المنفى الفكري في غرفة صغيرة.. مسرحية اختبار

يتقاسمان حلماً كبيراً وتجربة الانتظار المريرة في غرفة صغيرة في مركز لاستقبال طالبي اللجوء في أمستردام (روا هاوس)، إلى حين البث في طلب اللجوء والقرار النهائي بالقبول أو الرفض. ذلك كله في عمل مسرحي يتناول قضية المنفى الفكري، قضية المغتربين في المنفى، على الهامش، تماماً كما وصفهم المفكر العربي إدوارد سعيد في ‘المنفى الفكري.. المغتربون هامشيون’.


انتظار موجع
مسرحية ‘الاختبار’ الهولندية، تحكي يوميات فنانين مسرحيين عربيين هربا من الحرب إلى هولندا. واحد عراقي والآخر جزائري. والمسرحية يمثلها على الخشبة بالفعل، فنان مسرحي جزائري هو محمد صالح حفيضي، وصالح حسن فارس من العراق. مرا في الواقع بنفس التجربة. الغرفة الصغيرة والحلم الكبير ومرارة الانتظار الطويل، ‘ وهو انتظار موجع، فيه قساوة وحيرة كبيرة ما بين البقاء والرجوع’، يقول صالح حسن فارس.  كتب النص وأخرجه الهولندي أندرياس فوندر، على أساس حوارات كثيرة أنجزها مع المعنيين.
صالح حسن فارس- ممثل ومخرج مسرحي عراقي، وصل إلى هولندا في العام 1997، وأقام بمركز طالبي اللجوء أكثر من خمس سنوات. له عدة أعمال مسرحية في بلاد مختلفة، منها في هولندا: رجل من طين، الحرب الرابعة، غرفتي، مقهى شاهبندر، المتنبي. وله في مجال الدراماتورجي: عقدة هرقل، ألف باء تاء، مسرحية للأطفال.رحلة من الداخل
المسرحية تشبه رحلة من الداخل، مكتوبة بطريقة درامية محبوكة، فيها مستيك ومشاهد صوفية. وترصد في السرد سنوات عدة، يقول فارس: ‘بها قصة موجعة قاسية على المشاهد، وأقسى على الممثل، لأنها قريبة من حقيقته. الحكاية قريبة جداً من حكايتي الشخصية.. أحكي عن العراق، عن الحرب، عن دجلة، عن بيتنا وعن أخي الذي مات في الحرب.. أخاطب الجمهور: أتعلمون؟ بيتنا كان على أطراف المدينة، يطل على نهر دجلة..  ودجلة كانت تفيض وتجعل بلادنا خصبة’.
يمثل فارس دور طالب لجوء هارب من الحرب، يسكن في غرفة صغيرة في مركز استقبال خاص. يصل فجأة رجل آخر من الجزائر إلى المركز، هارباً من الحرب أيضاً. ويتقاسم معه الغرفة الصغيرة. يقول فارس: ‘ الغرفة رمز له دلالة. هربنا من مكان آخر لنفس السبب ونتقاسم نفس المكان الآن لنفس السبب. ونتقاسم الخوف من الآخر. هو يسكن معي بشرط أن يعلمني أبجدية التمثيل أو أن نمثل معاً ادواراً مسرحية ‘.
الاختبار
يتقدم الاثنان بعد ذلك لكاستينغ للاختبار، ولكن لا ينجحان في تمثيل دور صغير لمجرم مغربي، أو تمثيل مشاهد تجارية، بسيطة وساذجة.  ويظلان يحلمان  وينتظران ويتناقشان عن فرص العمل المسرحي في هولندا والإقامة وتعليم اللغة الهولندية. لكن يعرقلهما الوقوف على أعتاب المدينة. ‘الدخول للمدينة  صعب كما الخروج منها’.  فيتحاوران بشأن اللجوء والاحلام وانتظار الاوراق الرسمية وتعليم اللغة الهولندية.
عيون زرقاء وشعر أشقر
في مشهد صوفي، تصدح الأماني المشوبة بخيبات أمل: ماني.. أماني.. أمان…. أريد عينين زرقاوين وشعراً أشقر.. أريد جواز سفر هولندي.. أريد شهادة لمواطَنة كاملة’.  يتطرقان لكل شيء في هذا العرض، للغرفة الصغيرة والحلم الكبير.. عن الأدلة لأجل الاعتراف بالمواطنة.. الأدلة الكثيرة التي يجب ان تجمعها للحصول على الاعتراف بأنك تستحق أن تصبح مواطناً هولندياً، مثل شهادة من قسم شرطة تؤكد أن دراجة أحدهما سُرقت، في حين أنه لم يملك دراجة أبداً. ولكن الدراجة في هولندا رمز الاندماج، وسرقة الدراجة في هولندا يتعرض لها كل المندمجين.
’ربيع عربي’
وتختم المسرحية عن ‘الربيع العربي’. في المشهد الأخير يحمل كل واحد منها جهاز راديو يبحث فيه عن الأخبار العربية في سوريا والعراق والجزائر وما يحدث الآن ويبحثان عن أصدقائهما هناك في تلك البلاد التي أزهر فيها ‘الربيع ‘، وينتهيان للخلاصة أن الدين عاد للسلطة، وعادت البلاد لديكتاتورية جديدة.
تعرض المسرحية يومي السبت والأحد القادمين في أمستردام.

 

http://www.akhbrna.com


 

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *