من اجل أعادة بناء المسرح المدرسي في الوطن العربي

 

 

 

المسرحية فن من الفنون الأدبية التي عرفها الأدب العربي في العصر الحديث وهي تمثل الصورة اللغوية والفنية التي تأخذ شكلها النهائي حين تؤدى على خشبة المسرح ، لكي  يتلقاها الجمهور ، سواء أكان هذا الجمهور من الصغار أم الكبار . وللمسرح اثر فعال في نفوس الأطفال والطلاب لما ينضوي عليه من نشاط تمثيلي يؤدي إلى انفعالهم واندماجهم معه إلى حد التعايش مع شخصياته وأجوائه و يساعد على جعله وسيطا ً مناسبا ًلنقل الأفكار ، والقيم والمفاهيم أليهم ، والمسرح بخصائصه الدرامية يساعدهم على تفهم هذه القيم بسهولة وتقُبل أكثر من تقبلها من الكتب المنهجية . كما أنهم سيرون الحوادث أمامهم في أماكنها وبأشخاصها بالإضافة إلى مناظره وديكوراته واضاءاته الساحرة التي تتعاون جميعا على نقل الطالب إلى العالم الذي يسعده أن يراه ، كما أن المسرحية ذات تأثير كبير على الطفل أو الطالب وقد يكون وقعها أعمق في نفوسهم من القصة أن رويت أو قرئت أو كانت موجهة أليهم . أما أذا كانت على شكل عمل مسرحي فإنها ستجذب الطالب أكثر بسبب أداء وحركات وشخصيات الممثلين ، وكذلك الديكورات والملابس والأضواء المستخدمة . وبما انه للمسرحية اثر كبير فأنة بالإمكان استثمارها في تنمية عقل الطالب والطفل تنميته عقليا ً، وعاطفيا ً، وجماليا ً، ولغويا ً، وثقافيا ً. من خلال أعادة مسرح الطفل والمسرح المدرسي معا ً
لن كلا المسرحين يجمعان فن شامل للعديد من الفنون التربوية والتعليمية والفنية وتحقق الاستثمار لمختلف الحواس التي يمتلكها الإنسان ويجعلها أدوات فاعلة في عملية التعليم ، وهي بطبيعتها مصدر متعة للطلاب و للأطفال ولمختلف الفئات العمرية سواء ا كانت شعرا ًأم نثرا ًأم مزيجا ًمنهما ، لأنها تقتضي الحركة والنشاط وتمثيل شخصيات مختلفة من المجتمع . فضلا عن ذلك فان المسرح يضع الجمهور والمتلقي في مواجهة  حقيقية أمام تجارب جديدة ، ويحفزهم إلى التطلع نحو تجارب أخرى ، زيادة على انه يجيب عن ألاف التساؤلات التي تدور في أذهانهم بطريقة شيقة وفي صورة فنية واضحة تعتمد على الإيحاءات الخفية التي تتسلل إلى نفوسهم بتقبل . وان عرض المسرحيات للأطفال والطلاب بمختلف المراحل الدراسية يخلق منهم في المستقبل جمهورا ًمسرحيا ًناضجا ً، يتذوق منها الرفيع ، ويزدري منها الرديء ولا شك أن أزمة مسرح الكبار اليوم في الوطن العربي تعود في كثير من أسبابها إلى أن جمهور الكبار اليوم لم يتدرب في طفولته على التذوق المسرحي الفني ، لذا نجد كثيرا من جمهور الكبار يتدافع لمشاهدة المسرحيات التجارية أو المبتذلة ولا شك أن الجمهور الذي يتقبل المسرحيات الرخيصة يعجز عن وضع الأسس لإيجاد مسرح رفيع سامي مهذب . ومن خصائص المسرح المدرسي أن تكون المسرحية مناسبة للطالب في جميع المراحل الدراسية . وكذلك مسرح الطفل يجب أن تكون المسرحية ألموجهه أليه تتفق من سن الفئة العمرية التي كتبت إلية , كما يجب أن تتجنب المسرحية الحكايات المعقدة , والأحداث المتشابكة , الصراعات المتعددة بين الشخصيات , عدم وجود شخصيات مركبة أو ازدواجية وإشراك اقل عدد من الممثلين , وتستخدم كذلك الحبكة البسيطة , لان وجود مثل هذه الأمور في المسرحية تصيب الأطفال والطلاب  بحيرة وارتباك وعدم الفهم لما يجري . ولا ننسى أن الأطفال بطبيعتهم يتسمون بعنصر الفكاهة والمرح والضحك , لذلك فأنهم يحبون المسرحية المتسمة ببداية جذابة تدخلهم إلى العرض بسهولة وبهجة وبنهاية واضحة وعادلة وعلى الأغلب غير محزنة . وهذا يتبع عمل الكاتب الذي لابد له أن يقدم موضوع العمل وشخصياته بروح مرحة محببة للأطفال متسمة مع طبيعة الأطفال المرحة
ويقسم المسرح المدرسي و مسرح الطفل عادة إلى عدة أقسام رئيسيه  :


1 ـ المسرحية البشرية : وهي المسرحية التي يمثلها أشخاص حقيقيون من البشر، وبعض النظر أذا كانوا من الممثلين الكبار أم الصغار أم الشباب أم الرواد , أم نخبة من الطلبة الموهوبين في التمثيل .
2 ـ مسرح الدمى : وهي المسرحية التي تمثلها مخلوقات خيالية وبأشكال مختلفة , أبدعها خيال المؤلف وصنعتها موهبة الفنان ويحركها أشخاص مختصون طبقا ًلما يتطلبه المشهد ويراه المخرج . وبالتأكيد قد تراءت ألان في أذهانكم شخصيه ضفدع كامل , وبوكي وطمطم وغيرها .
3 ـ المسرحية الغنائية : وهي التي تؤدى عن طريق الغناء الجماعي أو الفردي من أشخاص معنيين ويقدم على شكل لوحات غنائية استعراضية بحوار نثري ، أو سردي أو شعري مرفقا ًبأنغام موسيقية . وكثيرا ًما
يفعل هذا المسرح في الاحتفالات والأعياد الوطنية والدينية أو الحماسية . التي تغرس في نفوس الأطفال والطلاب القيم القومية والوطنية مثل حب الوطن والولاء له والتفاني في سبيل أعلاء شانه وغيرها .
4 ـ المسرحية التعليمية والتثقيفية : وهي التي تدور حول معالجة بعض الدروس المنهجية في فرع من فروع المعرفة المختلفة , أو تدور حول موضوعات الثقافة العامة , سواء كانت معلومات تاريخية أم جغرافية أم للغوية أم علمية أم حول بعض المخترعات والعلماء والأدباء وغيرهم . وهذا النمط من المسرحية يسهل اكتساب المعلومات والمناهج الدراسية بالنسبة للأطفال وكذلك تزود الأطفال بالمعلومات العامة .
نحن في الحقيقة بحاجة ماسة ألان إلى أعادة النظر في بناء جديد للمسرح المدرسي  , وخصوصا ًفي المدارس بحيث يكون المسرح درسا ًمن الدروس المنهجية التعليمية المتطورة , ويمكن من خلالها طرح القيم والفضائل والعادات الحسنة مثل الصدق والشجاعة وتوجيه الأطفال والطلاب إليها وتحبيبهم فيها ، وتنفيرهم من الرذائل والعادات السيئة مثل الكذب ، والنفاق ، والسرقة ، وغيرها .
وبذلك نكون قد اعددنا جيلا ًمتعلما ًومثقفا ًمحب للمسرح ومتحليا ًبجميع العادات الحسنة والمواطنة الصالحة ..


*hassanalwaznee@yahoo.com

 

حسن الوزني

http://www.kitabat.com/

 


شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *