«أنت لست غارا»… رؤية إخراجية جديدة وتمثيل متجانس

 

 

 

قدّمت فرقة «المعهد العالي للفنون المسرحية» عرضاً مسرحياً بعنوان «أنت لست غارا» للكاتب التركي عزيز نيسين وإخراج طالب قسم التمثيل والإخراج الفرقة الثالثة مشاري المجيبل، ومن بطولة بدر البنّاي، أيوب الشطّي، سعود بوعبيد إلى جانب روان الصايغ، وذلك على خشبة مسرح حمد الرجيب، ليكون آخر العروض المسرحية المنافسة في المهرجان المسرحي الأكاديمي بدورته الرابعة.

«أنت لست غارا» هي قصة رجل يتسم بالصفات السيئة يعيش مع زوجة خائنة ويرضى بذلك، لكنه في ليلة وضحاها يصبح رمزاً من رموز المجد في بلدته بعدما اعتقدوا بفضل بعض المتنفذين أنه قد مات في أرض المعركة، وعلى إثر ذلك بنوا له نصباً تذكارياً وغيروا اسم بلدتهم على اسمه. لكنه يعود فجأة ليُصدم بالواقع الذي حصل ويواجه من كانوا وراء ذلك، محاولاً العودة إلى حياته الطبيعية، لكنهم يمنعون ويطلبون منه العودة من حيث جاء، ويبقى اسمه ممجداً، ويبقون هم في المناصب التي حصلوا عليها.

وهنا نرى أن المجيبل قد قدّم المسرحية وفق فكره ومنظوره كمخرج، ولم يتقيّد بما هو مكتوب بالنص حرفياً. وما كان ملاحظاً أنه قد قرأ النص لمرات عدة، واستخلص منه رؤيته التي من خلالها انبثق عرضه المسرحي، من خلال خيانة الزوجة لزوجها غارا، وهي نقطة تحسب لصالحه كونه لم يتّبع الرؤية الاخراجية التي سبق وأن قدّمها غيره من المخرجين سواء في الكويت أو على مستوى الوطن العربي.

غارا ذلك الرجل اللص ذو الطباع السيئة، حصل دون أدنى علم على المجد والتقدير من أبناء بلدته بعدما اعتقدوا بأنّه قد تمّ قتله في ميدان المعركة وهو يدافع عن بلده وطبعاً هي كلها شائعات أطلقها من لهم مصلحة في ذلك للحصول على مناصب. والحقيقة في ذلك تمكن بأنّ غارا لم يمت في الأساس في المعركة، كما أنّه لم يتواجد في أرض المعركة من أجل الدفاع عن بلده وشعبه، بل كان هرباً من زوجته الخائنة باحثاً عن الموت الذي لم يحظ به، إذ إنه حاول للظفر بذلك من دون جدوى لدرجة أنه أصبح خائناً لبلده.

المجيبل أدخل في عرضه روح الخليج من خلال الموسيقى التي استخدمها والأغنية التي استهل بها المسرحية، وربما كان هدفه تخصيص القضية التي تمّ طرحها على منطقة الخليج، على الرغم من أنّه لم يستغن عن الأسماء الأصلية التركية للشخصيات ولا حتى اسم البلدة، ما جعل المسألة مختلطة. ومن هنا نعرّج إلى الأزياء التي صممتها منيرة الحساوي، فلم تكن تعبّر إلى هوية بلد معيّن، بل كانت عائمة وهو ما جعل التساؤلات تكثر عن سبب إقحام الموسيقى الخليجية.

ومنها ننتقل إلى الأداء التمثيلي الذي كان أشبه بالمثلث المتكامل لو استبعدنا دور روان الصايغ والذي كانت مساحته صغيرة في الظهور، إلا أنها وكما ذكرت سلفاً كانت المحور الأساسي الذي بنى عليه المجيبل رؤيته. فنرى كيف أنّ البنّاي قد استطاع مع زميليه الشطي وبوعبيد أن يتجانسوا، وظهر ذلك جلياً من خلال
الحوار المتبادل في ما بينهم إضافة إلى المشاهد المشتركة، وهو يدلّ على «البروفات» المكثّفة التي اجتهدوا بها. إضافة إلى ذلك كله، فقد أثبت كل ممثل بشكل منفرد قدرته على تقمّص شخصيته إلى حدّ كبير، وقد ساعدهم الماكياج الذي تصدّت له كفاح رجيب، فساهم في إظهار تعابير الوجه عند الغضب أو الفرح.

أما في ما يخص الديكور الذي تصدّى له محمد عارف، فكان ذا كتل ضخمة جداً لم تخدم الرؤية الإخراجية بالشكل المطلوب، على الرغم من أنها كانت توحي وتعبّر عن المدينة. لكن مساحتها الكبيرة اقتصّت الكثير من عمق المسرح، وهو ما جعل حركة الممثلين محصورة في منطقة واحدة، على الرغم من أنّ المجيبل يمتلك المقدرة على إيجاد حلّ إخراجي آخر عن طريق الاستعاضة برموز تشير إلى المدينة.

وفي ما يخصّ الإضاءة التي صممها عبدالله النصّار، فقد كانت متجانسة مع الرؤية الإخراجية، وخدمت المشاهد والحوارات المسرحية بشكل جميل، وتعامل معها الممثلون جيّداً.

 

كتب علاء محمود

http://www.alraimedia.com/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *