مبادرة فنجان قهوة.. حوار الصراحة مع مديرية المسرح والفنون

 

 

 

نحن على ابواب انتهاء الموسم المسرحي الاول، وعلى ابواب المهرجان المسرحي الاردني العربي للمحترفين، في دورة ستكون مميزة سواء على صعيد المشاركة الفنية، او على صعيد التقاء الفنانين والمبدعين العرب في عمان، وسط ظروف هي الاكثر صعوبة، والاكثر شراسة في تاريخ الامة، سواء على صعيد المواجهة مع العدو الصهيوني في فلسطين، او على صعيد ما افرزته، الاحداث بالوطن العربي، او ما صدرته لنا دول كبرى من فيروسات الفتنة والاختلاف، وهنا يبرز دور الفنان والمثقف بان يكون زرقاء اليمامة، التي ترى عن بعد.

ونحن خارجون من مسرح عمون للشباب، ونقف على ابواب مهرجان المحترفين، جاءت دعوة جريئة، ومهمة، وضرورية، وفي توقيتها، من مدير مديرية المسرح والفنون، المخرج محمد الضمور، مبادرة تحت عنوان فنجان قهوة، بما يحمله الاسم من دلالات، حيث دعوة الاعلاميين، والصحافيين، لسماعهم، في ظل اجواء مريحة، بعيدة عن الحساسيات، والحسابات، مهما كان نوعها.

بالعودة الى الموسم الفني لوزارة الثقافة، المسرحي والسينمائي، الذي اشرف عليه “الضمور” فقد تميز بالحيوية، والتفاف الفنانين حول مهرجاناتهم، وارتفاع منسوب الشفافية، بجرعة اقل من الحساسية، وهو امر له علاقة بثقافة التلقي، والسماع، وقبول الراي الاخر، ولم يكن هناك اي نوع من التحفظ على الاراء، ولعل صفحة الفنانين على شبكة التواصل الاجتماعي، هي خير مثال على ذلك، حيث حملت الاراء والمواقف، سواء تلك الموضوعية والمنهجية، او تلك الشخصية جدا، الا ان الثقة بوعي الغالبية، سمح بتباين الطروحات، وكانت النتيجة ان الحسابات الشخصية كانت مكشوفة تماما، وتوارت، واختفت وراء عدم موهبة بعضهم، او القصف العشوائي وبتكثيف لبعضهم الاخر، الذي كان يريد الوصول الى غايات في نفسه.

دعوة فنجان قهوة، نقول انها جريئة، لانها تضع كل الاوراق على الطاولة، ويسمع صاحب القرار مباشرة، وطرح كافة الامور التنظيمية، والفنية، وكافة ملحقات المهرجان، ودعوة مهمة، لاننا جميعا شركاء في الفعل الابداعي، والمسرح هو من الجوامع الكبرى التي يلتقي حولها المثقفون والناس، وهذه الشراكة تستوجب التقدم نحو الفعل، الذي يكون له دور في الشكل النهائي للمنجز الابداعي، وهي دعوة ضرورية لاننا جميعا نحمل نفس الهم، ونسعى للارتقاء بمستوى المسرح الاردني، وعدم التنازل عن المستوى الذي وصل اليه في مرحلة قريبة، وان المسرح هو منجز وطني، وتعبير عنا، يشبه ملامحنا، ويقدمنا للاخرين باسلوب حضاري، وبما يليق بنا.

وهي دعوة في توقيتها، لابل انها تاخرت، فالفعل الابداعي ليس جزرا معزولة، انما حالة تفاعلية، وبيئة حاضنة، وجهد تشاركي، وبالتالي فان الابتعاد طوعا او الاقصاء، امر له مردود سلبي جدا على مجمل المشهد الثقافي، وانا هنا اسجل للمدير والمخرج محمد الضمور، بانه اجتهد طوال الوقت، بان يعمل على التواصل مع الجميع، والوقوف على مسافة واحدة منهم، ولا يجد غضاضة في السؤال والاستفسار والسماع، وهو لا يتصرف بعقلية المدير، انما مرهون بذهنية المخرج المثقف، وهو يلتقي بذلك مع نقيب الفنانين ساري الاسعد.

ان دعوة فنجان قهوه، التي ستكون تقليدا اسبوعيا، يتم خلاله الالتقاء مع اعلاميين، يقولون ماعندهم، ويطرحون ملاحظاتهم، ويناقشون السلبيات، وتعزيز الايجابيات بالبناء التراكمي عليها، وفي دعوة فنجان القهوة الاول، فان الضمور، كان حريصا على ان يسمع الملاحظات، لم يكن ينتظر الاطراء، والمجاملة، انما الذهاب مباشرة الى تلك المفاصل التي تعوق الحركة المسرحية، وتلك النواقص التي تخدش المشهد المسرحي، وحريصا على سماع مقترحات من شانها تجاوز المعوقات، يستمع ويدون الملاحظات، ويشارك بتسليط الضوء على مواقع الخلل في مختلف مراحل العمل، بدءا من اختيار اللجان، واختياراتها للنصوص، والبروفات، والعروض النهائية، وجلسات التقويم، هذه المراحل التي هي بحاجة دائما، ابقاءها تحت الضوء لتدارك مواقع الخلل فيها قدر الامكان، قبل الوصول الى العرض النهائي.

وفي الوقت الذي ندرك فيه ان الميزانية لا تسمح باقتراحات طموحه، مثل زيادة عدد المسرحيات المرشحة لكل مهرجان، ومن ثم اختيار الافضل منها بعد مشاهدة العرض النهائي، الا انه ايضا هناك قصور من الفنانين انفسهم، فالمخرج الذي يقدم رؤية اخراجية لنص محلي معقول، او نص عالمي معروف، ويخذلنا جميعا على خشبة المسرح، هذه مسألة يجب ان يدرك الفنان حجم الخديعة التي يقدمها، في الوقت الذي يجب ان يكون فيه بحجم مسؤوليته تجاه فنه وتجاه الجمهور.

انا متفائل بهذه الاجزاء الايجابية التي يؤسس لها الضمور، ولا بد من الاشارة الى دور النقابة، ودور النقيب الاستاذ ساري الاسعد الذي يعمل بدوره على فتح الابواب، والحرص على ان يكون هناك مكان للجميع.

مبادرة فنجان قهوة، تتزامن مع اقتراب مهرجان المحترفين، حيث سيكون لدينا نجوم عرب كبار، من فنانين ومخرجين، وكتاب، وهو امر يحتم علينا جميعا ان نكون بمستوى هذا الحدث، والاردن لا يخذل الاشقاء، خاصة وان الدورة تاتي وسط غياب بغداد ودمشق، وارتباك القاهرة، وانشغالات تونس، وعلينا ان نجعل من عمان حاضنة للابداع العربي، وكلنا امل وثقة بان يعود الامن والامل والالق الى كل عواصم الوطن الكبير.

 

 

رسمي محاسنة

http://alarabalyawm.net/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *