البانتوميم.. فن فرعوني هجره المصريون وطوره الأوروبيون

 

 

 

تغيّرت حال التمثيل الصامت في مصر، على مدى قرون، فلم يعد البانتوميم فنّاً محبباً في موطنه الأصلي، بعدما أنشأه الفراعنة قبل آلاف السنين، في حين ازدهر في أوروبا.
يعتمد فنّ التمثيل الصامت على الحسّ الجمالي والبصري والإيقاع الزمني، فضلاً عن الإيماءة والحركة، عبر أداءٍ يقوم به ممثّل واحد، أو أكثر، لتمثيل مسرحية كاملة. على ألا ينطق الممثل بحرف واحد طوال العرض، فتكون تعابير الجسد هي المحرّك الأساسي في تكوين الصورة الجمالية، خلال العرض المسرحي.

نجدُ تشابهاً بسيطاً بين المسرح الناطق والصامت، وإن كان يُسمح في فنّ “البانتوميم” (التمثيل الصامت) باستخدام المؤثّرات الصوتية والبصرية، وتتنوّع عروضه بين فضاءي الكوميديا والتراجيديا، تماماً كما هي الحال في المسرح الناطق.

يقول الفنان أحمد نبيل، أحد روّاد فن البانتوميم في مصر والعالم العربي، إنّ “مصر الفرعونية هي أوّل من عرفت فنّ البانتوميم في التاريخ الإنساني، والمقابر الفرعونية في إدفو (جنوبي مصر) والمنيا (وسط مصر) خير دليل على ذلك، إذ رسم الفراعنة على جدرانها الكثير ممّا يدلّ على هذا الفنّ، رسومات باقية لتشهد على الثقافة الفنية لمصر الفرعونية”.

ويُضيف في حديث لوكالة “الأناضول”، “القناعُ الذي يرتديه فنّانو البانتوميم اليوم مستنسَخٌ من ذلك الذي كان يضعه قدماء المصريين على وجوه تماثيلهم في معابدهم، وحين نشأ هذا الفنّ كان عبارة عن مجموعة رسومات متعاقبة على الحائط، على نحوٍ يجعلها تبدو كأنّها تروي، لمن يتأمّلها حكاية ما، أو تترجم له فكرة ما”. 
ويستدرك نبيل، قائلاً “مع مرور الزمن عرفت البشرية المسرح بصورته الحديثة، فتطور فنّ البانتوميم ليصير مجموعة عروض مسرحية صامتة، ترتبط بالمسرح كمكان وحيد لها، بعدما كان يؤدّيه الفنان المصري القديم على جدار أيّ مبنى أثري، وأصبح من قواعد هذا الفنّ أن يرتدي ممثّله قناعاً أبيض اللون، أو يصبغ بشرته بلون أبيض، لأنّه لون محايد يُسهّل على الممثّل إيصال رسالة عمله الفنيّ بتعبيرات وجهه. كما تحوّل الأسود إلى لون الزيّ الرسمي لفناني البانتوميم في عروضهم المسرحية الصامتة، كي تكون حركات الوجه الأبيض أكثر وضوحاً أمام المشاهد”.

وأعرب الفنان القدير عن ضيقه الشديد من عدم انتشار هذا الفنّ في مصر بشكل يليق به، على الرغم من أنّ مصر هي موطنه الأصلي. وشدّد على أنّ “هذا الفنّ منتشر بشكل واسع للغاية في كلّ دول أوروبا التي تولي دارسيه اهتماماً كبيراً، وتعلّمهم الكثير عن الفلسفة والاجتماع، وحتّى علم تشريح العضلات ورياضة اليوجا، وهو أمر لم يصل إلى مصر بعد”.

وقد وافقه في الرأي محمد شيتوس، وهو ممثل بانتوميم، إذ قال لوكالة الأناضول، “لا يوجد في مصر مدرّبون متخصّصون في تعليم هذا الفنّ بشكل محترف. حتّى معهد المسرح يقدّم إلى طلابه نبذة مختصرة جداً عنه، ولا يسمح للموهوبين من خارج المعهد بدراسته”. 
وتابع، “تعرّفت إلى هذا الفنّ من خلال صديق لي درسه في الخارج، ثم تعمّقت فيه من خلال مواقع الإنترنت، حتّى أصبحت ممثلاً يقدّم الكثير من العروض المسرحية الصامتة في مختلف محافظات مصر”. ونوّه الممثل الشاب بأنّ “كبار السنّ في قرى مصر الريفية يعرفون هذا الفنّ جيداً ويتفاعلون مع عروضه، أما الشباب فيُقبِلون على العروض من قبيل التعرف إلى فنّ غامض بالنسبة إليهم”.

 

 

http://www.alaraby.co.uk/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *