ثلاثة أوجه للسلطة في مسرحية ‘آش داني’ المغربية

بوشتى القائد، بوزغبة، وميمون، ثلاث شخصيات في واحدة تمثل السلطة في مختلف أشكالها وتجلياتها السياسية والاجتماعية والنفسية، ونزعات الأنا المتضاربة، تطرحها مسرحية “آش داني” (تعني ما الذي حملني على ذلك) لـ”فرقة مسرح أرلوكان”، التي حفر مخرجها عميقا في

التراث المغربي، ووظف مجموعة من الوسائل في كوميديا اجتماعية حظيت بإعجاب الجمهور.

 

مسرحية “آش داني” افتتحت برنامج “مسرح الكوميديا”، الذي يحتفي به المسرح الوطني محمد الخامس بالرباط (شمال)، من 4 إلى غاية الغد الأربعاء 12 فبراير الحالي، بغية إعادة الاعتبار لهذا اللون المسرحي، والمساهمة في ترويج أحسن عروضه.

المسرحية من تأليف وإخراج الباحث المسرحي عمر الجدلي، وتشخص ثلاثة أجيال من الفنانين المسرحيين المغاربة: عبداللطيف الخمولي يمثل جيل الرواد، وعبدالرحيم المنياري يمثل جيل الوسط، وجواد العملي من جيل الشباب.

ثلاثة أجيال

ثلاثة أجيال تتلاقح في المسرحية الكوميدية التي تحكي عن شخص أناني كان يعيش فراغه وانتظاره في محطة للقطار، ستتحول، عبر الحلم، إلى قبيلة مغربية في الأربعينات من القرن الـعشرين.

ويصير “الأنا” قائدا يتمتع بالسلطة والجاه والموقع الاجتماعي، وعبر شخصيات تتناسل منه يجسد صورا متباينة لمفهوم السلطة كما تتمثله شرائح مختلفة من المجتمع التقليدي.

في هذا العمل المسرحي ركز المخرج على الممثل وفجّر طاقاته، فتمكن من صناعة فرجة شعبية يحضر فيها الجسد كشكل وكطاقة وكرمز، وينتصر فيها الحوار لصالح الكوميديا، التي راهن على استمراريتها خلال العرض مع جعل الجسد، باعتباره جزءا من الخطاب المسرحي، مفتوحا على مختلف القراءات والتأويلات التي يحتملها النص.

وركز أيضا على توظيف التراث الشعبي المغربي، وموسيقى العيطة (نوع من الموسيقى التراثية المغربية)، محاولا تصوير تمثلات، وأهواء، وهواجس الشخصية المتسلطة، وتناقضاتها الرهيبة، مركزا على شخصية الديكتاتور التقليدية، التي تمثل الاستبداد والتسلط، وشخصية المتسلط العربي الجديد، بعد الربيع العربي، المتلبس بدواعي الرحمة، والساعي إلى التقرب من الشعب، في غياب أية ديمقراطية أو حقوق.

وذكر المخرج عمر الجدلي أن «المسرحية تتناول قضية السلطة من خلال رمز الكرسي، وصراعا بين ثلاث عقليات، ثلاثة أجيال، ثلاثة نماذج للسلطة: السلطة الديكتاتورية، والسلطة الديمقراطية، والسلطة الثالثة كما يتصورها المواطن العربي في ما بعد الربيع العربي».

وأضاف المخرج أن «المسرحية -وهي إنتاج مشترك لـ “فرقة أرلوكان” والمسرح الوطني محمد الخامس بالرباط لعام 2013- تقدّم موضوع السلطة ذا النفحة السياسية، في قالب هزلي كوميدي، ومواقف ساخرة، بهدف تقريب الجمهور من مجموعة من المواضــيع فـــي جــوّ مــن الــمرح والضــحك».

وأشار مخرج ومؤلف المسرحية إلى أنه اشتغل على «مجموعة من الجماليات في التراث المغربي على مستوى الملابس، والسينوغرافيا (تأثيث الخشبة)، والتوظيف الموسيقي، حيث بقوا:”وظفت موسيقى العيطة والأغنية الشعبية، كما أن النص المسرحي يزخر بلغة شعرية وشاعرية مغربية أنيقة، أسمو من خلالها بالكتابة المسرحية في تجربتي الخاصة».

كوميديا الموقف

الفنان المسرحي جواد العلمي، ذكر أنه يقوم بالعديد من الأدوار المركبة داخل هذه المسرحية، «أولها الأنا رقم 3، لأن المسرحية تقدّم ثلاث أنوات، التي هي في الأصل أنا واحدة هي أنا الإنسان، التي تتفرع إلى العديد من الشخوص. ثم دور “ميمون الخماس”، الذي يطمع في السلطة المتمثلة في شخصية القائد».

وأشار العلمي، الذي يشارك في تقديم العرض الـ26 من هذا العمل المسرحي، أنه يلعب دور السلطة التي تطرح علامة استفهام داخل هذه المسرحية، «لأن لدينا نوعين من السلطة: السلطة المتجبرة المتسلطة، والسلطة العادلة والحميمة، ثم السلطة التي أقوم بها باعتباري ممثلا للشعب والطبقة الكادحة، ثم شخصية مركبة للمتملق جابر، الذي يتودّد إلى القائد». وأضاف العلمي أن «المسرحية تقدّم كوميديا الموقف، وتشرك الجمهور في هذا السفر الفني، الذي ترمز إليه المسرحية بالقطار، مشيرا إلى أنه مع “فرقة أرلوكان” أتيحت له الفرصة لتقديم أدوار مركبة، وشخصيات جديدة لم يقم من قبل بتشخيصها، وعلى رأسها شخصية “الخماس”، التي قد تبدو للبعض شخصية انطفائية أو عابرة، في حين أنها شخصية محورية تسيّر دواليب كل من يتقلد السلطة داخل المسرحية».

من جهته، ذكر الممثل والفنان عبدالرحيم المنياري، الذي راكم 22 سنة من العمل المسرحي الاحترافي، أن دوره في المسرحية يكشف عن الجانب السيّئ في السلطة، المتمثل في التجبر، والقوة، والوصولية، مشيرا إلى أن الشخصيات الثلاث في المسرحية تقدّم شخصا واحدا بمفاهيم متعدّدة للسلطة، في إشارة إلى ما يجري حاليا من تطاحنات في الوطن العربي حول السلطة ومفهومها، في طابع كوميدي جميل يسعى إلى تحقيق الفرجة للجمهور.

 

http://www.alarabonline.org/


 

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *