واقعية وعدمية وعنف و”رضيع”.. في مهرجان «البقية تأتي»

أربعة عروض وأربع رؤى مختلفة، قدمها مهرجان البقية تأتي، في دورته الخامسة، على مسرح الفلكي مجتمعة في برنامج واحد، على مدار ثلاث ليال ما بين 16 و19 يناير الجاري.

في مونودراما «مرايه»، نرصد عانس والضغوط عليها، ومحاولاتها المتواصلة للفوز برضا الشباب، وارتباكها أمام معادلة “الخطأ والصواب”، والتردد في أبسط الاختيارات.

هكذا رأينا الفنانة زينب غريب، في أداء بالغ الحساسية، عبر نص بليغ كتبته المخرجة ياسمين إمام، على خلاف ما تقدمه باقي عروض المهرجان. وتميز الديكور ببساطته ودلالته، مجرد كومات من الملابس، مجدولة كحبال طويلة تمتد إلى سقف المسرح، كأنها فوضى وقيود لا تنتهي.

في “ثلاثي”، أو “المثلثات شكلي المفضل”، يقدم المخرج سيف عبد السلام عرضًا كتبه مع لارا الجبالي، عن علاقة ثلاثية بين رجل يتعرض لغسيل مخ، وامرأة مسيطرة وسكرتيرتها، في ديكور مميز، يجمع بين الإيحاء بالسجن وبالمصحة النفسية. فبينما ينحصر عالم الرجل في سرير ونبتة صبار صغيرة. ورغم الأجواء التجريدية ونمط المسرح الذهني الذي يطغي على العرض، يأتي اختيار اسم نصر وأسئلة المحققة/المعالجة عن أفكاره، لتقدم رؤى ترتبط بمجتمعنا بدءًا من اختيار الرجل لجمال عبد الناصر كمثل ونموذج، إلى ذكر لمحات مختلفة من حياتنا، وصولًا إلى ثورة الرجل في آخر العرض بتحطيم الصندوق وإفراغه من محتوياته التي تحوي حكايات حياته، إلى انتهاء الثورة المؤقتة بعودة الوضع إلى ما كان عليه مع عودة المرأة /السلطة إلى المشهد.

في عرض الرقص المعاصر، تغريب وعدمية، كما في “غرفة معبأة بالدخان”، تصميم وإخراج وأداء منير سعيد، وشارك في الأداء محمد أنور، النص ينشغل بالصراع الداخلي والإحساس بالضياع واللاجدوى. ووسط ديكور قاصر على غرفة تقليدية، نقرأ انشطار الشخصية بين الراقصين، بحركتيهما المتشابهة والعنيفة، وصولا إلى الانتحار.

هجاء للآخر وخشونة سيطرا على عرض “ما تبقى” من تصميم وإخراج محمد الديب، من الصوت لإيقاع الرقصات للموسيقي الصاخبة، لتوظيف “رضيع” على المسرح.

الديكور، يجمع بين عناصر تقليدية للحياة اليومية ومتناقضة، للإيحاء بالفوضى والتشوه، ويواجه الجمهور بعنف الحياة على خشبة المسرح، سواء في تفاصيل الحياة وكم المهملات التي تحيط بنا بلا داعي، وأجهزة تلفزيون عديدة تقدم التشويش فقط في رسالة بليغة عما يمارسه الإعلام من إضافة المزيد من التشويه لعالمنا.

واعتذرت إحدى شخصيات العرض الأربع “بالانجليزية” عن كم العنف والحدة والصخب الذي شاهده الجمهور، لكنها لم تعتذر عن “توظيف” رضيع، لا حول له، في مثل هذا العرض الصاخب.

 

 

 

http://www.misrday.com/

 

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *