«الكوميديا الارتجالية».. فن يتلمس القبول في المجتمع السعودي

دفع الاهتمام بالعروض المسرحية في السعودية إلى دخول الكوميديا الارتجالية «ستاند آب كوميدي» ضمن البرامج والفعاليات الترفيهية التي تقوم بها أمانات المناطق والأندية الأدبية والجمعيات الثقافية والفنية، وسط تقبل المجتمع السعودي لهذا النوع من الفن، بدلالة استجابة الحضور الجماهيري إلى المسارح وتفاعل شبكات التواصل الاجتماعي.

ويقول إبراهيم الخير الله مقدم عروض «كوميديا الارتجالية» إن بداياته كانت مرتبطة بموقع التواصل الاجتماعي «يوتيوب»، وذلك برغبته لمشاهدة أي من الفيديوهات الفكاهية، مشيرا إلى أنه حضر لإحدى الفعاليات الكوميدية باللغة الإنجليزية لفريق من الوافدين الأجانب في السعودية.

وأكد الخير الله أنه حاول الوصول إلى فريق العرض الكوميدي، لمشاهدة مزيد من عروضهم، وتقديم قطع فكاهية، حتى أنشأ شركة تختص بمجال العروض المسرحية، ليسير بعدها لتقديم العروض باللهجة العربية، وعدّ ذلك التحول هو بدايته الفعلية لشخصيته في تقديم «الكوميديا الارتجالية» وأن طموحاته في مجال الكوميديا، بدخوله لعالم السينما.

ويرى الخير الله أن مقدمي الكوميديا في السعودية يحتلون مراتب متقدمة على المستوى العربي، إن لم يكونوا على رأسهم، مشيرا إلى أن نجاح عروض «الكوميديا الارتجالية» عامة تعود إلى عبقرية الأفكار المنتقاة من الممثل وفريق الإعداد، بالإضافة لخفه كاريزما المقدم، مضيفا أن «يوتيوب» ساهم بشكل كبير في نشر «كوميديا الارتجالية» بين مختلف طبقات المجتمع.

وبجانب إبراهيم الخير الله، سطعت إبداعات مقدمي «الكوميديا الارتجالية» في السعودية، الذين حظوا بمتابعات مليونية كالكوميديان فهد البتيري في برنامجه «لا يكثر»، وبدر صالح في «إيش اللي» وإبراهيم صالح في «برودكاست شو»، وعمر حسين في «على الطاير»، وهادي الشيباني في «يطبعون»، وعلي الحميدي في «أشكل» وهتون قاضي في «نون النسوة»، بالإضافة إلى ممثلي المسارح التقليدية كالكوميديان إبراهيم ميسيسبي وفادي الشهري ومؤيد النفيعي وغيرهم.

وبحسب الدكتور حزاب الريس مهتم أكاديمي في الشأن المسرحي، فإن طرق وأساليب الكوميديا الارتجالية تمارس في القبائل السعودية مع وجود أساليب الحكاواتية ولكن بغايات وأغراض مختلفة عن نمطها الحالي المتجه للفكاهية أو السخرية، إذ يتطلب من ممثلي «كوميديا الارتجالية» الشجاعة الأدبية والطرافة البديهية، والإحساس بالجمهور.

وفيما يخص تقبل المجتمع السعودي لعروض «ستاند آب كوميدي»، أكد الريس وهو أستاذ الإعلام بجامعة الملك سعود، أن المجتمع السعودي في الفترة الحالية يهوى العروض المضحكة والساخرة أكثر من حبكة العروض الجادة، مبينا أن هذا النوع من الاتصال الإنساني له جذور قديمة في القبائل السعودية، وكانت تعرف بالأساليب «الحكواتية»، أو الاتصال الخطابي بين أصحاب الرأي العام أو الشيوخ مع مجتمعاتهم.

وأشار الريس إلى أن الشباب السعودي دون الـ30 عاما انجرفوا نحو «كوميديا الارتجالية» منذ خمس سنوات تقريبا، وتحديدا في عام 2009، وذلك لضعف نصوص أنشطة المسارح التقليدية بالسعودية، متنبأ أن تتأثر باقي فئات المجتمع السعودي في غضون سنوات قليلة.

وأكد الريس أن وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، ساهمت في نشر وتقبل هذا الفن في السعودية، مطالبا الإعلام السعودي التقليدي بالاهتمام بثقافته، والتعريف بفنونه والجوانب التاريخية منه.

ويرى الريس أن مستقبل هذا الفن سيساهم في رفع الوعي الثقافي بدور المسارح وتأثيرها على شرائح المجتمع، وربما تتطور أغراضه الترفيهية، إلى تسويقية وإعلانية وغيرها، مؤكدا أنه لن يؤثر على جماهير المسرح الدرامي، لطبيعة الفن وميول الفرد نحو أي من فنونه.

وعن المشكلات التي تواجه كوميديا الارتجالية في السعودية، أوضح الريس أن نسبة كبيرة من مقدمي هذا الفن في السعودية يملكون موهبة الشخصية الكوميدية، دون الثقافة الكوميدية، مرجعا ذلك لضعف الاهتمام بهذا الفن، والشح في إقامة الدورات ذات الفائدة الفنية والمهنية.

ومن جانبه، أكد محمد العثيم الكاتب والناقد المسرحي، أن «كوميديا الارتجالية» لن تتطور مستقبلا في الساحات الفنية بالسعودية، مبينا أن هذا النوع من الفنون يحتاج إلى تنوع الأفكار والاتجاهات والحرية النقدية.

وأشار العثيم، وهو الذي أشرف على كثير من الورش التدريبية الخاصة بالمسرح، إلى أن المجتمع السعودي أحادي النظر نسبيا، ويحتاج إلى الوقت لتقبل الأفكار الجديدة، متمنيا استمرار التطور الفني في الحراك المسرحي من الشباب السعودي بتقديم العروض الفكاهية.

وعن المعوقات التي يواجهها مقدمي عروض «ستاند آب كوميدي»، أشار الخير الله إلى أن ثمة أمورا تتمحور في الجوانب التدريبية، كندرة إقامة الدورات التعليمية والتثقيفية لمقدمي العروض الكوميدية الارتجالية، مستشهدا بأهميتها، وذلك بعد حضوره عددا من الدورات خارج السعودية.

من جانبه، أفصح مروان عقيل ممثل «ستاند آب كوميدي» عن بدايته ككاتب نصوص، في برنامج «إيش اللي» بموقع التواصل الاجتماعي «يوتيوب»، مؤكدا أن انطلاقته كانت بنادي جدة للكوميديا.

وأشار عقيل إلى أمور تعيق ممثلي «الكوميديا الارتجالية»، ومعظمها تعود إلى نظرة المجتمع السعودي إلى الممثلين على أنهم من طبقات رديئة في المجتمع، واصفا أن السواد الأعظم من المجتمع السعودي سلبي في نظرته لممثلي الكوميديا عامة.

وأضاف عقيل أن فن «كوميديا الارتجالية» طبق على خشبات المسارح منذ ما يقارب الـ40 سنة، ولا تزال تحمل رسالة ثقافية تحاكي الواقع بطريقة ساخرة وفكاهية، وتترجم معانيها بأسلوب الممثل الكوميدي، وأخيرا تطورت أداة عروضه، إلى أن وصلت حاليا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، الذي أراه أقوى وسيلة حاليا في السعودية لعرض الأفكار لأكبر شريحة في المجتمع.

 

 

 

الرياض: عبد الملك الداوود

 

http://www.aawsat.com/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *