«مهرجان المسرح» ما لهُ وما عليه

اسدلت الستارة مؤخرا على فعاليات الدورة العشرين لمهرجان المسرح الأردني، التي نظمتها مديرية المسرح والفنون في وزارة الثقافة، الأهم في مهرجاناتها، كونه المهرجان الوطني الذي تشرف عليه وتموله؛ لجهة الإعداد له، والانتاج، وديمومة تواصل

دوراته، فقد أرتأت «الرأي» التحدث مع ممن شاركوا في فعالياته، وآخرين من الفنانين الذين لم يشاركوا ولكن شاهدوا فعالياته، وندواته، وأيضا نقيب الفنانين، ومن ثم استمعنا لرأي مدير المهرجان محمد الضمور فيما طرح من آراء.

خليفة: المهرجان في تطور مستمر
قال الفنان أسعد خليفة: «استطاعت الدورة 20 للمهرجان أن تثبت لمن تواصل معه، أنه يصعد إلى الأعلى، كما وأن هذه الدورة تؤكد عند مقارنتها مع بداية المهرجان، أنه بعافية ويستطيع أن ينافس على المستوى العربي».
وأضاف: « الدورات الأخيرة للمهرجان تعطينا الفرصة للمقارنة المباشرة مع التجارب المسرحية العربية الأخرى، التي تشير إلى أين وصلت من مستوى راق هذه الدورات، وبخاصة أن عمان أصبحت تحتضن في هذا المهرجان أعلى العروض العربية مستوىً». ومُبيناً «أن طبيعة المهرجانات دائما فيها مسرحيات تتقدم على أخرى، ومن جهة أخرى تفرز مواهب جديدة وتتراجع بالمقابل أخرى».
خليفة نوه بالمستوى المتقدم من الخبرة الأردنية في إدارة المهرجانات، وضّعتها في قائمة (سياحة الحدث) التي تهتم بها الدول المتقدمة، وقد كان هذا بشهادة الضيوف العرب، الذين قالوا بأنها على أعلى درجة من التنظيم.

البصول: وصاية الهيئة
العربية للمسرح
مخرج مسرحية»هاملت 3 d» عبد الصمد البصول، أكد على أهمية وزارة الثقافة الذي «شكرها هي ومدير المهرجان محمد الضمور على اهتمامهما بأن يُخرج مهرجان هذا العام بطريقة لائقة»، متوقفاً عند بضع ملاحظات «عدها سلبية»، ومنها: «السقف الانتاجي وشراء العروض؛ حيث اقترح تشكيل لجنة لدراسة القيمة الفنية للعمل المسرحي وانصافه ضمن حاله رفع السوية الإنتاجية وتقدير هذة التجربة».
ونوه البصول بالمشاركة العربية، «أنظر إلى المشاركات العربية في كونها تسهم في رفع سوية المهرجان، وبالتالي عدم قبول أي عرض عربي دون المستوى الفني، و»رفع الوصاية» عن مهرجان المسرح الاردني من قبل الهيئة العربية للمسرح التي لوحظ تأثيرها بكواليس المهرجان «بشكل سلبي» من خلال تمرير برامج خاصة للهيئة لا علاقة لها بالمسرح الأردني مثل برنامج همزة، وصل؛ الذي يعد فكرة خير، ولكنه استخدم بطريقة وبتوقيت «غير مناسب» وهو وقت انعقاد المهرجان الاردني».
وطالب البصول «بوجود لجنة لتحكيم العروض، ومن ثمَّ طرح الجوائز التي تعتبر دافعا استثنائيا للحاله المسرحية واطالب بان تكون مجزية».
كما وأشار إلى بؤس الحالة النقدية: «إذ افتقد المهرجان الى أبسط حقوق التجربة المسرحية من حيث القراءة النقدية للعروض، واستطلاع رأي الجمهور، فقد غاب عن المهرجان هذا الحراك النقدي للعروض واكتفى بالنشرة اليومية التي أصدرها ، علما بان العروض كانت غنية بالأسئلة».

خليل:تضمن أجواء إيجابية
تحدث زيد خليل،الذي اشاد بإيجابيات جديدة في المهرجان، تمثلت في إنشاء خزانة المسرح الأردني، وهو مشروع ريادي تناول الحراك المسرحي في دراسات تحليلية، خلال العشرين عاما السابقة. «فضلا عن تلمس أجواء إيجابية حميمة بين المخرجين المشاركين، من خلال الحوارات التي كانت تجري بيننا بين العروض، لم ألحظها في المهرجانات السابقة، كما ولاحظت وجود جمهور جديد غير المعتاد عليه وجوده في مهرجاناتنا.
وقال المخرج خليل: «لقد تعودنا أن يجيء الدعم للمسرحية الواحدة عموما نحو (9000) دينار، فكان من العبث أن نتوقع من وزارة الثقافة أكثر من ذلك في ظل السياسات التقشفية، التي وجدت نفسها فيها هذه الوزارة، والدليل على ذلك أننا نحن المخرجون المشاركون قدمنا طلب رفع الميزانيات للمسرحيات، ولكن لم ترد حتى الآن الوزارة، ونحن في هذا الصدد نقدر الأزمة التي تمر فيها البلد».
أما بالنسبة للوقت، نعم كان ضيقا، حيث بدأنا بالبروفات بعد الموافقة في شهر رمضان، ولكن نجحت في إدارة الوقت، بوجود الروح الجماعية بيني وزملائي في العمل، فأنجزنا العمل في شهرين وسبعة أيام، ولكن وبصراحة مهما أخذنا من وقت المبدع الوقت لا يكفيه، فعملية البناء والهدم في كل يوم تحضر وبالتالي تجد نفسك نهبا للوقت.

حكيم حرب: «خلجنة» المهرجان
من الفنانين غير المشاركين في المهرجان قال مدير المهرجان الأسبق حكيم حرب: إن «مهرجان المسرح حقق حضورا فاعلا محليا وعربيا على مدى دوراته، ولكن مع تراجع وتوقف مهرجانات مسرحية عربية عريقة مثل القاهرة ودمشق وقرطاج اصبح الضوء مركزا على مهرجان المسرح الأردني بصفته المهرجان المسرحي الوحيد المستمر عربيا، وله بعد عالمي».
أضاف: «مع تثمين دور وزارة الثقافة وتحديدا مديرية المسرح والفنون في إقامة هذا المهرجان، إلا أني الفت النظر إلى أن الدعم المخصص للمهرجان بدأ يتضاءل قياسا بالسنوات الماضية مما ساهم بالتأثير على جودة المهرجان وسمعته التي حققها على مدى السنوات الماضية»، مقترجا أن يقام المهرجان محليا، «كما في العام ٢٠٠٩، لأن المسرح الأردني أولى بالدعم من بعض الفرق العربية التي لا تقدم عروضا مهمة وتكلف وزارة الثقافة ثمن تذاكر السفر والأقامة في الفنادق الفاخرة ؟ فأما أن يعود المهرجان إلى بريقه الدولي الذي حققه سابقا أو فانه لا داعي لأقامته بعدد متواضع وخجول من الدول والفرق المتواضعة فنيا؛ فهذا يضر بسمعة المهرجان وبسمعة وزارة الثقافة والأردن».
تساءل»عن سبب غياب الندوات التقييمية للعروض المسرحية عن دورة هذا العام والتي تعودنا أقامتها كل عام منذ الدورة الأولى للمهرجان، هل السبب هو الخوف من أن يقال داخل هذه الندوات بأن المهرجان يشهد حالة من التراجع والنكوص». وتابع تساؤلاته «ثم لماذا تطلق يد الهيئة العربية للمسرح في عملية التوثيق والأرشفة للمسرح الأردني في الدورة الأخيرة للمهرجان حتى كانت النتيجة هي تلميع بعض الأشخاص المرتبطين بمؤسسات رسمية مثل الهيئة العربية للمسرح ووزارة الثقافة ونقابة الفنانين على حساب أشخاص آخرين أكثر منهم إبداعا وتميزا جرى العمل على تغييبهم والتعتيم على إنجازاتهم المسرحية؟»
حرب أكد «أن ما تقوم به الهيئة العربية للمسرح «أمر خطير جداً» فهي تعيد قراءة المسرح الأردني والعربي والتوثيق له على طريقتها الخاصة وبما يتناغم مع برامجها وأهدافها وهذه مقدمة لوضع يدها بالكامل على المهرجان، توجهه حسب ما تراه مناسبا»، محذرا من هيمنة حالة الحاجة الدائمة لدعم المهرجان: «إن حاجة مهرجان المسرح الأردني إلى الدعم المالي يجب أن لا تضطره لتسليم تاريخه للهيئة العربية للمسرح التي مقرها الشارقة، فذلك سيؤدي في النهاية إلى خلجنة المسرح الأردني والعربي كما جرى سابقا في خلجنة الدراما التلفزيونية العربية وخلجنة الأغنية العربية».
وختم حرب «الغريب أن كل ذلك يجري بمباركة ومشاركة حميمة من نقابة الفنانين الأردنيين، التي من الواضح أن إدارتها لا تعي حجم الخطورة في مثل هذا المشروع ولا تدرك معنى أن يتراجع مستوى المهرجان الذي أقيم بعرق الفنانين الأردنيين الذين تحولوا إلى غرباء في داخله إلى جانب الفرق السياحية العربية التي تأتي بدافع الأستجمام بالفنادق الفاخرة على حساب الفنان الأردني الذي يعاني ضنك العيش».

الخطيب:وضع استراتيجة عامة
نقيب الفنانين حسين الخطيب قال: «في إطار هذا المهرجان أصبح لا بد من إعادة ترتيب الشأن الثقافي المحيط بآلية التعامل مع قيمة هذا المهرجان الذي أصبح عمره عشرون عاما، لذلك كان للنقابة أثناء وبعد المهرجان الحالي دعوة إلى كافة الزملاء المسرحيين والمعنيين بوضع تصورات تتناسب مع قيمة هذا الفن المسرحي بشكل جاد.
ودعا الخطيب الفنانين جميعا لوضع استراتيجية عامة للمسرحيين سواء ما يخص مهرجانات الفرق، أو مهرجان المحترفين، أوالطفل، أو الهواة، أو الشباب، ومؤكدا على أن الحراك المسرحي ينقصه الدعم المشروع، والرعاية الحقة.

مدير المهرجان الضمور:
«الهيئة» وفرت لنا كنزاً
من جهته أكد المخرج محمد الضمور مدير مديرية المسرح والفنون رغبة وزارة الثقافة في استمرارية دورات هذا المهرجان ليس لأهميته بالنسبة للفنان المحلي وحسب وإنما أيضا العربي، رغم الظروف الاقتصادية العصيبة التي تمر فيها البلاد، وذلك بسبب إغلاق المهرجانات المسرحية العربية المجاورة، كدمشق، والقاهرة التجريبي، بسبب الأحداث السياسية التي تشهدها الساحة العربية.
أضاف: «كما وأن إقامة هذه الدورة تجيء أساسا بسبب الأمن والأمان اللذين نتمتع بهما في الأردن».
كما وإن الإشارة «إلى تميز الجمهور جاء من عدم تشبيك الجمهور في أكثر من مسرح، كما الدورات السابقة». مُضيفا: «بأننا في كل عام نحاول أن نخطو خطوة جديدة بالإفادة من خبرات الآخرين، وبخاصة من سلبيات المهرجانات العربية ومن ثم العمل على تصليح نفس هذه الظواهر التي ربما تظهر عندنا، فضلا عن تثمين وتأكيد الإيجابيات».
وبين «إن المشاركةالعربية نتعامل معها من باب إغناء وإثراء المهرجان، وقد كان التعامل هذا العام مع الفعاليات، لجهة الجودة، فتقدم للمهرجان 16 عملا تم اختيار الخمس الأفضل».وقال الضمور: «ومن المعطى الأخير أعرج على ما قيل حول الهيئة العربية للمسرح؛ فالأعمال التي قدمت في المهرجان منها عمل واحد خليجي، فلو كان هناك هيمنة كما تم الزعم لكان هناك أعمال أكثر».
وشرح «أنه بالنسبة للهيئة العربية للمسرح، كل ما قدمته على هامش المهرجان؛ بشكل واضح هو توثيق المسرح الأردني، الذي جاء في قسمين الأول: موسوعة ضمت (2000) صفحة مابين مقال نقدي وتحليلي وتغطية للندوات التقيمية، والقسم الثاني دعم إنشاء مكتبة تضم الأعمال المسرحية، التي تم تصويرها خلال عروضها في الدورات السابقة، حتى لا تبقى منسية ومهملة، وانجاز ذلك يعد تحقيق أحد أحلام كل مسرحي أردني».
وأضاف: «وأود التوضيح بأن الإتفاقية المبرومة بين وزارة الثقافة والهيئة، لم تطالب الأخيرة إلا بنسخة للحفظ، مثلها مثل أي مؤسسة أخرى أو شخصية عادية، وهذه النسخة لا تستخدم لأي نشاط آخر إلا للحفظ، وليس للإستعمال في أي نشاط آخر»، مختتماً أتساءل أين هي هيمنة الهيئة المزعومة، هل لأنها وفرت لنا كنزا ليوضع بين أيدي الدارسين في الكليات الفنية والأكاديمية».

 

عمان – جمال عياد

http://www.alrai.com/

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *