أكواريوم – جرأة مغربية لكسر ثقافة “الحشومة”

 

لا يزال الحديث عن الحياة الجنسية للمرأة في المجتمع المغربي كغيره من المجتمعات العربية من المحظورات. ولكن جمعية “أكواريوم” قررت كسر هذه التابهوات وتكريس عملها على توعية المرأة بشأن حياتها الجنسية، مثيرة بذلك جدلا واسعا.


نعيمة زيطان، رئيسة جمعية “أكواريوم” النسائية، كسرت جدار الصمت الذي فرضه المجتمع المغربي حول مشاكل المرأة الجنسية، وجعلته الموضوع الأساسي لعدد من الندوات والحملات التوعوية التي قامت بها الجمعية وخاصة لنساء القرى المغربية. وكان من بين أبرز أنشطة الجمعية تكوين حلقات تفكير تتشكل من 15 امرأة ينتمون لمختلف الشرائح الاجتماعية من أجل الحديث عن أبرز مشاكلهن الجنسية. وقد شملت هذه الحلقات مئات من النساء المغربيات.

وحول السبب الذي جعلها تهتم بالحياة الجنسية للمرأة وتخصص حيزا مهما من أنشطة جمعيتها لهذا الموضوع تقول نعيمة زيطان في حديث لDW عربية: “الجنس وجسد المرأة من المواضيع التي من الصعب الحديث عنها في المغرب.”.

“نحن لم نأت لكي نصدم المجتمع”

عرض مسرحية تتطرق للحياة الجنسية للمرأة كان ثمرة عمل استمر لأكثر من عشر سنوات، حيث تأسست جمعية “أكواريوم” سنة 1994 وبدأت بأنشطة بسيطة قبل أن تنجز عدد من العروض المسرحية. “كل مسرحياتنا تتمحور حور قضايا المرأة، فمثلا عندما كان النقاش حول مدونة الأسرة قمنا بجمع مضامين هذه المدونة وعرضناها في شكل مسرحية من أجل تقريبها من المرأة في القرى والأرياف خصوصا” تقول نعيمة أومليكي، الناطقة باسم فرقة “أكواريوم” في حديثها مع DW عربية. ومنذ سنة 2000 قدمت الفرقة أكثر من خمسة مسرحيات تعالج قضايا المرأة وحياتها الجنسية.

لكن السنة الماضية كانت فارقة في تاريخ جمعية “أكواريوم” حيث قامت بعقد سلسلة من اللقاءات مع نساء على شكل حلقات تفكير من أجل الحديث عن حياة المرأة الجنسية.

“ديالي” – قضايا المرأة في صلب الاهتمام

وبعد سنتين من اللقاءات فكرت الجمعية في تجسيد هذه الأفكار في عرض مسرحي هو مسرحية “ديالي” “التي هي عبارة عن صوت النساء المغربيات من مختلف الشرائح، فهو انتصار للمحامية والمهندسة والمرأة القروية. وفيما يمكن للرجل أن يتحدث في المقهى وفي الحانات وفي المسجد، تبقى المرأة تئن في صمت”، تقول نعيمة أومليكي، مضيفة بأن الجمعية قررت نقل هذا الموضوع إلى الساحة العمومية “بدلا من أن يبقى سجين الصالونات النسائية”.



وتؤكد أومليكي أن أنشطة الجمعية لاقت إقبالا كبيرا، بحيث تقول: “العديد من الأسر قالت لنا بأنها تعلمت من خلال بعض الدورات التكوينية والندوات كيفية تلقين أطفالها الثقافة الجنسية”. لكن هذا الإعجاب قوبل أيضا بنقد لاذع من طرف عدد من الصحفيين الذي اعتبروا بأن الجمعية تستغل هذا الموضوع الحساس من أجل كسب “الشهرة”.

بيد أن نعيمة أومليكي تؤكد بأن هدف جمعية “أكواريوم” “ليس خلق صدمة لدى المجتمع أو تحدي العادات وإنما فتح نقاش عام عن الحياة الجنسية للمرأة”. وتشدد بالقول: “ومن أجل الوصول إلى هذا الهدف، يتعين خلق ثورة ثقافية لأنه لا أحد له الحق في فرض وصاية على المجتمع”. وتضيف قائلة: “من خلال أنشطتنا اكتشفنا أن المرأة المغربية تعاني من جهل فظيع على مستوى الثقافة الجنسية وتصورها للعلاقة الجنسية التي يجب أن تربطها بالرجل، لأن المجتمع جعل من النساء آلة للولادة وإشباع رغبة الرجل دون التفكير في رغبة المرأة”.

بين تحرير المرأة واختزالها في الجنس

وإذا كان هدف جمعية “أكواريوم” إماطة اللثام عن معاناة المرأة المغربية وإسماع صوتها للمجتمع، فإن الصحفي ناصر الكواي يرى في حديثه مع DW عربية بأن الرسالة المُضَمّنة في العمل الجمعية “مقبولة” بل و”محمودة” من حيث كونُها تندرج في إطار الدفاع عن المرأة وحريتها وهويتها الجنسية، “إلا أن الطريقة التي قُدمت بها مذمومة، فاختزال المرأة في عضوها التناسلي أو في الحياة الجنسية يحقرها أكثر مما يذود عنها، ويكرس النظرة الشبقية التي تحصرها في شقها الجنس “.

كما عاب الصحفي ناصر الكواي على مجموعة “أكواريوم” أنها “لم تراع خصوصية المجتمع”، لافتا إلى أن “الجمعية استقدمت تجربة ربما لاقت نجاحا في الغرب، وقامت بتنزيلها على واقع مجتمع محافظ عموما كالمجتمع المغربي، ما يجعل من ندواتها حول الحياة الجنسية للمرأة مثيرة للضجة أكثر منها خادمة في الواقع لمصلحة المرأة المغربية”.

أما الكاتبة الشابة كريمة أحداد فترى الموضوع من منظور مخالف وتقول: “الجمعية تحتج على كل من ينقص من قيمة الأنثى”. كما تعزو هذا الجدل الدائر حول الجمعية وأعمالها إلى كون هذه الأخيرة “صادمة”.

وتوضح قائلة: “لقد خلقت لديّ وعيا بضرورة الجرأة على الفضح والاحتجاج وتسمية الأشياء بمسمياتها.”

وتضيف قائلة: “وذلك حتى يعتاد الجميع على مثل هذه الأشياء، ونكسر ثقافة الحشومة والعيب والعار السائدة في مجتمعنا، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن المرأة وكرامتها

 

http://www.vetogate.com/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *