فلاسفة ومسرحيون..فريضة كانط وسيميائية الممثل وضحك موليير

 

تجارب مسرحية ودراسات نقدية حصيلة محاضرات منهجية ألقاها الدكتور عقيل مهدي يوسف بين طلبة الدراسات العليا في كلية الفنون الجميلة جامعة بغداد يجمعها في كتاب بعنوان “فلاسفة ومسرحيون” والصادر عن دار الدكتور للعلوم الإدارية والاقتصادية بأربعة فصول.. يناول في الفصل الأول منه “تحول فريضة كانط” المنهجية التي اعتمدها كل من مارتن هيدجر وجان بول سارتر وميرلو بونتي وياس وفرانسول ليوتار وميشيل بوتور، مبيناً انه حسب نظرية كانط الجمالية، يقع على المخرج المسرحي استثمار مخيلته لإضفاء الوحدة على القراءة الأولى للنص وعلى تمرينات العرض المبكرة، ولملمتها من أجزاء متناثرة الى نسق يستقطب معطياتها الحسية بسرعة وعجالة في أول الأمر، ومن ثم يقوم بتأليفها معتمداً على قدرة استرجاعية للصور الحسية حتى ينجز وحدة الشعور الذاتية، وهي تتأمل موضوع النص او العرض أمامها.. ومن ثم يحظى المخرج بقدرة “ترنسندنتالية” تشحن هوية الذات المتعالية بأناها المفكر ويشاطر المخرج في ذلك المؤلف المسرحي والممثل والتقني ومصمم المناظر “السينوغرافو” وواضع الموسيقى من خلال شحن كل منهم لذاته المتعالية. أما الفصل الثاني فهو عبارة عن قراءة في كتاب “مناهج النقد المعاصر” لمؤلفه الدكتور صلاح فضل والذي يناول شرح لبعض المصطلحات الأدبية والنظريات النقدية والسياقات الثقافية. وجاء الفصل الثالث تحت عنوان “كانتور ومسرح الموت” يذكر فيه ان كانتور يسعى نحو مواجهة الأدب الدرامي والاعتراف باستقلالية فنون العرض المسرحي ونقاءه الخالص. موضحاً انه بحث عن مكان مسرحي خارج أبنية المسرح التقليدي لأنه يريد أرض الواقع الفني ذاته المكان المحتمل الواقعي وخلق موديل جديد لبنية المسرح عبر مادة ذاتية للفنان الذي عاشه كانتور ودفعه لوضع الممثل وهو اهم مفردة في جمالياته لعلاقته بالمادة مما يؤدي الى تحقيق الجور الإبداعي للعرض. فيقول: عندما يقف الممثل الإنسان ضد المتفرج الإنسان قريب منه للغاية، وفي الوقت ذاته غريب عنه غربة مروعة، يقف وراء حاجز لا يمكن اختراقه عبر مساحة الموت ودائرته. ويؤكد ان المسرح مكان سري يحمل بصمات خروجه من العالم الآخر ليتصل بحياتنا أمام عيون المتفرجين.. وفي موضوعة سيميائية الممثل يذكر ان الكاتب احمد شرجي حرص في كتابه “سيميولوجيا الممثل” على تأكيد الجانب الثقافي الذي يسوقه الفنان المسرحي لجمهوره بآلية عرض تواصلية تتلازم فيه الدوال مع المدلولات في نسق سيميائي مقصود من قبل المخرج يشكل الممثل والمتفرج أهم ركائز بنيته الإشارية.. واشتمل الفصل الأخير على عدة مقالات يبدأها من “موليير وفن الضحك المسرحي” وفيها يعرف موليير بانه يعد المفتاح الأول لنشوء مسرحنا العربي بعد ان قدم مارون النقاش مسرحية “البخيل” في لبنان متأثراً بمشاهدته لها في إيطاليا. ويقول: ينتقل موليير من مضايقات الحياة وآلامها الى فضاء فن الكوميديا التي يتحرر فيها الإنسان من الكرب والعنت والنقائص وكأن الكوميديا تطهره من هذه الأدران بطريقتها الضاحكة. كما يذكر أن الملك لويس الرابع عشر دعاه لتقديم مسرحيته “الدكتور المحب” في قصر اللوفر بباريس عام 1658 فاعجب بها ومنها تكونت الفرقة الملكية. وتضمن مقال “التحولات التراجيديا في المهرجان المسرحي التربوي” قراءة في عروض المهرجان المسرحي العراقي الخامس لفرقة تربية البصرة 2014 مبيناً ان المخرجين تعاملوا مع مرجعيات تراثية لها حقول دلالية تجمع الموروث والفولكلور وأنساق لغوية تحيل الى مراحل تاريخية.
وعن مسرحيته “الجهاز” ومضمرات المسرح السياسي يشير الى ان المسرحية اقتربت من البنية الرمزية الخاصة بمنظومة العقاب التي تشكلت عبر مراحل تكوين الدولة العراقية.. وفي الموضوع التالي حول المخرج محسن العزاوي يذكر انه يمتلك مؤهلات بصرية إيقاعية في منهجيته الإخراجية تقرن المرئي بالمسموع على مستوى هارموني رشيق. والمقال الأخير “مؤسسة جمالية في تفسير العرض المسرحي مقاربة بين تناول النص وبناء العرض المسرحي” للناقد سعدي عبد الكريم يتحدث فيه عن الدكتور عقيل مهدي ويصفه محطة مبهرة من المحطات التي سجلتها الذاكرة المسرحية العراقية بفخر وكبرياء، لأنه ارتقى منصات البوح خلال فضاءاته الجمالية واستنباطاته الفلسفية وبناءاته التكوينية لعناصر العرض المسرحي.

 

http://www.almadapaper.net/


شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *