التأثر والتأثير بين العرب وشكسبير

 

 

 

غني عن القول إن احتلال بريطانيا العظمى للمنطقة العربية، قد صاحبه محاولات دائمة لصبغ المنطقة بلغة وثقافة المحتل وهو ما تم بدرجات متفاوتة، وإن كان أعظمه تأثيراً روح شكسبير،

الذي وجد فيه العرب القراء والمبدعون معيناً لا تفنى كنوزه، فلا يمر عام دون أن نرى على المسارح العربية معالجات مسرحية حديثة تنهل من الأصل الشكسبيرى، خاصة أن نصوصه تحوى بداخلها قراءات وتأويلات وزوايا متعددة ومختلفة. من جهة أخرى، قدمت الشاشة العربية العديد من المعالجات لأعماله، منها: فيلما ممنوع الحبللمخرج محمد كريم (1942)، وحبك نار للمخرج إيهاب راضي (2004)، عن روميو وجولييت، وفيلما المعلمة للمخرج حسن رضا (1958)، والغيرة القاتلة للمخرج عاطف الطيب (1982)، عن مسرحيته عطيل، كذلك حظيت مسرحية ترويض الشرسة بعدد من المعالجات السينمائية، أهمها فيلما: آه من حواء للمخرج فطين عبد الوهاب(1962)، واستاكوزا للمخرجة ايناس الدغيدى (1996).

وبتتبع أثر الحضارة العربية على أعمال شكسبير، نجدها واضحة في عدد محدود من المسرحيات، أهمها عطيل، الشرقي الأصل والمنبت، وهناك تاجر البندقية التي تتقاطع وحكاية مسرور التاجر وزين المواصف في ألف ليلة وليلة وشخصية التاجر اليهودى المرابى الذى واجه نهاية قاسية فى العملين، وفى مسرحية العاصفة لاحظ المتابعون تشابهاً في أجوائها مع أجواء حكاية جزيرة الكنوز في ألف ليلة وليلة أيضاً، ووصل بالبعض الحال إلى محاولة الربط بين الملك لير، وحكاية يونان والحكيم رويان، مستغلين أن المسرحية والحكاية تدوران حول الوفاء والجحود. وبصفة عامة، لم يجد النقاد الذين حاولوا إثبات تأثر شكسبير بالحكايات العربية سوى كتاب ألف ليلة وليلة، متناسين أن المسرح الشكسبيرى فى حبكته وبنائه الدرامى وإطاره يختلف تمام الاختلاف عن حكايات ألف ليلة وليلة، خاصة وأن العرب لم يعرفوا المسرح بشكله الحديث إلا فى نهايات القرن التاسع عشر، كما أن القيم الإنسانية واحدة فى كل المجتمعات.

كذلك حاول بعض الباحثين تتبع أثر الموشحات الأندلسية في سونيتات شكسبير أو الأغنية الشعرية القصيرة، خاصة أن لنتينو الشاعر الإيطالي الصقلى الأصل مبتكر السونيت عاش فى القرن الثالث عشر الميلادى، مُجايلاً للشاعر الأندلسى ابن حمديسالصقلى صاحب الموشحات الأندلسية، كما خرج لتنينو من البلاط نفسه للملك فريدريك الثاني (١١٩٤ – ١٢٥٠)، الذى خرج منه شعراء التروبادور (المغنون الجوالون). وبالرغم من أن العديد من الشعراء كتبوا السونيت، إلا أن بنيتين طاغيتين تشكلتا عبر مراحل وأصبحتا البنيتين المتداولتين: البتراركي والشكسبيري، لكن تظل لسونيتات شكسبير وعددها 158، عبقاً مميزاً، وذلك فى اقترابها من مضامين وأفكار مجردة وطرحها بلغة شعرية مكثفة مكتنزة بالخيال، ظلت حكراً على اسم شكسبير.

 

أسامة كمال

http://www.ahram.org.eg/

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *