مقتطفات من «أضواء المسرح» لـ«شابلن» بعد 66 عامًا من كتابتها

 

 

 

عام 1948، كتب الفنان الراحل شارلي شابلن، رواية «أضواء المسرح»، لكنها عرفت طريقها للنشر منذ أسابيع قليلة، بعدما أفرج عنها ورثته.

وجُمعت «أضواء المسرح» من عدد كبير من المسودات المتناثرة، التي كتبها «شابلن» بخط يده ويترجم هشام فهمي كلماتها، التي تصل لـ34 ألف كلمة، لتصدر باللغة العربية في معرض الكتاب المقبل.

وتسرد الرواية حكاية «كوميديان» شهير وناجح، لكن في سنوات عمله الأخيرة بدأت شهرته تتلاشى، وفيما يلي مقتطفات مترجمة من «أضواء المسرح».

«الجمهور؟ ولماذا تكره الجمهور؟».

أجابها بابتسامةٍ حزينة: «لأنني عجوز لم يعُد يشعر بشيءٍ إلا المرارة على ما أعتقد».

هزَّت رأسها دون أن تُبعد عينيها عنه، وقالت: «أنت لست عجوزًا، كما أنني واثقة من أنك لا تشعر بالمرارة. إنك تحب الناس كثيرًا».

«أحبهم فرادى نعم، فهناك شيء من العَظَمة في كلِّ واحدٍ منهم.. لكن عندما يجتمعون ليُكوِّنوا جمهورًا.. تعرفين كيف يكونون، إنهم مزيج غير متجانِس من مختلَف المشارِب والأهواء.. ذلك الذي كان نجمًا كبيرًا ذات يومٍ، فأمطروه استهجانًا لينزل عن خشبة المسرح.. لقد أدركت أن هذا قد يحدث لي أيضًا.. عندما يتقدَّم الكوميديان في العمر وتتلاشى حيويَّته، فإنه يجب أن يُفكِّر في عمله ويُحلِّله، هذا إذا كان لا يزال يرغب في الاستمرار في العمل الكوميدي.. ويجب أن يُفكِّر في الجمهور، وأنا بدأت أخاف الجمهور. هؤلاء القوم قساة حقًّا، لا يمكنك توقُّع رد فعلهم، كأنهم وحشٌ بلا رأس؛ ولا تعرفين أبدًا ما الذي سوف يصدُر منهم، من الممكن أن يكون أي شيء. لهذا السبب كان يجب أن أتناول شرابًا قبل أن أخرج لأواجههم. كلُّ عرضٍ الآن أصبح عذابًا. إنني لم أحب الشراب حقًّا من قبل، لكني لم أستطع أن أكون مُضحِكًا من دونه، وكلما شربت أكثر…».

وهزَّ كتفيه مضيفًا: «لقد صارت دائرة مفرغة.»

«ماذا حدث؟».

«انهيار عصبي.. كنت على شفا الموت».

«ومازلت تشرب؟».

أجاب مبتسمًا: «أحيانًا، عندما أفكِّر في أشياءٍ بعينها، في الأشياء الخطأ ربما. لكني تكلَّمت بما يكفي عن نفسي. ماذا عنك؟ ماذا تريدين على الإفطار؟»

قالت مُطرِقةً: «الكوميديا عمل حزين حقًّا».

كانت الطاولة مُعدَّة، وكان جاهزًا لطهي وجبة الإفطار، لكنه توقَّف في مكانه وقال مُفكِّرًا في عمق: «لكن لديها ما تُكافئك به… النَّشوة الغامرة التي تنتابك وأنت تسمعين الجمهور يضحك»

ثم قال وهو يفتح باب الثلاجة: «لنرَ. لديَّ بيض وسلمون وسردين، و…»»، وبتر عبارته ليُطرقِع بأصابعه، ويقول: «الحُلم! لقد حلمت بأننا نؤدِّي نِمرة معًا! لكن تلك هي المشكلة.. تراودني أفكار رائعة في أحلامي، لكني أنساها عندما أستيقظ. هذا الصباح وجدت نفسي أهتز من فرط الضحك، ثم نهضت وهرعت إلى المكتب وخططت خمس صفحات من النِّمَر التي ستقتلهم ضحكًا. ثم إنني استيقظت لأجد أنني لم أكتب حرفًا».

«هذا محبِط».

«يمكنني أن أعود، فقط إذا تذكَّرت أحلامي. يجب أن أعمل، وليس من أجل المال فقط، بل من أجل روحي».

«ليتني أستطيع مساعدتك»

قال في جديَّة: «أعرف أنني مُضحِك فعلاً، لكن مديري المسارح يقولون إنني انتهيت، إن نجمي أفل. رباه! كم سيكون من الرائع أن أجعلهم يلتهمون كلماتهم! لكن هذا ما يجعلني أكره العَجَز؛ اللامبالاة التي يعاملون المرء بها. يعتقدون أنني صرت بلا نفع، أن نجمي أفل، ولهذا سيكون من الرائع أن أعود، أن تكون عودتي مدوية، أن يرتج المسرح بالضحكات كما من قبل، أن تغمرك أمواج من الضحك فترفعك عن الأرض. تشعرين عندها بأنك تريدين مشاركتهم الضحك، لكنك تكتمينه بداخلك. لا شيء في العالم يضاهي هذا الشعور».

ثم صمت للحظةٍ، قبل أن يُردِف: «وبقدرِ ما أمقت هؤلاء الأوغاد، بقدرِ ما أعشق سماعهم يضحكون!».

http://almogaz.com/


شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *