعرّف عليها.لقد أصبحتْ طرقا أكثر تعقيدا من بحور الفراهيدي العمودية وجبال السياب الحرّة.حين أحاول كتابة قصيدة لا أعرف كيف أحفظها بيدي، فهي تتسرب ما بين أناملي كلما أمسكتُ بها أو ظننتُ أنني وجدتها!”، مستدركا بالقول “أنا أحكي بالطبع عن قصيدة النثر”.
وقال ردا على سؤال عن ظاهرة بروز الهم العراقي في أعماله برغم  طول هجرته عن بلاده، وكيفية إيجاد موضوعاته وهو بعيد زمكانيا؟ وإلى أي مدى يتيح له هذا البعد النسبي فرصة لاكتشاف ما لا يراه من في داخل المعمعة؟ “حين تولد في مكان ما فالحنين إلى المكان الأول يبقى أبديا.أو هكذا الأمر بالنسبة لي.ويوم قُسرت على مغادرة المكان الأول طغى حنيني إليه بشكل (مرضي) فأصبتُ بأعراض الانكفاء على الذات التي صقلتْ نفسي فجليتْ الذكريات كل يوم ولمّعتُها وتغزلتُ بالمكان وندبته ودرّبتُ رئتي على تذكر طعم الهواء حتى كدتُ أصبح أكثر أصالة من أناي التي لم تفارق المكان”.

وذكر واقعة بهذا الصدد قال إنها جرت في بيت الفنان التشكيلي ضياء الخزاعي عام 2004 حين قال له أحد المسرحيين ذات ليلة مازحا: 
“والله لو تحلف بالقرآن ما أصدگ انت عايش خارج العراق 25 سنة.
أخي أنت عايش بالچبايش وتچذب علينا تگول چنت بأورپا!”
واضاف “أما كيف أجد موضوعاتي العراقية فالجواب بسيط جدا: إذا اقتلعتني يا عزيزي من عراقيتي فلن أكون أنا نفسي أبدا، وإني لأعجب فيما لو كان هناك إنسان يعيش بصفته (ليس هو نفسه)”.
واردف بالقول “في نفس الوقت ورغم هذا التمسك المهووس بمفردات الوطن الجزئية والكلية فإن المسافة البعيدة عنه تمنحني فسحة للتأمل.هنا كل شيء مناقض للوطن: لا المباني الرمادية الشاهقة تشبه بيوتنا الصلصالية، ولا العادات المهندسة بطريقة كومبيوترية لها علاقة بطقوسنا الحسيّة”.

وتابع “هنا من بعيد أستطيع أن أرى ماذا يحاك للوطن.
فمن ينظر للمعمعمة من الخارج يختلف عمن ينوء تحت وطأتها وهي ذات العملية أو المعادلة في عمل المخرج والممثل.الممثل يعيش حالة دوره من الداخل بينما المخرج ينظر إلى ما يفعل الممثل من الخارج ويعيد بناء أفعاله لكي يمكن قراءتها من الخارج”.

كمال الدين مسرحيا: محطات بارزة

وعن المنعطفات المهمة في حياته المسرحية ذكر كمال الدين مسرحية الجثة لمؤلفها إلياس طعمة وذلك لترشحها لتمثيل محافظة كربلاء في مهرجان مسرح الفرات الأوسط عام 1974 ولترشحها لجائزة أفضل مسرحية ـ مهرجان مسرح الشبيبة ـ بابل، مبينا أن المسرحية كانت من تمثيليه وتمثيل الدكتور محمد عبد فيحان.

ومن بين المنعطفات أشار لمسرحية “الملك هو الملك” لمؤلفها سعد الله ونوس، وقال إنه أخرجها عام 1978 “تسببت في خروجي من العراق على أثر القصة المعروفة”، مشيرا لقيام النظام السابق منذ ذلط العام بمطاردة المنتمين لليسار من الناشطين بالحزب الشيوعي العراقي بعد حظره رسميا.
وواصل حديثه عن المنعطفات المهمة في حياته المسرحية مشيرا لمسرحية “حكاية جلاد” لمؤلفها انطونيو بوييرو باييخو وإخراج المرحوم منذر حلمي “وذلك لتعرضها للاغتيال يوم افتتاحها في 4 حزيران 1982 بيروت”، مردفا “ومسرحية ظلال في الرمال من تأليفي لأنني شاركت للمرة الأولى في مهرجان مسرحي عالمي وهو مهرجان KunstenFestivaldesArts عام 1995.ثم مسرحية عين البلح من تأليفي لأنها كانت الدافع وراء اعتراف وزارة الثقافة بتعضيد عملي المسرحي والاعتراف بفرقتي المسرحية عام 2000.ومسرحية أورال “شفاهيات” من تأليفي لأنّها كانت أول عرض مسرحي اختبرت فيه التكنولوجيا التفاعلية بعمق عام 2008″.

وعما إذا كان يجد في تناول موضوعات عراقية لشخصيات تعيش أزمتي الداخل والمنفى نوعا من العلاج النفسي بالكتابة الإبداعية كما فعلت إحدى شخصياته الروائية بحثا عن خلاص ما..؟ قال “نعم.العمل الإبداعي هو شكل من أشكال التطهر والتوازن مع الذات كما أحسب.هو تطهر من خسارات أو من أحاسيس معينة رغم زعمي أنّني لا أمتلك الأوهام التي تقول إنّ الخلاص قائم في الفن”.

بيانات في المسرح الجديد
وعن جديده المنشغل به مسرحيا وروائيا وشعريا..قال كمال الدين إن الجديد هو كتاب يحمل اسم (بيانات في المسرح الجديد) ورواية قد ترى النور عام 2015.

وأوضح أن كتابه بيانات في المسرح الجديد “يُعنى بتجربتي المسرحية طوال الفترة الممتدة من عام 1975 حتى اليوم.أركز في الكتاب بشكل خاص على تجربتي في المسارح الغربية من عام 1993 حتى 2014 وكيفية تقديمي للجانب العربي إلى المسارح الغربية وطبيعة فهمي لمسرح الجسد والمسرح الديجيتالي التفاعلي”.
وأضاف “أما الرواية فتعالج التباس علاقة مثقف أجنبي بالغرب وبأصوله الثقافية.التباسٌ أشكاله الخنوع والتمرد، القبول والاحتجاج، التأقلم والتقوقع، أو مزيج من هذا وذاك”.
وعن اقرب أعماله الإبداعية لنفسه قال “فيما يخص أهم أعمالي الإبداعية فصدقني أنا شخصيا لا أعرف أيّ عمل هو أقرب إلى نفسي.الأمر عندي يشبه الأم التي تسألها أي أطفالك أقرب إلى نفسك فيكون جوابها (كلهم ابنائي)”.
م أ

http://ar.aswataliraq.info/

 

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *