“القطة”.. سر نجاح ورشة العمل المسرحي بالطائف

تأتي ورشة العمل المسرحي بالطائف التي دخلت عقدها الثالث بعد 20 عاما من العطاء، مجسدة للتكاتف والتعاضد بين مجموعة أشخاص لا يتجاوز عددهم لحظة البدء أصابع اليد الواحدة، إلا أنهم نجحوا في الوصول بفرقتهم وأعمالهم المسرحية إلى العالمية على الرغم من أن “القطّة” (التشارك المادي )هي مصدر دعمهم الوحيد، حيث يتحمل أعضاؤها مهام تمويل أنشطتهم بأنفسهم من خلال التقاط وتقاسم المصاريف فيما بينهم.

20 عاما مضت وورشة العمل المسرحي بالطائف في تجدد، تحقق في كل عام إنجازات وجوائز محلية وعربية ،أمام هذا التحدي الذي واجه مؤسسي الورشة إلا أن أعضائها نجحوا في تأسيسها والانطلاق بها من المحلية إلى العربية ومن ثم العالمية لتكون أطول ورشة عمل مسرحي وأول فرقة مسرحية سعودية تشارك في مهرجان دولي.
أعضاء الورشة المؤسسون ما زالوا يتذكرون اجتماعاتهم الأولية لبحث تأسيس ورشة عمل تهتم بتدريب أعضائها في مختلف أعمال المسرح وما زالوا يحتفظون بنسخة من وثيقة الورشة التي تم توقيعها في نهاية عرض أول عمل مسرحي ضمن أعضائها المؤسسين ليعلنوا بدء تأسيس أول ورشة عمل مسرحي سعودية.
يقول الكاتب المسرحي والأب الروحي للورشة وأحد مؤسسيها فهد بن ردة الحارثي إن فكرة تأسيس الورشة بدأت في التشكل في عام 1411 من خلال نقاشات جمعته مع عبد العزيز الصقعبي ويحيى اليامي داخل الجمعية ، وتناقشوا في تكوين ورشة عمل مسرحي لتدريب الممثلين وأجهزة العمل بالكامل. 
وقال الحارثي ” لم نوفق حينها لعدم وجود شباب متقاربين في السن والفكر والطموح ، فتأجل المشروع إلى عام 1412هـ ، فأعلنا صيغة المشروع وتم توقيع الوثيقة في الباحة بعد نهاية عرض مسرحية بيت العز، حيث تم الاجتماع مع طاقم العمل ، وكان التجانس واضحا في العرض الذي يعد انطلاقة ورشة العمل المسرحي “.
وبين أن ورشة العمل هي أطول ورشة عمل وأخذت أكثر من صيغة حيث تحولت من ورشة إلى استديو إلى صيغة المختبر المسرحي ، إلى صيغة الفرقة المسرحية ، مشيرا إلى أنه تم الاعتماد على الثقافة الذاتية وتدريب الذات ، من خلال التواصل مع الورش العربية ، وتم تجهيز مكتبة للتثقيف الذاتي ، وقال ” كنا نعمل مناقشات يومية ومباحث أسبوعية وأخذ تطبيقات معروفة ومن ثم تطبيقها بطريقتنا”.
وأشار الحارثي إلى أن الورشة خلال 20عاما قدمت 40عملا مسرحيا وشاركت في 60مهرجانا عربيا ومحليا وعرضت في 30مدينة عربية و 10مدن محلية .
وعن توثيق مسيرة الورشة قال ” تم إجراء التوثيق الورقي وسيتم تضمينه كتابا يضم عصارة تجربة الورشة ، ولكن التوثيق المرئي ما زال مشكلتنا الأزلية لحاجة المسرح إلى تصوير معين ” 
وبين الحارثي أن فريق التأسيس كان من بيئات مختلفة ضم معلما ومحاسبا ومهندسا وقانونيا ، وطبيبا ، أما الجمهور فقال ” كان جمهورنا من الشباب والأطفال وكبروا معنا وما زالوا هم جمهورنا اليوم ، وأصبح لديهم فكر مسرحي له ذائقة معينة”.
وعن تحمل أعضاء الورشة لتكاليف أعمالها قال” المسرح السعودي قائم على الاجتهاد والدعم الذاتي ولذلك يخفق أحيانا وينجح أحيانا وبالتالي ليس هناك ميزانيات وبالتالي يضطر العاملون إلى تمويل أنفسهم بأنفسهم ، وهذا يشكل معوقات كبيرة للمسرح ، وقد تغلبنا على كل العوائق حيث كان لدينا طموح شباب ، نفذنا تجارب خطيرة ، كما نعمل معارض مسرحية ، حيث عملنا6معارض مسرحية، بدأنا نبحث في تكوين مكتبة صوتية ونجحنا في ذلك، مدفوعين بالانطلاق والحماس.
من جهته قال العضو المؤسس والمشرف الحالي على الورشة سامي الزهراني، “أول أعمال ورشة العمل المسرحي مسرحية “بيت العز” ومنظومة عمل بيت العز هي انطلاقة الورشة الحقيقية، وكانت أول مشاركة محلية للورشة بعد تكوينها في الجنادرية عام 1412هـ ، واستمرت المشاركات الجنادرية”.
وأضاف الزهراني “كانت ميزة ورشة العمل المسرحي في تغيير واجهة المسرح السعودي إلى واجهة أكثر رحابة، حيث كانت الأعمال الاجتماعية مسيطرة على الساحة في المسرح السعودي في تلك الفترة حاولنا كسر الصندوق والخروج منه”.
ومضى يقول “اشتغلنا في المسرح الملحمي والمسرح التسجيلي والمسرح داخل المسرح والحكواتي، واشتغلنا في كذا تجربة، وحاولنا تقريب هذه النماذج التي تعتبر جديدة للمسرح السعودي لتلائم المسرح السعودي”.
وبين أن ميزة الأعمال كانت كل 5سنوات تأخذ منحى آخر وتم إخراج باقة من الممثلين المختلفين في الأداء، وقال “كنا نخوض التجربة بواقعية”.
وأضاف: أن من ضمن الإنجازات للورشة أنهم مسرحو جميع الأجناس الأدبية ، مسرحوا القصة ، ومسرحوا المعرض التشكيلي في مسرحية مساحات مشتركة ، ومسرحوا الخبر الصحفي في مسرحية البروفة الأخيرة بناءً على خبر صحفي لمخرج فنزويلي عمل مسرحية بمجموعة من المجانين، مسرحوا لعبة المنبولي الشعبية ، ومسرحوا أخبار صحفية سياسية متنوعة في مسرحية نقطة في آخر السطر0 
وبين أن من الإنجازات التواصل المستمر مع مهرجان الجنادرية، ومن ثم الانطلاق إلى الخليج وفي أول مشاركة خليجية حققت جائزة أفضل ممثل ثاني في مهرجان الخليج لفرقة تعتبر مبتدئة .
وقال إن أول مشاركة خارجية كانت بمسرحية الفنار عام 1415، بعد تشكيل ورشة العمل بـ3سنوات تقريبا ، بعدها توالت المشاركات شاركنا في مهرجان القاهرة 4سنوات ومهرجان قرطاج 4دورات ، وأضاف” شاركنا في البينالي الدولي بالمغرب ، ومهرجانات دولية ، وحصلنا على جائزة أفضل مخرج في مهرجان الأردن ، للمسرح الاحترافي ونحن هواة ، عرضنا في 30مدينة عربية ، مشيرا إلى أن عرض ” يوشك أن ينفجر” مربكافة الدول العربية ، وكانت أول مشاركة للمملكة في مهرجان دولي بهذا العرض ، وحقق عرض مسرحية صمت المكانس في القاهرة 3جوائز في مشاركة ، أفضل إخراج ، وأفضل تأليف وأفضل أداء جماعي ، وتم تحقيق معظم جوائز مهرجان الجنادرية ، وفي مهرجان الدمام تم تحقيق 3جوائز .
وعن خطة عمل الورشة في عقدها الثالث قال العضو المؤسس الممثل والمخرج المسرحي مساعد الزهراني إن المرحلة القادمة للورشة مبنية على ما سبق .
وقال ” من خلال تجربتنا 20عاما وجدنا أنه من أجل ضمان الاستمرارية لا بد من خطة لكل 5سنوات ، وبعد 20سنة وجدنا أنه لابد من الاهتمام بثلاثة أشياء وتحقيقها ، هي العرض المسرحي الذي لا بد أن يتجدد من خلال الاستمرار والقراءة وحضور الدورات ، وإضافة عناصر جديدة في كل عام ، وكذلك التوثيق وطباعة الكتب.
وقال لدينا خطة بعد مرور 20عاما أن نصدر إصدارا عن الورشة وطباعة كتب عن تخصصات التأليف والإخراج وفكر الورشة ، والتعاون مع مؤسسات أخرى ، كالنادي الأدبي والقطاع الخاص والمحافظة ، والتعاون مع المؤسسات.
وكشف الزهراني أن العناصر الأساسية للورشة في مرحلة سنية يتحتم عليها إيجاد جيل جديد يتسلم الراية ، قائلا ” خلال عشر السنوات القادمة سنهيئ جيلا جديدا يضمن استمرارية الورشة ، ومشكلتنا في عدم استمرارية العناصر الشابة الذين يعملون مع الورشة حيث تجبرهم ظروف العمل على مغادرة الطائف بعد أن يتم تعيينهم خارج الطائف.
وأشار الزهراني إلى أن الدعم خلال العقدين الماضيين كان ولا يزال قائما على مبدأ القطة ، وكان نجاح أعمالنا مرهونا بالقطة لعدم وجود ميزانية في الجمعية أو في الوزارة ولكي نُنجح مشروعنا لا بد أن نضحي.

 

 

الطائف: ساعد الثبيتي 2012-07-25 1:38 AM


شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *