(استراحة على متن الريح) مسرحية بريطانية تناولت حياة جبران

 

شهد مسرح الحسين الثقافي أمس اختتام عروض المسرحية البريطانية «استراحة على متن الريح» التي انتجها علي مطر، وكتبها نديم صوالحة، وأخرجتها تانوشكا مرح.
تتناول حكاية المسرحية حياة أحد أبرز الشعراء والكُتاب  العرب في الغرب اللبناني جبران خليل جبران، وإظهاره كمثل ونمط إنساني يعد مدعاةً للفخر، بفعل ما اجترحته قريحته من فلسفة خاصة به، تضمنه، جل منتجه الأدبي، مُبرز رسالتها الأساس في أهمية شيوع الحب والسلام بين أبناء البشر.

طرح البناء السطحي حياة شخصية (جبران) العاطفية، في أداء فانوس إكسنوفس،مجسدا هواجسه، وأمزجته، وثقافته، ومواقفه الاجتماعية،  ومن جهة ثانية؛ خلال علاقة شخصية جبران، مع الشخصيات الهامة في حياته التي أثرت في تشكيل شخصيته الفريدة، من خلال تصميم الشخوص التي كانت محيطة به، وأثرت على تكوين شخصيته، سواء في الوطن؛ لبنان، مثل شخصية و(الده)، التي جسدها ببراعة نبيل صولحة، وأمه التي قدمتها لارا صوالحة، و(أخته ميريانا) قدمته دينا موسوي، أو في المهجر وبخاصة تلك المرأتين التي أظهرتهما المعالجة الدرامية كمعطيين أساسين في صياغة شخصية جبران، (ماري هكسل) وقدمتها ستيفني ألاين، التي أرسلته ومولت أغلب سفراته للتعلم، و عشيقته (ميشلين)، و(مريانا) أدتهما لارا صوالحة، و(فردّ) مرشده غريب الأطوار؛ بالإضافة إلى أولئك الذين جاءوا كعثرات في حياته مثل مارزو جاره رجل اعمال، قدمه نبيل صوالحة.
فضلا عن إظهار  المسرحية، التي جاءت في ساعتين متواصلتين، الصعوبات التي واجهها كمهاجر عربي في الفضاء الأمريكي المغاير، وما عُرف بشغفه وحبه للشعر والفن والأدب. فعلى الصعيد المهني، تتطرق المسرحية لفترة مريرة من حياة جبران حيث واجه العديدمن التحديات كما فعل في كتابه «النبي».
البناء العميق للعرض، طرح، وضمن سياقته المضمرة، أفكار جبران جسرا بين عالمي الشرق والغرب، لجهة أن هذين العالمين يكملان بعضهما اجتماعيا وثقافيا، في صيرورة تطور الحضارات لشعوب وأمم القارت الخمس.
غابت عن المسرحية شخصية مي زيادة،  التي كانت تشكل طرفا مع جبران، في إنشاء علاقة حب عذرية، عاصفة، نقية، فيما بينهما، غير أن صوالحة المؤلف، قال: «أنه تعمد إقصاءها، بفعل أن علاقتها معه كانت افلاطونية، بينما ركزت على دوري (ماري هكسل) و(ميشلين)، لأنهما كانتا واقعيتين ولهما حضور فعّال رسما خطوط حياة جبران العاطفية والمهنية، ولولاهما لربما تغيرت كليا معالم شخصية جبران التي يعرفها العالم الان».
ومن جهة اخرى كان موفقا صوالحة الكاتب، في التركيز على كتاب «النبي» في استلهامه لأبنية المسرحية المختلفة، ذلك أن هناك اجماعا لدارسي جبران، بأنه خلاصة فكر جبران، حيث أنه صرح مباشرة بذلك، بأني وضعت فيه كل مفاهيمي عن الإنسان والحياة بالنسبة له، كما ولا بد من ذكر التثاقف الذي ظهر في «النبي» و»هكذا  تكلم زادرشت»، من حيث احتواؤهما على المواضيع المشتركة: كالنظرة تجاه الأبناء، والصداقة، والحب، والحرية، والزواج، والموت.
برعت الرؤية الإخراجية لمرح في الكشف عن مقترحاتها، سيما في التوغل كثيرا في فضآت الدراما، على حساب إقصاء العامل التاريخي، والتوثيقي لحياة جبران، التي عادة ما تقع في شباكها الأعمال المتناولة للشخصيات السياسية والفكرية  الهامة في العالم. كما ونجحت في تقديم لوحات كثيرة طُرحت وفق لغة الصورة، التي نهض بها الممثلون بأدوار جذابة دون استثناء، ظلت تشد المشاهدين حتى انتهاء العرض، الذي يعتبر طويلا زمنيا نسبة للعروض المسرحية المتعارف عليها، والتي تجيء عادة في نحو ساعة من الزمن.
الموسيقى التصويرية الحية الأصلية التي ألفتها الملحنة البريطانية جوليا ديرنج؛ كانت عنصرا مشاركا ممهدا ومواكبا لفعل وردود فعل الشخوص، أثناء اندفاعها على خشبة المسرح.
ويذكر بأن هذا العرض المسرحي، تم تنطيمه من قبل مؤسسة آرت مبديم، وبرعايةThe Group: Cozmo, Bhs, Hamleys, Readers والفندق الراعي «فندق ريجنسي بالاس».

 

عمان – جمال عياد

http://www.alrai.com/

 

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *