مهرجان المسرح المغربي في دورته الـ16 بين الجماليات والمفارقات

 


انتهت الدورة السادسة عشرة لمهرجان المسرح الوطني المغربي التي التأمت مؤخرا بمدينة مكناس المغربية، على وقع أسئلة ملحة تتعلق بمسارات المسرح المغربي الحالية ومستقبلها الممكن، وما تطرحه من إنجازات ومفارقات؛ وافتتح على تكريم حسن المنيعي، والفنانة فضيلة بن موسى والفنان محمد بلهيسي.

شهد المهرجان مسرحيات حاولت تحقيق فرجة مسرحية حقيقية، وتميزت بتقليعات جمالية جديدة مثل مسرحية “سكيزوفرينيا” التي فاز مخرجها عبدالمجيد الهواس بجائزة الإخراج، وكذلك مسرحية “من يطفئ التلفاز” لفرقة “دباتياتر” التي قدمت شكلا تجريبيا جديدا في تاريخ المهرجان على صعيد الفضاء المسرحي، والتي فاز مخرجها مناصفة بجائزة الإخراج كذلك، وفازت مؤلفتها إيمان الرغاي بجائزة النص، كما فازت ممثلتها الرئيسية بجائزة أفضل تشخيص نسائي.

كما تميزت مسرحية “بين بين” لفرقة “نلعب للفنون” والتي فازت بالجائزة الكبرى للمهرجان، حيث قدمت فرجة مزجت بين المسرح والموسيقى، وتناولت في أهم مقاطعها العلاقة الصدامية بين الديانات، من خلال شاب يرغب في الزواج بفتاة لا تنتمي إلى نفس ديانته.

ولعل المفارقة الأولى وهي أنه أمام هذه المسرحيات المتميزة، شهدنا مسرحيات أوغلت في الرداءة والابتذال مثل مسرحية “هلوسة” التي كانت هلوسة حقيقية من خلال نص حاول اقتحام عالم “المرتجلة”، وإخراج متذبذب طغى عليه الارتجال الفارغ، والإشارات الساقطة، والحركات التي لا معنى لها، إلى درجة تساءل معها المهتمون عن معايير الاختيار التي تسمح لأعمال مبتذلة مثل هذه المسرحية أن تصل إلى المهرجان الذي يتوج موسما مسرحيا بأكمله.

لقد كانت المسرحيات المتألقة كلها من كتابة وإخراج مسرحيين شباب، وعبرت نصوصهم عن انشغالهم بتفاصيل الحياة الاجتماعية، وبالعلاقات الإنسانية، مع الابتعاد عن الشعارات الكبرى وهو ما أصبح يميز المسرحيين الشباب في المغرب، ولكن عددا من النصوص المسرحية المقدمة، أبرزت أنها في حاجة ماسة إلى ترتيب دراماتورجي لتحقيق انسجام درامي غاب في العديد من النصوص المسرحية المقدمة.

وإذا كانت المسرحيات المشاركة قد لقيت إقبالا جماهيريا كبيرا، كما لقيت الندوات التطبيقية إقبالا من الفنانين المشاركين، فإن المفارقة الحقيقية هي غياب الفرق المسرحية ممثلين ومخرجين وكتاب عن الفعاليات الفكرية الموازية للمهرجان.

لقد انتظمت توقيعات أحدث الإصدارات النقدية المسرحية، دون حضور الفرق، والأدهى أنه تمّ تنظيم ندوة حول الكتابة المسرحية، ولم تحضرها الفرق المسرحية ولا المخرجون الذين لا يتوقفون عن التحجج بغياب نصوص جديدة، ولا الكتاب الشباب الذين هم في حاجة إلى تطعيم خيالهم المسرحي.

يبقى المهرجان الوطني للمسرح المغربي تتويجا لحركة مسرحية شابة وواعدة، ولكن في العديد من المسرحيات المقدمة نجد نمطية في أداء الممثلين، ونوعا من التسرع في إنجاز المسرحيات.. لقد افتخر أحد الكتاب بأنه كتب المسرحية في أسبوع واحد، ثم تبعه المخرج الذي افتخر أنه أخرجها في أسبوع واحد، ولك أنت تستنج مستوى هذا المنتج المسرحي؛ غير أن هناك مسرحيات أمتعت، وأقنعت، وتركتنا بين بين.. بين عالم المسرح وعالم الواقع.

 

سعيد الناجي

http://www.alarabonline.org/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *