المسرح الجامعي

 

 

 

لماذا احتجنا كل هذا الزمن والوقت لنسمع أن هناك مسرحا جامعيا؟ لقد كان المسرح المدرسي هو الشعلة الأولى نحو أعمال مسرحية وإن كانت بدائية.. ثم جاء المسرح الشعبي أو الأهلي لتبدأ الخطوات الأولى على أيدي الموهوبين، لا لشيء يكسبونه أو ظهور ينشدونه، وإنما حبا بهذا الفن.. لم يكن في البدء الاتجاه إلى الأعمال الاجتماعية، بل إن الفن هو الدافع والمحرك للاشتغال على تلك العروض التي تأتي أحيانا لقتل وقت الفراغ وملء مساحة الزمن بالفن الذي يقدم مواهب شعبية قد تتجاوز بعض الفنانين والممثلين في مراحل لاحقة.. لنكتفي بمثال واحد مهم ألا وهو المرحوم سلطان الشاعر الذي جاء من دافع ذاتي، وعلى الرغم من أنه لم يدرس المسرح وفنونه، إلا أنه تجاوز الكثير من الشباب الذين عرفوا المسرح وفنونه.. إنها الموهبة الذاتية وحب المسرح للمسرح ولا شيء سواه.

فلماذا لم يكن للمسرح المدرسي أو الشعبي أثر واضح على المسرح الجامعي؟ إننا نجد مفارقة كبيرة بين مسرح مدرسي يستمر أعواما طويلة في العطاء، سواء كان كبيرا ومؤثرا وواضح الانتاج أو ظل على حاله القديم مستمرا في بعض المدارس ولكنه غير منقطع أو معدوم الوجود، كما نلاحظ ذلك في الجامعات. وإذا أخذنا جامعة الإمارات، بحكم أنها أقدم الجامعات، فإننا نلاحظ غياب المسرح فيها أو ظهوره في فترات قليلة، ثم يختفى تماماً وإن جاء فيما بعد بصورة ضعيفة عند بعض الفرق الجوالة والكشافة وبصورة ليس لها علاقة بالفن وإنما خدمة لقضايا يرى أولئك الطلاب أنها تخدم توجهاتهم، خاصة بعد ظهور الجماعات الدينية، التي قتلت كل الفنون أو السعي لتكوين فرق موسيقية ومسرحية وفنية. استمر الحال كذلك، حتى مات العمل المسرحي في الجامعة، بل إن اتحاد الطلبة الذي كان يجب أن يكون شعلة هذا النشاط، تجمد عند اتجاه واحد لا يحب المسرح ولا الموسيقى والفنون الأخرى!

وحتى بعد أن كثرت الجامعات وتعددت مواقعها وكبر عدد طلابها، لم يظهر المسرح بصورة واضحة ومؤثرة، حتى إن هذه الجامعات لم تقدم للمسرح الأهلي أو الشعبي أي فنان بارز في الأعمال المسرحية التي تطورت كثيراً في العشرين سنة الماضية، بل إن معظم فناني وفنانات الإمارات هم إنتاج المسارح الأهلية والشعبية.

المسرح الجامعي يقع بين نشاطين وعملين بارزين وواضحين، فهناك الفرق المسرحية الكبرى التي تقدم في كل دورة لأيام الشارقة المسرحية أعمالا عديدة ومتنوعة وواضحة، وهناك أيضاً جهد الممثلين والمخرجين والعاملين في المسرح كافة..

كذلك هناك المسرح المدرسي الذي استمر اشتغاله على دعوة الطلاب والتلاميذ في الكثير من المدارس للبنين والبنات، ولا تغيب منطقة تعليمية عن الاهتمام بالمسرح.. نعم المسرح المدرسي علّم الأبناء ما هو المسرح، وما هي الخشبة، وما هو الديكور، والمؤثرات الموسيقية، رغم أن الإمكانيات قليلة وبعض الإدارات لا تتعاون، وفي سنوات عديدة تسلطت على المناطق التعليمية عناصر لا تحب الفن، ولكن تم تجاوز ذلك وقدم المسرح المدرسي العديد من الطلاب الذين ذهبوا إلى الجامعة، ولكن هناك اختفت مواهبهم المسرحية حيث إن تلك الجامعات لا يعنيها المسرح، ولعل هذا المهرجان الجديد والاهتمام الكبير بالمسرح الجامعي يكون استمرارا للجهد الذي يبذل في المسارح الأهلية والشعبية وأيضاً المسرح المدرسي. المهم هو الاستمرار والديمومة والدعم والتشجيع وتوفير مستلزمات العمل المسرحي.

Ibrahim_Mubarak@hotmail.com

 

http://www.alittihad.ae/


شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *