المسرح اليمني.. هل يُسدل الستار عليه؟

 

 

 

تعاني الحركة المسرحية في اليمن كثيرا من الاعتلالات التي تعيق تقدمها، وتجبرها على التراجع خطوة بعد أخرى، وصولا بها إلى حالة من الخفوت الفني.

ورغم أن تاريخ الحركة المسرحية في اليمن عريق وتمتد جذوره إلى مطلع القرن الماضي، حيث ظهر في ذلك الوقت أول مسرح في مدينة عدن أصبح المسرح اليوم أقل الأدوات الفنية حضورا في المشهد الأدبي اليمني لأسباب عدة سيؤدي بقاؤها إلى انطفائه وإسدال الستار عليه.

في البداية يرى القاص والكاتب المسرحي صلاح الدين نعمان أن ثمة أزمة نص حادة يعيشها العمل المسرحي، وهي أزمة نوعية لا كمية.

ويؤكد نعمان للجزيرة نت أن ما يقدم اليوم على خشبة المسرح مكرر ويستنسخ أعمالا مسرحية سابقة، بعضها لا صلة له بالواقع اليمني، وبعضها الآخر يفتقر إلى ملامح النص المسرحي فكرة وعرضا.

ويتابع أن المتأمل في الحصاد المسرحي للعام الماضي على سبيل المثال يدرك دون كثير تأمل أن القلة القليلة من النصوص تنتمي بشكل أو بآخر إلى فضاءات النص المسرحي بشروطه الفنية والموضوعية، بينما الكثرة الكثيرة تمثل نماذج باهتة وضعيفة، تتكئ على خطاب كوميدي يعلي من شأن الهزل على حساب الرسالة الثقافية للمسرح، ويعزز الرتابة والنمطية بشكل ذابح.

ويشير نعمان إلى تدفق مجاميع من الهواة غير المؤهلين إلى خشبة المسرح، بسبب العوز الكبير الذي يعيشه المسرح في كل مفاصله، وقد تضافر هذا العامل مع أزمة النص في ترسيخ قناعة سلبية لدى جمهور المسرح بأنه أصبح ساحة للتهريج، ليس أكثر.

خذلان في خذلان
ومن جانبه يرى الفنان المسرحي فؤاد الكهالي أن الحركة المسرحية الراهنة في اليمن خذلتها كثيرا الجهات الرسمية ذات العلاقة، ابتداء من عدم توفير البنية التحتية للعمل المسرحي، وانتهاء بتلك النظرة الدونية التي تبديها هذه الجهات تجاه المسرح على أنه كمالية ثقافية لا وجودها ينفع ولا غيابها يضر، وإلا فما معنى هذا التجاهل المريب؟

وينفي الكهالي في حديثه للجزيرة نت أن تكون أزمة المسرح اليمني قائمة في شق منها على غياب الكوادر المؤهلة، مؤكدا وجود العشرات من هذه الكوادر التي أهلت تأهيلا حرفيا عاليا في روسيا ومصر والكويت وسوريا، لكن “هذه الكوادر هي الأخرى مخذولة، ولا تلقى أي تشجيع أو دعم سواء من الجهات الرسمية أو الخاصة”.

ولا ينكر الكهالي تسلل كثير من الهواة إلى خشبة المسرح، لكنه ينحي باللائمة على القنوات الخاصة التي استجلبت الهواة في أعمالها الدرامية، وشيئا فشيئا وصلوا المسرح، مؤكدا أن الجهات ذات العلاقة خاصة المؤسسة اليمنية للمسرح والسينما “لم تقم بأي إجراء لمنع هذه الظاهرة، بعد أن دخلت في بيات شتوي قارس، وأصبحت مهمتها منحصرة في توزيع المرتبات لمن بقي من موظفيها”.

ويذكر الفنان كمال الطماح للجزيرة نت أسبابا عديدة جعلته يهجر المسرح -الذي ولد فيه كفنان- إلى العمل الدرامي التلفزيوني، مؤكدا أن المسرح أصبح مجدبا بعد أن تخلى عنه القائمون على الشأن الثقافي، وأكد أن الدراما التلفزيونية أصبحت اليوم تستقطب كثيرا من الوجوه المسرحية المعروفة، ومع ذلك لا يمكن القول إن الدراما التلفزيونية تلبي كل تطلعات الفنان اليمني ماديا أو معنويا، فهي موسمية وذات نتاج فني محدود.

يقين ثابت
ويؤكد المخرج المسرحي الشاب عبد الله يحيى إبراهيم للجزيرة نت كل أسباب تراجع المسرح المذكورة سلفا، متسائلا “كيف لي أن أقدِّم عملا مسرحيا أكاديميا، وأنا أفتقر إلى خشبة مسرح معدة بكل لوازمها من صوت وإضاءة وديكور وإكسسوارات؟”، فصالة المركز الثقافي بصنعاء -وهي الصالة الأولى في اليمن- لم تعد خشبة مسرح، وإنما أعدت لكل الفعاليات الثقافية، ومن ثم لا يوجد شيء اسمه صالة عرض مسرحي في اليمن كلها.

ويبدي إبراهيم -الحاصل على دبلوم إخراج مسرحي من المعهد العالي بسوريا- تفاؤلا كبيرا بمستقبل الحركة المسرحية في اليمن، مؤكدا أنه ومجموعة من الشباب لم يفقدوا بعد يقينهم بجدوى رسالة المسرح الثقافية، وأنهم لذلك سيواصلون جهودهم في كل المحافظات اليمنية حتى يتحقق الأمل في ميلاد مسرح حقيقي يرتقي بالمشهد المسرحي في اليمن إلى مصاف التجارب المسرحية في البلاد العربية.


المصدر : الجزيرة

 

http://www.aljazeera.net/


شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *