رولان بارت قارئاً لراسين في منتدى الاثنين المسرحي

 

ضرورة استعادة أو استلهام أعمال المسرحيين الكبار في العالم هو الاستنتاج الذي يخرج به المتابع للمحاضرة التي ألقاها الكاتب السوري هيثم حسين، مساء أمس الأول، في مجلس معهد الشارقة للفنون ضمن فعاليات منتدى الاثنين المسرحي تحت عنوان »كيف قرأ رولان بارت جان راسين؟«، وأدارها الخبير المسرحي محمد سيد أحمد .

 

هيثم حسين بدأ حديثه بالإشارة إلى موقع راسين في تاريخ المسرح الأوروبي باعتباره أهم كاتب فرنسي في القرن السابع عشر وأهم كاتب أوروبي بعد شكسبير حتى إنه يعتبر شكسبير فرنسا، وقد استلهم راسين التراث العالمي خاصة الأساطير القديمة وتصرف فيها بما يلائم وجهة نظره ككاتب من عصر النهضة يلح على الأخلاق والقيم الإنسانية النبيلة، وتميزت مسرحياته بصرامة بنائية قوية، حيث تبلغ المسرحية الواحدة خمسة فصول في كل منها خمسة مشاهد .

وقال حسين إن الناقد الفرنسي الأشهر في القرن العشرين رولان بارت اهتم براسين وخصص كتابا لدراسة أدبه، خلص فيه إلى أن راسين يقيم أدبه على تماثل تراجيدي بين المكان ودواخل الشخصية، فالمكان يوحي بالألم وبالتراجيديا تمهيداً لسبر أغوار الشخصية المعذبة بآلام حياتها، وتؤدي رموز كالماء والغبار والنار أدواراً مهمة في نصه، ويستخدمها بشكل متناغم، كما أنه يقدم صورا تعكس حياة الأسرة القديمة، الأب المتحكم والمرأة المقهورة والأشقاء المتخاصمون على الإرث، وهي شخصيات ترد كثيراً في أدبه، كما رأى بارت أن الطابع العام للشخصيات عند راسين هو كونها شخصيات مستلبة مضطربة تعيش الصراع والغربة .

وقدم حسين تحليلاً لمسرحية »فيدر« التي ترجمها إلى العربية أدونيس، وهي مسرحية شعرية تصور الصراع في أسرة ملك أثينا، وتقوم رؤية راسين على كشف الدسائس التي تحيكها كل شخصية للشخصيات الأخرى والعداوات الكامنة تحت السطح، ويتم بسببها تحريك الشخصيات لإيذاء بعضها بعضاً، ويصور مدى بشاعة النفس البشرية حين تضمر الشر وتخطط للإيقاع بالآخرين كما فعلت زوجة الملك مع ابنه (هيبولت)، التي دفعها حبها المحرم له، وعدم تجاوبها مع ذلك الحب إلى الإيقاع به .

المحاضرة كانت مناسبة لنواف يونس مدير تحرير مجلة »دبي الثقافية« للتساؤل عن مدى إمكانية أن تستعيد المسارح العربية مثل تلك الأعمال الخالدة، وكيف يمكن عرضها الآن بكل تفاصيلها التي تجري على مدى ساعات في الوقت الذي لم يعد فيه المتفرجون يتحملون عرضاً لساعة واحدة . المخرج محمود أبو العباس قال إن هذه الأعمال تحتاج إلى مخرج يمتلك خبرة ومعرفة، ويستطيع أن يتعامل مع نص فصيح، والكثير من المخرجين العرب اليوم لا يمتلكون هذه المواصفات، وتحتاج إلى ممثل قدير وخبير وذلك الممثل أيضاً نادر في ساحتنا العربية، ورأى أبو العباس أن الساحة المسرحية العربية تراجعت كثيراً عما كانت عليه في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، حيث كان هناك مسرحيون كبار مثقفون استفادوا من تلك الأعمال العالمية، وقرأوها جيداً، وعرضوها بنجاح، لأنهم امتلكوا الوعي والخبرة والحافز الضروري لذلك .

الشارقة: محمد ولد محمد سالم

http://www.alkhaleej.ae

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *