احتفالية شعبية عُمانية علـــى خشبة «المسرح الخليجي»

 

 

 

عرض مسرحي شعبي، أغرق في المحلية العمانية التي كانت صعبة على أبناء دول الخليج أنفسهم فكيف بالمتلقين من جنسيات أخرى، إلا أن مسرح «الدن» العماني قدم فرجة مسرحية ممتعة نقلت واقع الحياة في القرى العمانية بكل تفاصيله من أزياء ولهجة وعادات وتقاليد أصيلة ومتأصلة في جذور سكان القرية.

«بازار» هي احتفالية شعبية للمخرج ادريس النبهاني والمؤلف محمد صالح محمد، رصدت ما تحمله كلمة «بازار» من دلالات على السوق الشعبي الذي يكثر فيه الباعة والمشترون والمزايدون والمتفرجون، ولكن «بازار» فرقة الدن العمانية طرح تصارع الشخصيات على الأرض والسلطة والعرض، وقدم شخصيات أشبه بتلك التي تعرض في سوق النخاسة، منهم السكير والمجنون والمتسلط والعصبي والمتحايل والمضحية كل تلك الشخصيات تجمعت في صراعات لتقف حجر عثره أمام الحب العذري الذي ربط «عذب»، و«شامة».

«السينوغرافيا» تستعرض تجاربها  في دول الخليج

 

أقام مهرجان المسرح الخليجي ندوة «السينوغرافيا»، التي قدمت أربع أوراق بحثية هي «السينوغرافيا في البحرين، اكتشاف الممكن» لخالد الرويعي من البحرين، و«السينوغرافيا في سلطنة عمان، تجربتي الشخصية» ليوسف بن محمد البلوشي من سلطنة عمان، و«تجربتي في التكوين السينوغرافي ولمحة عن تجربة المسرح السعودي، مسرحية (البندقية) نموذجا» لسلطان بن أحمد النوه من السعودية، و«أثر التكوين السينوغرافي على الصورة المرئية في المسرح الكويتي، دراسات تحليلية على نماذج مختارة» لفهد عبدالعزيز المدن، وقدمت للندوة الفنانة اللبنانية شادية دوغان زيتون.

وتناولت ورقة خالد الرويعي محورية السينوغرافيا كعنصر مؤسس في العرض وليست مظاهر خارجية منفصلة عنه، فهي داخلة في القراءة الإخراجية للعرض وأحد أهم العوامل اليوم في نسيج أي عرض ناجح، وتتبع الرويعي تاريخ نشأة السينوغرافيا في المسرح العالمي، ملاحظاً أن السينوغرافي نظر إليه تارة على أنه فنان تشكيلي، وتارة أخرى على أنه مهندس معماري، ما يوحي بمكونات الفضاء البصري الذي يستغل فيه، والذي تتداخل فيه عناصر التشكيل مع عناصر المعمار.

أما ورقة سلطان بن أحمد النوه فلاحظت أن الكثير من التجارب السعودية في مجال السينوغرافيا كان ينقصه فهم طبيعة وطريقة التوظيف الصحيح للتكوينات البصرية للعرض، ما جعل أغلبها يحلق بعيداً عن الفضاء الدلالي والاجتماعي للحوار والشخصيات ويبدو ناشزاً، وبعضها الآخر يتجه للإثارة والإدهاش البصري دون أن يكون لذلك دلالة.

وخلص يوسف بن محمد البلوشي إلى أن التجارب العمانية التي بدأت حسب رأيه من سنة 1966 مع مسرحية «البراقع» لعبدالكريم جواد ومسرحية الخوف لعبدالغفور البلوشي، لكن التجربة تعثرت حتى عام 2004 مع انطلاق المهرجان العماني للمسرح.

أما ورقة فهد عبدالعزيز المدن فتتبعت مسيرة المسرح في الكويت، وقدمت تعريفات للسينوغرافيا، واستعرضت تاريخ مصممي المناظر في الكويت، وجالت بين العروض المسرحية الكويتية القديمة والحديثة، متتبعة تصاعد الاهتمام بالسينوغرافيا، ومنتهية إلى ما هي عليه الآن من تطور. الشارقة ـــ الإمارات اليوم


تطويع رسالة الفن

ثمن الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، دور صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في رعاية واهتمام سموه لفعاليات الدورة 13 من المهرجان، مشيداً بالدور البارز الذي يقدمه سموه في دعم الثقافة والسعي لدعم وتأسيس حركة مسرحية ذات قيمة وأهمية تسهم في تأصيل مفهوم العمل المسرحي الجاد في نفوس أبنائه بما يخدم المجتمع.

وحث جميع الفنانين المسرحيين من الإمارات والضيوف المشاركين على تطويع رسالة الفن النبيلة لطرح الرؤية الإبداعية للخليج والوطن العربي ثقافياً وفكرياً وتراثياً. وحيا وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، عطاء الفنانين الإماراتيين والخليجيين وإسهاماتهم في خدمة المسيرة الفنية، مثنياً على الدور الحضاري للمسرح الخليجي في المشهد الثقافي والفكري وفي ترسيخ القيم الحضارية.

وأكد أن دول الخليج حريصة على توفير المناخ الملائم الذي يدعم الحركة الفنية وعلى رأسها المسرح، الذي ينمي الطاقات الإبداعية لدى الفنانين.

وطرح عرض «بازار» الذي لاقى إعجاب واستحسان الجمهور الحاضر في قاعة «قصر الثقافة» أو النقاد والأكاديميين الذين حضروا الندوة التطبيقية لتحليل العمل، مسألة الصراع بين أبناء قرية واحدة عن بئر تروي وتكفي الجميع، إلا أن أحمد الكلباني، وهمام، ومالك السيابي، فرقوا سكان القرية بعد أن أعلنوا رغبتهم في معرفة لمن تكون البئر، فيخرجون في رحلة بحث للحصول على إجابة عن هذا السؤال الذي لم يشغل الكثير من الأهالي طالما أن البئر تفيض وتشبع الجميع. ولعل هذا الصراع بتوالي الأحداث يتأجج، بل إنه يجرد المرء من انسانيته ليدخل في دوامة الطمع بالتفريط في العرض وقتل الحب في سبيل التوصل لجواب شافٍ حول البئر، ومن طالهم هذا الشر، «عذب» ابن الشيخ حافظ، (الممثل محمد الزدجالي)، و»شامة» (الممثلة غالية السيابية)، وهما من جسدا دوري العاشقين اللذين تحدى الرفض ليكونا معاً، ولكن الظروف المحيطة بهما اثقلت كاهلهما غير أنها لم تبعدهما وتجعلهما يتخليان عن حبهما.

وبتصاعد الأحداث تظهر الشخصيات في العمل بشكل متتابع من أجل الكشف عن ملكية البئر، إذ تقوم كل شخصية بكشف تركيباتها وتكويناتها من خلال مواقفها، فالأم «نصراء» (الممثلة وفاء الراشدية)، عاشت معاناة كبيرة في ظل القرية والصراعات المتتالية التي كان آخرها الصراع على البئر، والتي ضحت بحياتها من أجل انقاذ حياة حافظ الذي كان سبباً في وفاة زوجها، بعد أن وجه سمعول المجنون (الممثل يوسف البلوشي) سلاحه على حافظ فقتل «نصراء» بالخطأ، وذلك بعد أن قرروا الاستعانة به للكشف عن حقيقة البئر.

أما «شامة» فراحت هي الأخرى ضحية الصراعات بعد أن قدمها حافظ عطية لبايت السكير (الممثل خالد الضوياني)، الذي أخبرهم بأنه سيعلمهم عن مكان المخطوطة وصك البئر بشرط أن يحصل على «شامة»، التي تعذبت كثيراً من هذه الصراعات، لاسيما بعد أن فرقها حافظ عن ابنه رافضاً زواجهما.

جسد المخرج ادريس النبهاني تفاصيل الحكاية بصورة مترابطة، وقدم عرضاً متكاملاً أعاد من خلاله زمن الأعمال المسرحية ذات الوزن والرصانة والثقل المسرحي، إذ وصف العمل من قبل نقاد ومسرحيين خلال الندوة التطبيقية بأنه عمل خالٍ من الفلسفة الزائدة والاستعراض المبالغ فيه وفرد العضلات، التي ينتهجها مخرجون ليس لديهم ما يقدمونه.

في العمل المسرحي «بازار» هناك اشتغال حقيقي على الممثلين واستغلال واضح لكل المواهب والطاقات، إذ ظهر العمل بجميع شخصياته دون استثناء بقوة وكتلة واحدة، وإن برز قليلاً الممثل المبدع خالد الضوياني كونه جسد شخصية الكوميديا السكير، فرسم الضحكة بعيداً عن الابتذال والإسفاف، فالنكات و«الافيهات» كانت في موقعها من سياق العرض. وهناك اجماع على الاشتغال على الممثلات اللاتي ظهرن بصورة قوية نافست العناصر الرجالية في العرض، من خلال قوة الأداء ورصانة الصوت والاهتمام بتفاصيل الشخصيات، لاسيما في المونولوج الرائع للفنانة وفاء الراشدية التي تشكو حالها وتضحياتها المستمرة. وقدم المخرج تكوينات جسدية ضمن مشاهد الصراع بين الشخصيات، منها مشهد موت نصراء الأم، ومشهد هجوم الذئاب البشرية على «شامة» في ختام المسرحية، ويحسب للمخرج الايقاعات الشعبية التي استخدمها في العمل بشكل سلس دون اقحام على النص الشعبي، وإن تكررت تلك الإيقاعات رغم تغير المشهد والحالة الدرامية في كل مشهد، كما أن الإيقاعات طغت في بعض الأحيان على الحوارات الدائرة بين الممثلين، ما افقد المتلقي ذلك الحوار، لاسيما أن هناك صعوبة في اللهجة المستخدمة في العمل التي اغرقت في المحلية، رغم أن العمل يمكن أن يصل إلى مستوى تقديمه في المهرجات العربية، إذا تمكن المخرج والمؤلف من تخفيف وتبسيط اللهجة المستخدمة.

فرقة شابة

قال المخرج ادريس النبهاني، إن «فرقة الدن العمانية تعد من الفرق الشابة، التي بدأت أولى خطواتها في 1992، إذ لم نكن نعي تفاصيل المسرح، إذ كان يراودنا سؤال كيف سنمثل؟ وبنينا مصطبة من الطوب وألواح خشبية ووضعنا فنرا (مصباحا) وستائر، حيث انجزنا أول خشبة في ولاية سماي، وفي العرض الأول انفجر (الفنر) وانهار المسرح غير أنها تجربة ممتعة».

وتابع أن «الأهالي عارضوا عملنا كون المسرح فكرة دخيلة وتعرضنا للعقاب من قبل آبائنا، ولكن الطموح والفكرة والرهبة دفعتنا إلى اظهار اسم القرية والولاية واستمررنا في البحث عن مكان مستقل، لتصبح أول خشبة تحت هضبة في وادٍ حفرناه بعد عودتنا من المدارس، وأقمنا مهرجاناً ثقافياً فنياً مسرحياً تخلله عرض مسرحي وإلقاء قصائد وتقديم فنون شعبية وموسيقية».

تعميم

اجتهدت فرقة «الدان» في البحث عن نص مناسب للمشاركة به في مهرجان المسرح الخليجي، وفي حصيلة رأي جماعي تم اختيار «بازار»، والقيام بعملية تعميق النص أي نقله إلى اللهجة العمانية، وبحسب المخرج عدد أعضاء فرقتنا يصل إلى 60 عضواً وليس لدينا مصادر تمويل أو دعم لنا، ولكننا نحب المسرح ونؤمن بدوره ورسالته وإمكاناتنا ومواهبنا. وتشارك الفرقة في الكثير من المهرجانات والفعاليات المسرحية.

 

المصدر:

    سوزان العامري – الشارقة

http://www.emaratalyoum.com/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *