عبدالله السعداوي: في كل تجربة مسرحية أكون مثل «الأعمى» الذي يقود «عميان».. وطارق العلي «كائن بشري» أحبه ولكن لم أشاهد مسرحياته

 

 

 

  • للأسف في الأعمال المسرحية الحالية افتقدنا مقولة «شر البلية ما يضحك» التي كانت موجودة في مسرحيات عبدالحسين عبدالرضا

المنامة – مفرح الشمري

الحوار مع الفنان المسرحي البحريني القدير عبدالله السعداوي الذي لقب بـ «مؤسس المسرح الفقير في الخليج» له متعة كبيرة، فبمجرد مقابلته تشعر انك امام حالة مسرحية من الصعب تفسيرها، فهو كاتب ومخرج وممثل ومدرب للشباب على التمثيل في المسرح التجريبي.

هذا الحوار الاستثنائي بدأ في سيارته التي اقلتني الى بيته الثاني مالم يكن الاول «مسرح الصواري» الموجود في منطقة العدلية بالعاصمة البحرينية، ورغم انه لم يكن في نيتي اجراء اي حوارات معه ولكن حديثه معي في السيارة دفعني الى ذلك بعدما شعرت في كلامه بنوع من «الحرقة» على واقع المسرح في الخليج.

وبعد الاستئذان منه ولد هذا الحوار:

فنان قدير مثل عبدالله السعداوي اعطى الكثير من عمره لخشبة المسرح ونال العديد من الجوائز الخليجية والدولية وحتى هذه اللحظة تتحدث بحرقة على المسرح؟

٭ لأنه حبي وعشقي الاول الذي اريد ان يكون دائما مزدهرا ومكانته عالية ولكن في الوقت الحالي اراه يسير في طريق ليس طريقه بعدما اصبح الان مشروعا تجاريا يسعى البعض منه للربح المادي بعيدا عن الاهداف الحقيقية لهذا الكائن الجميل المسرح الذي اعتبره هو الحياة.

افهم من ردك انك غير راض عن الاعمال المسرحية التي تعرض الآن؟

٭ هناك بعض الاعمال حرام ان تطلق تحت مسمى مسرح وتوجد فيها كمية من الهزل يشيب لها الراس واللحى «يشير الى لحيته».

تلك الاعمال التي تتحدث عنها القائمون عليها يقولون «الجمهور عاوز كده».. ماذا تقول؟

٭ لا يمكن للجمهور ان يكون «عاوز كده» والدليل ان تلك الاعمال التي لا يوجد فيها هدف ولا قيمة ولا تناقش قضية محسوسة لدى الجمهور يشاهدها مرة واحدة لانه دفع تذكرتها، وجميل ان تكون عندنا مسرحيات للضحك، ولكن ما يبحث عنه الجمهور يندرج تحت مقولة «شر البلية ما يضحك»، وللاسف هذه المقولة حاليا غير موجودة في مسارحنا، وهذه المقولة كنا نجدها في مسرح الفنان عبدالحسين عبدالرضا وزملائه القدامى الذين كانوا يمثلون ومستمرون في تمثيلهم والجمهور «فاطس» من الضحك، وذلك لوجود هدف في المسرحية وتناقش قضية موجودة، ولكن بأسلوب ضاحك بعيد عن الاستخفاف والهزل الذي نراه اليوم في مسارحنا للاسف.

بصراحة ما رأيك بمسرح الفنان طارق العلي؟

٭ «بعد تفكير».. طارق العلي ككائن بشري احبه واعشقه وهو انسان يحب الضحك وقلبه نظيف، لكن للاسف لم اشاهد اي مسرحية له لانني اعتقد انه لا يختلف عن طارق الانسان فلذلك هو يمثل نفسه على خشبة المسرح.

لكن انت عملت معه في مسرحية «ليلة عرس رشدان» عام 1997؟

٭ صحيح اني عملت معه في مسرحية «ليلة عرس رشدان» الذي كتبها امير الشايب واخرجها عبدالله ملك ولكن كان دوره فيها بسيطا وظهوره قليلا لذلك لم يستطع اخراج ما لديه من قدرات تمثيلية مثل الآن، وطارق احبه واعشقه مثل ما قلت واتمنى له التوفيق والنجاح ولكن حتى هذه لم اشاهد له مسرحية منذ ذلك الوقت.

كيف تجد الرقابة حاليا؟

٭ احسن بكثير من السابق واجازت العديد من النصوص المسرحية، عكس السابق كان تعاملها فيه قسوة على المسرحيين، خصوصا في عملية الحذف، واتمنى ان تستمر هذه الحالة الصحية حتى يستطيع الفنان المسرحي ان يعطي من قلبه وهو بنفس الوقت رقيب نفسه.

ماذا تعني لك «الحمار ومصقلة الاعدام» او «مؤلف ضاع في نفسه»؟

٭ تعني لي الشيء الكثير لان اول مسرحية قمت بتأليفها كانت باسم «الحمار ومصقلة الاعدام» لكن المخرج جمال الصقر قدمها تحت اسم «مؤلف ضاع في نفسه» بعدما قام بتعديل نصها في عام 1964 وكانت هي الشرارة الاولى لي في المسرح خصوصا في التأليف.

و«انتيجونا»؟

٭ مسرحية «انتيجونا» للكاتب سوفكليس قدمتها مع مسرح الاتحاد الشعبي وهي اول مسرحية مثلت فيها على نطاق المسارح الاهلية وذلك في عام 1970 ومنها سافرت الى قطر، حيث شاركت في تأسيس مسرح السد مع الفنان القطري غانم السليطي والفنان البحريني مبارك خميس والفنانة البحرينية مريم راشد.

ومسرح الصواري؟

٭ فرقة مسرح الصواري التي تأسست عام 1991 تعتبر ثالث فرقة اهلية في البحرين وعملت معها لان اهداف هذه الفرقة كانت لتطوير المسرح في البحرين وخلق ذوق مسرحي جديد، خصوصا انه طابع عروض هذه الفرقة طابع تجريبي، وسعدت بالتعامل معهم، وحصلت على جائزة افضل مخرج عام 1994 معهم من خلال مسرحية «الكمامة» في مهرجان القاهرة التجريبي، بالاضافة الى مشاركتي معهم في تأسيس مهرجان مسرح الصواري للشباب المستمر حتى هذه اللحظة والذي ستقام دورته المقبلة في اكتوبر وسأشارك فيه من خلال نص كتبته من فصل واحد بعنوان «هبوط الملاك» المقتبس من فيلم هندي بعنوان «سواريا».

من له الفضل في مسيرتك الفنية التي اصبحت حاليا مدرسة يتعلم منها الشباب المسرحي البحريني؟

٭ الفضل لله عز وجل الذي منحني القوة للاستمرار رغم الصعاب التي عشتها ومن ثم للفنان العراقي جلال ابراهيم الذي التقيته في دولة الامارات العربية المتحدة عندما سافرت لها عام 1975، حيث شاركت في تأسيس مسرح الشارقة مع الفنانين عبدالله المناعي ومحمد عبدالرحمن وعلى خميس، وايضا لا انسى المخرج الكويتي الراحل صقر الرشود الذي عملت معه مسرحية «شمس النهار» في الامارات وكانت تجمعني به صداقة قوية جدا لانه قبل ما يكون فنانا هو انسان -الله يرحمه – يشعر بالآخرين كثيرا.

انت «مؤسس المسرح الفقير في الخليج».. ماذا يعني لك هذا اللقب؟

٭ هذا الشيء افتخر به كثيرا، وجاء هذا اللقب في ظل قلة الدعم التي رأيته عندما عدت للبحرين عام 1984 وبعدها بسنتين قررت ان اعمل اول مسرحية وكانت بعنوان «رجال البحر»، ورغم قلة الامكانيات التي كنا نعاني منها في تلك الفترة كان من الصعب انجازها لكن بفضل بعض الاصدقاء عرضت المسرحية بعد ان استولينا على «قماش ابيض» من احدى المدارس، ولله الحمد لم يكتشف احد سرقتنا، ونجحت المسرحية ومن ثم عرضنا مسرحية بعنوان «الصديقان» بطلها سليمان العريبي الذي سرق رمل «بنيان» بيتهم دون ان يشعر والده «يضحك»، ايام جميلة لاننا كنا نحب المسرح بشكل جنوني، خصوصا انني بعد عودتي من الامارات حاولت ان اعمل مدرسة جديدة في المسرح تعتمد على جسد الممثل والمكان والمتلقي حتى يكون بين تلك الامور تواصل جميل، لذلك تجد عروضي في اماكن التراث والفضاء حتى تصل للجمهور، وهذا ما فعلته عندما عرضت مسرحيتي « القربان» في الهواء الطلق ونالت اعجاب الجميع لدرجة انها مثلت البحرين في مهرجان القاهرة التجريبي عام 1996.

هل تؤمن بالفشل والنجاح في عروضك المسرحية التي تحمل افكارا جديدة؟

٭ حقيقة الفشل والنجاح ليسا في حساباتي لان متعتي الحقيقية باني اعمل مسرحا تجريبيا، وكل عمل من الاعمال الذي اقدمها حالة جديدة وحياة جديدة، انا معك ان كل تجربة مسرحية فشلها اكبر من نجاحها واشعر انني اعمى يقود مجموعة «عميان» في اي تجربة جديدة حتى تنكشف جميع الامور امامي، لان المسرح عندي هو الحياة واسلوب عيش وفكر جديد، لذلك «سالفة» الفشل والنجاح خارج «قاموسي» المسرحي والذي عمل معي يعرفني جيدا.

أنتقل معك الى عالم التلفزيون..كيف وجدت الدراما الرمضانية هذا العام؟

٭ للاسف دائما في شهر رمضان اهجر التلفزيون ولا أتابعه نهائيا لا من قريب ولا من بعيد وربما اشاهد بعض الاعمال عند اعادتها.

لماذا تبتعد عن الدراما التلفزيونية؟

٭ انا عشقي المسرح والسينما وافتكر اني آخر مرة شاركت في الدراما التلفزيونية من خلال مسلسل «الساكنات في قلوبنا»، وكنت مترددا ولكن وجود الفنان جاسم النبهان اجبرني على الموافقة، خصوصا اني قلت له اني ما احب احفظ اعمالا تلفزيونية ولكنه شجعني وقبلت بتصوير الحلقتين لانه بصراحة التلفزيون ما يستهويني مثل المسرح.

ذكرت السينما.. كيف وجدت تجاربك فيها؟

٭ قدمت عددا من التجارب لارضي غروري وحبي لهذا المجال وهي مختلفة وتحمل كل تجربة فكرة معينة، والتجارب هي «الشجرة التي سرقت اوراقها» و«غبار» و«النورس الجريح» وهذه الاعمال من اخراجي.

فيلمك «النورس الجريح» بعد مشاهدتي له فيه نوع من الارتجال.. هل هذا صحيح؟

٭ صحيح فيلم «النورس الجريح» ارتجالي وهذا ما أفعله في العادة في كل أعمالي، أنا أعتمد على الفكرة فقط، في العادة لا يوجد عندي سيناريو أو قصة مكتوبة، الأفكار في العادة يحدث لها تراكم في ذهني تمر علي الحوادث وتبقى لا أنساها أبدا، الفكرة تبقى لدي لفترة طويلة ثم أخرجها وأصنع منها افلاما سينمائية وهذا ما حدث معي في احداث «النورس الجريح».

 

http://www.elwaqe3.com/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *