علي عيسى: انا الموثق الفوتوغرافي الوحيد لجميع اعمال المسرح

 

 

 

منذ اواسط السبعينيات وهو يحمل كاميرته الفوتوغرافية،مؤرخا لكل السكنات والزفرات والخلجات التي تنتاب الممثلين على خشبة المسرح، حتى اصبح علامة فارقة في دائرة السينما والمسرح، لا تفوته شاردة ولا واردة، ولم يمر منه فنان دون ان تكون كاميرته على اهتمام به،لديه الملايين من الصور والافلام الخام، يحافظ عليها كما يحافظ على اولاده لانه يعدها جزء لا يتجزء منه، انه بصراحة ذاكرة السينما والمسرح في العراق الذي ما زال متواصلا في اثارة الذاكرة بالكثير من اللقطات التي لايذكرها حتى اصحابها وتراه مستعدا لاقامة معارضه للدهشه على الرغم من الصعوبات والمنغصات.

* ما المعرض الذي تستعد لاقامته؟
– معرض خاص عن السينما العراقية،فيه 3 محاور ويضم اكثر من 150 صورة بالاسود والابيض والملون، المحور الاول عن الفنانين السينمائيين الراحلين،صور بورتريه،كل الفنانين الذين رحلوا وكذلك عن الافلام القديمة منذ السبعينيات الى الان، اضافة المحور الثالث المهم وهو الذي يتضمن صور العاملين خلف الكوالبيس، مثل اهل الاضاءة والمكياج ومساعدي المخرجين والمخرجين المساعدين ومدير الانتاج والمخرجين ايضا، جمعت صور جميع العاملين منذ السبعينيات وهناك صور لاكثر من 35 عاما وهي ستظهر لاول مرة للجمهور فأنا احتفظ بها، وانا حرصت على هذا المحور لان لولا هؤلاء لما ظهر الفيلم فهؤلاء مجهولون من قبل المؤسسة والجهات المعنية والاعلام ايضا، ويجب الاهتمام بهم.

* ما الرقم الذي يحمله المعرض الجديد؟
– انه يحمل الرقم 77 منذ ان بدأت حياتي الاحترافية عام 1977، حيث اقمت طوال السنوات 37 عاما الماضية 76 معرضا عن المسرح العراقي ومسرح الطفل والفرقة القومية للتمثيل والسينما العراقية وعن فرقة الفنون الشعبية وعن الفن العراقي بشكل عام وعن الشارع العراقي بالصور الحياتية اليومية، بامكاني ان اعمل معرضا لاكثر من 300 صورة لكل المخرجين العراقيين المسرحيين والسينمائيين.

* ما آخر معرض اقمته؟
– كانت لمناسبة مهرجان بغداد الدولي للمسرح اقمت معرضا خاصا عن المسرح العراقي، كان مشتركا بيني وبين ابني عمار، وهذا ثاني معرض مشترك بيننا،وقد اردته ان يكون امتدادا لي ويحافظ على هذا الارشيف من الضياع، هذا المعرض مشترك، كان بامكاني ان اجعله اكثر من 200 لوحة ولكن المكان ما يوسعها لذلك عرضت 75 لقطة، هذه اللقطات ابتداء من مسرحية (وحيدة) الى قائمة طويلة من الاعمال التي شركت بها اسماء كبيرة مثل ابراهيم جلال وبهنام ميخائيل وقاسم محمد وجاسم العبودي، وهؤلاء لم يعرفهم احد خاصة من الجيل الجديد طلبة كلية ومعهد الفنون الجميلة، اردت ان اعرّف الناس بمؤسسي الفرقة القومية للتمثيل وفناني المحافظات لانهم مغبونون دائما، وكذلك الاعمال العربية والاجنبية التي زارت بغداد.

*ما اقدم الصور لديك؟
– منذ المسرحية الاولى (وحيدة) صعودا،لم تفتني مسرحية لم اصورها ولم اترك فنانا دون ان اصوره.

* ايهما تفضل التصوير الملون ام الاسود والابيض؟ 
– كصور فني الافضل لي ناجحة اتحكم بها انا داخل الغرفة الظلماء هي القديمة التي احمض الفيلم بيدي، واقصد الابيض والاسود،هذه الصور اجمل، اليوم الحاسوب لعب دورا كبيرا والكاميرا الرقمية السريعة، لا انكر انها خدمتنا كمصورين صحافيين وخدمت الصحافة ولكن ليست فيها تلك الروح التي تتميز بها الصورة الصحفية او المسرحية فأنا حين اصور المسرحيات مثلا اصورها كلوحة، مثلما اصور للصحافة.

* ما عدد الصور لديك طوال هذه السنوات؟
– عندي ملايين الصور، في بيتي هناك غرفة خاصة حتى ان أهل بيتي صاروا ينزعجون منها لكثرتها،ملايين الصور، ربما 6 ملايين صور من غير الموجود في دائرة السينما والمسرح والافلام الناجاتيف، كلها محفوظة بأمان وبمكان جيد، ولكن مع الاسف الجهات المعنية مثل وزارة الثقافة او دائرة السينما والمسرح لا يعطيان اهمية للفوتوغراف، على سبيل المثال: انا اصور العرض المسرحي بنحو مئة صورة،لقطات انتقيها من اماكن عدة، لكن الغريب ان المخرج لا يهتم للفوتوغراف، ولكن فيما بعد اجده يتوسل من اجل صورة واحدة،بينما هو لا يساعد المصور في التقاط صور فنية اكثر منها صحفية، ونحن نعرف انه لولا الصورة لماتت اعمال كثيرة،سواء سينمائية او مسرحية او نشاطات ثقافية، فالصورة وثيقة تاريخية، والمفروض ان يكون هناك اهتمام من قبل الوزارة.

*هل تعتقد انك ابرز موثق لتاريخ المسرح العراقي؟
-رحم الله احمد فياض المفرجي الذي كان من اهم الموثقين للسينما والمسرح كتابة، انا الموثق الفوتوغرافي الوحيد في العراق الذي صورت جميع اعمال المسرح العراقي من الفرقة القومية للتمثيل ومنتدى المسرح ومسرح الطفل فضلا عن الافلام السينمائية وكذلك اعمال الفرق الاهلية كفرقة مسرح الفن الحديث ونشاطات اكاديمية الفنون الجميلة والمحافظات، كلها موثقة عندي ولديّ تاريخ من الممكن ان يكون مؤسسة كاملة يديرها على الاقل 40 موظفا، ومن الممكن ان تحفظ الكترونيا،وبصراحة بامكاني ان اعمل كتابا بمجلدات مصورة عن المسرح العراقي بكل خصوصياته وكذلك السينما،وقد فوجيء الفنان سامي عبد الحميد بصور مسرحية (بيت برنالد البا) في السبعينيات حتى انه قال ان صورها ليست لديه اصلا،وهناك الكثير من الاسماء المنسية التي هي ذاكرة المسرح العراقي،التي تحتاج الى ان تكون متحفا مصورا يرتاده الناس وتزوره الوفود لتعرف تاريخ هذا المسرح.

* ألم تتضرر صورك خلال احداث عام 2003 وقد علمنا ان دائرة السينما والمسرح نهبت وحرقت؟

– في احداث نيسان 2003 نقلت ارشيفي كله الى البيت ما عدا القليل منه، وكنت اتوقع ان تحدث اعمال الحرق والسلب والنهب،وكانت هنالك صعوبة في النقل والتجوال،ومع ذلك جئت الى دائرة السينما والمسرح فوجدتها تحترق وتتعرض للسرقة،فدخلت مع العصابات مرعوبا ووصلت الطابق الرابع الذي كانت لي فيه عدة غرف،فدخلت الغرف التي فيها ما تبقى من ارشيف فأخذت جزء منه وأمنته عند الكنيسة القريبة من مسرح الرشيد،حتى انقذت كل المتبقي بمساعدة الفنان فاضل عباس الذي وظف سيارته لخدمتي وكذلك الفنان حيدر منعثر وعباس ثويني خلال يومين، نقلتها الى الكنيسة ومن ثم الى البيت فيما بعد.

*اي الفنانين كان يهتم بالصورة اكثر من غيره؟
– المخرج الكبير الراحل قاسم محمد،الرجل الذي يحمل اخلاقا عالية ويحترم الاخر وكان يفسح لي كل المجالات للتصوير،وكان يفرح بتوثيق اعماله بالفوتوغراف وكذلك ابراهيم جلال وجاسم العبودي وبدري حسون فريد وفاضل خليل وصلاح القصب وعواطف نعيم وعزيز خيون، واغلب فناني الجيل القديم يهتمون بالصورة الفوتوغرافية، اما الجيل الجديد والوسط لا يهتمون كثيرا بالصورة.

* واي الفنانين العرب والاجانب أرخت لهم؟
-هناك الكثير من الشخصيات العربية والعالمية التي التقيتها وصورتها وتركت انطباعا جميلا في نفسي مثل عبد الله غيث وصلاح ابو سيف وسعاد حسني التي كنت مرافقها الصحفي وسميرة توفيق وطروب ومصطفى العقاد وانطوني كوين وصولا الى عادل امام، كل الوفود الفنية التي زارت العراق من حقبة السبعينيات صورتها ووثقت بالصور نشاطاتهم ولقاءاتهم وما زلت احتفظ بها.

* ما الجوائز التي حصلت عليها؟
– كثيرة جدا، ما بين محلية وعربية وعالمية، لا تعد ولا تحصى، في العديد من المهرجانات والمسابقات وكذلك في الاستفتاءات السنوية التي تعطيني لقب افضل مصور.

*اي الكاميرات تستهويك اكثر لاسيما ان الرقمية اصبحت له مكانة؟
– في السبعينيات ما كان عدد المصورين كبيرا لاسيما في الصحف والمجلات،فكانت للمصور الفوتوغرافي اهميته وهيبته، اما حاليا منذ 2003 وصاعدا، ظهرت الكاميرا الرقمية التي هي جيدة جدا،في السابق ليس في كل البيوت كاميرات الان في كل بيت اكثر من كاميرا وكل شخص يحمل كاميرا، ولكن يا ترى هل الجميع يعرفون كيف يتعاملون معها وكيف يتعامل مع الشخصية المراد تصويرها،انا اعتبر تصوير العروض المسرحية من اصعب انواع التصوير الاعلامي والصحفي لان فيه فن وتقنية عالية فيه لقطة لن تتكرر ثانية وفيه انارة التي اهم شيء لان التصوير بـ (فلاش) معناه ضاعت الملامح كلها، انا تأثرت بمصورين من
الاتحاد السوفيتي وتعلمت منهم الكثير، لذلك انا في تصوير العروض المسرحية لا استخدم (الفلاش) ابدا، واعتمد على انارة المسرح لانها تعطيك الجودة والظل والضوء وتفاصيل اخرى، الا الكترون وهي تعطي المصور كل شيء لكنني لا استعملها دائما وأحن الى كاميرتي العادية لانني احس بالمتعة معها.

 

 

عبدالجبار العتابي

http://www.elaph.com/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *