«ليلة مع مكبث».. نضوج فني للتركماني .. و«عثرته» الوحيدة مخارج الحروف

 

تعد مسرحيات الكاتب الانجليزي وليام شكسبير من أقوى الأعمال المسرحية، ذات الطابع الجاد الذي يميل إلى السوداوية في الطرح، فمن منا لا يعرف أو قرأ أو شاهد «عطيل، روميو وجولييت، تاجر البندقية أو مكبث»، فكثير من مسارح العالم قدمت أعماله وعالجتها بما يشاهده المخرج في رؤيته الفنية لها.

وفي الكويت كان الجمهور في الأيام الماضية على موعد مع «ليلة مع مكبث» هذا العرض المسرحي الذي تصدى له الفنان عبدالله التركماني على مسرح المركز الثقافي الأميركي، ليقدم نفسه في هذا العرض كمخرج وليس كممثل، فما كان منه إلا أن أبهر الجمهور بالمعالجة التي عمل على إعدادها لمدة عام وستة أشهر، وآلياته في الإخراج التي اتضح من خلال مشاهدتنا أنها في تطور مستمر وصل لحد النضج الفني.

قدم التركماني ليلته مع مكبث بمعالجة رائعة اختصرت القصة كاملة بما تحمله من صراعات نفسية تدور داخل الإنسان، وتعكس الطمع الذي ينشأ داخل النفس البشرية، عن طريق المحيطين فيه، وكان من المميز في المعالجة التي قدمها عبدالله خلوها من أي عنف أو مشاهد قتل بما لا يشكل خللا في النص الذي قدمه.

وساعد في إيصال الفكرة الإضاءة التي صممها المهندس مشعل المرجان وشكلت عاملا أساسيا في نجاح المسرحية، فكانت تتواكب تماما مع الأحداث والتصاعد الدرامي للقصة، فتداخلت الألوان لتعكس نفسية الشخوص التي قدمها أبطال العمل وهم «يوسف البغلي» الذي يؤكد في كل عمل يقدمه بأنه يمتلك الكثير من الموهبة والقدرة على التلون بحسب النص والدور الذي يقدمه، فظهرت كلماته ومخارج ألفاظه واضحة حتى لمن تواجد في الصفوف الأخيرة، وهذا الشيء الذي افتقده الكثير من ممثلي العرض، فكانت تلك هي الثغرة الوحيدة التي لمسناها في العرض الذي قدمه التركماني، وبحرفية الممثل تلافاها البغلي وعصام الكاظمي وزينب خان، التي أكدت من خلال هذا العرض المسرحي قوتها كممثلة مسرحية، وتطور أدائها يوما بعد يوم.

ولكن على الرغم من تلك الثغرة التي تتطلب من التركماني تلافيها في عروضه المقبلة، بزيادة تدريب الممثلين على نطق الحروف التي ضاعت بسببها الكلمات فضاع الحوار في بعض المشاهد، إلا أن الجميع لا يمكنه الاختلاف على أن المسرح الشبابي في الكويت مازال ينتج عناصر فنية قوية، يمكنها أن تنافس غيرها من الطاقات الشبابية في مختلف أنحاء الوطن العربي، وفي هذا نحن نتحدث عن بقية أبطال العمل وهم:« علي محسن وياسر ملا علي وراويه الربيعة ومحمد فايق وعلي بولند ومحمد الفيلي وأخيرا علي الششتري».

وما زاد من حيوية النص موسيقاه التصويرية، التي اعتمد فيها عبدالله التركماني على الموسيقى الحية والتي صممها هاني عبد الصمد، فتمازجت مع النص وواكبت المشاهد والتفاعلات الدرامية، هذا إلى جانب الاكسسوارات والديكور والأزياء، وخاصة الأقنعة التي كانت تعبر عن الوجوه التي تحملها النفس البشرية وصممها المهندس محمد عارف.

في النهاية «ليلة مع مكبث» تمكنت من إثبات أن هناك عددا كبيرا من الجمهور الذي يسعى وراء المسرح النوعي وليس المسرح التجاري الذي يقدم في مواسم الأعياد والعطلات، فامتلأ مسرح المركز الثقافي الأميركي عن آخره على مدى الأيام التي قدمت فيها المسرحية، والبعض حضرها وقوفا رغبة منه في مشاهدة ما الذي سيقدمه التركماني كمخرج هذه المرة، وأيضا ما ستقدمه فرقة الجيل الواعي، التي على الرغم من اعتياد الجمهور ممن يعرف هذه الفرقة المسرحية على أن ما تقدمه دائما ما يلفت الأنظار، إلا أن التركماني بالفعل تمكن من إعطاء نظره مختلفة عما اعتاده الجمهور، فقدم النص الجاد للغاية، بعيدا عن أي هزل يساعده في جذب الجمهور للعرض.

 

خلود أبوالمجد

http://www.alanba.com.kw/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *