عطش المسرح في الأحساء

عكس الحضور الكثيف للمسرحية الكوميدية (سواق الطقاقات) التي عرضت في جمعية الثقافة والفنون بالأحساء قبل أسبوعين مقدار اللهفة والعطش للمسرح والمسرحيات لدى الأحسائيين، في راهن ٍ جاف مسرحيا.

فالجمهور عَطِشٌ لحضور مسرحية ـ أي مسرحية ــ حتى لو كان معظم أفكارها مكرورة ومواقفها الطريفة معروفة ومستهلكة، كشأن المسرحية المذكورة التي غصت بجمهورها صالة المرحوم عبدالرحمن المريخي في الجمعية.

 

ودُونـَكَ ما ظـَفِـرت به الأحساء منذ السبعينيات من مكانة وسمعة في المسرح المحلي والخليجي والعربي عبر مئات من الأعمال المسرحية المختلفة، ما حقق لها الريادة والقـِدَم في الساحة المسرحية الخليجية، وبخاصة مسرح الطفل

والمسرحيون عَـطشى لتحريك أقدامهم على خشبة المسرح حتى لو كانوا غير مقتنعين بأن ما يقدمونه من مواقف طريفة و(قفشات )، ربما تكون قديمة، ولا تشد الجمهور بالضحك والتفاعل.
لكن الجمهور في هذه المسرحية ضحك كثيرا، وتفاعل كثيرا مع أحداثها، وصفق لنجومها الشباب.
والمسرحيون – بعملهم هذا – يريدون أن يحركوا ركودا رهيبا في الساحة المسرحية.
لكن لماذا هذا الركود؟ ولماذا عطش المسرح؟ دعونا نكن صرحاء للغاية، ونتحدث بشفافية كما نقول هذه الأيام.
ففي الوقت الذي تخصص الدولة – رعاها الله – مبالغ من ميزانيتها الوفيرة لجمعيات الثقافة والفنون في المملكة – ولو كانت أقل من المأمول – نجد في المقابل أن عددا من الجهات المختلفة والأشخاص الذين يحملون فكرا معينا لا يريدون المسرح، ولا يحبونه، بل لا نبالغ إن قلنا: إنها تخاف منه، وبالتالي فقد ساهمت بشكل عام – للأسف – في إطفاء وهج الحركة المسرحية ابتداء من المسرح المدرسي، ومسرح رعاية الشباب، ومسرح التلفزيون، ومسرح الجامعات الذي تخرج فيه نجوم  طاش ما طاش، ومسرح جمعيات الثقافة والفنون الذي برز منه أغلب فناني المملكة، ومسرح الجهات الأهلية وغيرها، ونقول ذلك بشهادة الكثير من المسؤولين والمهتمين.
وإلاّ لو كان الأمر كما كان سابقا حتى نهاية الثمانينيات لأصبح لدينا (وَسَط) مسرحي كبير ينافس عربيا وعالميا في الكَمّ، والكيف.
ومع ذلك فإن الأحبة المسرحيين في الأحساء وغيرها من مناطق المملكة مازالوا يواصلون حـَفـْرَهم و(مشوارهم)، وعملهم ولو بشكل غير مرض لهم وببطء شديد، ويحققون – مع ذلك كله – جوائز ومراكز متقدمة في الداخل والخارج.
ودُونـَكَ ما ظـَفِـرت به الأحساء منذ السبعينيات من مكانة وسمعة في المسرح المحلي والخليجي والعربي عبر مئات من الأعمال المسرحية المختلفة، ما حقق لها الريادة والقـِدَم في الساحة المسرحية الخليجية، وبخاصة مسرح الطفل.
لكن المسرح مازال عَطِشا – كما قلنا – والمسرحيون – كجمهورهم – عطشى.
ولعل من المناسب أن أذكر ما تناوله الفنان الأحسائي ابراهيم الحساوي في أمسيته بمنتدى بوخمسين قبل أشهر، بأن المسرحيين الأحسائيين هم الفئة الأبرز التي تعمل بالحلم والإصرار دون أمل.
فهم يعيشون ويعملون الحلم على ندرته وصعوبته، ولا ينتظرون تحقيق الأمل، لأن أبوابه موصدة أمامهم دائما بـ (سلة) من (المحاذير) و(الموانع) و(العوائق) و(العراقيل) و(الإحباط/ وليس الإحباطات كما هو شائع) و(التثبيط، وليس التثبيطات أيضا)، و(التطفيش) وغيرها من سدود جريان النهر المسرحي.
وما دمنا ذكرنا الحلم، فأرجو من أحبتنا المسرحيين ألا يحلموا – والحال تلك – بإنشاء معهد للفنون المسرحية.
ولأنهم طاقة مسرحية لا تنفد، فهم – مع ذلك – يحاولون قدر الإمكان أن يبللوا الخشبة بقطرات عمل بين فينة وأخرى لِدَرْءِ العطش عنهم وعن جمهورهم.
قارورة :
إليكِ الشوقُ يأخُـذُني.. كَـشـَوْقِ         لكأس الماء في الصيف اللهيب ِ
وكـ (البردان) يطلبُ دفء  شمسٍ         وكالمــأســور  للفـَـرَج القريبِ
م . ج

 

محمد الجلواح

http://www.alyaum.com

تويتر @mtaljelwah

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *