المسرحيات القصيرة توظيف جاد لقدرات الهواة

يرتبط مفهوم المسرحيات القصيرة، بشكل أساسي بعملية الاختزال، وهذا يتطلب نصاً قصيراً سواء كان مؤلفاً أو معداً، يستطيع تمرير رؤيته بايجاز وفي وقت محدد لا يتجاوز العشرين دقيقة، والمسرحيات القصيرة التي سبق وقامت ادارة المسرح في دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، بتنظيم مهرجان خاص لها عقد في مدينة كلباء قبل نحو شهر بإشراف المسرحي السوادني الرشيد عيسى الذي قدم تجربة جديدة على مستوى الأداء التمثيلي وصعيد النصوص المكتوبة التي قدمها مجموعة من هواة الفن المسرحي، الذين قام بعضهم بإعداد مسرحيات عالمية في توظيف جاد استرعى ملاحظة العديد من المشاهدين .

 

 


ومعروف أيضا أن هذا المفهوم نوقش ومورس على نطاق واسع في المسرح العالمي، وربما يشار إلى الكاتب الأمريكي تينسي ويليام باعتباره واحدا من الذين كتبوا مسرحيات جادة في هذا المضمار، يجيء في تعريف هذا المفهوم أنه يتعلق بمسرحيات من فصل واحد، يكون الصراع فيها واضحا وقاطعا، يبذل كاتب النص جهدا في تمرير فكرتها منذ البداية وصولا للحدث وبسرعة لا تتجاوز الزمن المحدد لهذا النوع من المسرحيات .


فتينسي وليامز، عندما نشر القصص القصيرة التي كتبها في الفترات المتباعدة ناقش فيها موضوعات تضمنت اهتماماته في تلك الفترة، عاد واستمد منها أغلب افكار مسرحياته مثل قصته »ذو الذراع الواحد« التي قدم فيها نماذج من شخصيات مختلفة بكثير من الاقتصاد والذكاء، وقدمت في مسرحية من فصل واحد ناقشت قضية درامية متميزة ومحددة .


الخبير المسرحي يحيى الحاج يعتقد أن فكرة المسرحيات القصيرة تمنح الشباب المسرحيين فرصة اعداد وتمثيل اعمال مهمة، وهذا يتطلب صدقاً في الأداء حيث يعيش الممثل أجواء الحالة متفاعلا مع النص قادرا على التعاطي مع دوره والاستجابة مع ردات الأفعال بتلقائية وذكاء شديدين، وهذا العمل الشاق هو سبيل المسرحيين للتفاعل مع أفكار جديدة فيها حس عال من الانتباه والتركيز .


بدوره يرى المسرحي صالح كرامة أن الأصل في المسرحية القصيرة أن تكون مختزلة وذات وقت محدد ، وهي لا تحتمل الكثير من الشخصيات والحوارات التي تشتت انتباه المشاهد، ومثل هذا الطرح يتطلب من وجهة نظره أن تكون فكرة العمل متسلسلة أو مترابطة دراميا من أجل تحقيق رؤية واضحة، وهي تتطلب جهدا في التحضير والإخراج، وتبرز القدرات الشخصية للممثلين وتمنحهم فرصة كبيرة في فهم آليات المسرح .


أما الناقد المسرحي محمد سيد أحمد فيؤكد أن فكرة المسرحيات القصيرة فكرة قديمة، تعتمد على بنية درامية بسيطة، وتخوض في صراع مركزي، وهذا يعني أن هذا النوع من المسرح، لا يحفل بالنصوص التي تكثر فيها الشخصيات أو تناقش جملة مركبة من الأحداث، لكي يتسنى لمخرج العمل أن يعالجها درامياً في وقت قصير .


ويرى أحمد أن مهرجان كلباء للمسرحيات القصيرة تجربة نجح بعضها فيما فشل البعض الآخر في تقديم رؤية فنية، وأشار إلى عرض »مشاجرة رباعية« الذي التقط جوهر مسرح العبث لاسيما أنه معد عن نص للمسرحي العالمي يوجين أونسكو . وهذه المسرحيات بحسب إجماع النقاد المسرحيين غالبا ما تتميز بحساسيتها وتركيزها الشديد لجهة أنها تقدم في فضاء متقشف جدا، كما حال مهرجان المسرحيات القصيرة في كلباء .

الشارقة – عثمان حسن:

http://www.alkhaleej.ae

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *