«الغرباء لا يشربون القهـــوة».. بل يحلمون بـ «البيت»

إسقاطات على إشكاليات الهوية، وقضايا العروبة، تحملها مسرحية «الغرباء لا يشربون القهوة»، التي يشارك بها المخرج رامي مجدي، ضمن مهرجان المسرحيات القصيرة الذي تنطلق فعالياته اليوم في مدينة كلباء، والمفارقة أن أولئك الغرباء الذين يلبون دعوة أصحاب البيوت الكرماء، ليس هدفهم القهوة، بل الاستيلاء على المنازل، وطرد أصحابها منها.

 

 

وقال مخرج «الغرباء لا يشربون القهوة» رامي مجدي، الذي أدخل تعديلات على النص ليتمكن من المشاركة به في مهرجان كلباء، إن «النص قريب ومناسب للحالة التي يمر بها العديد من الدول العربية في الوقت الراهن، من هنا جاء اختياري للنص، الذي يفترض أن يكون نصاً عالمياً أو ينتمي للأدب العربي بحسب شروط المشاركة في المهرجان، ولأن معظم النصوص المطروحة للاختيار، خصوصاً العالمية منها كانت منفصلة إلى حد كبير عن الواقع الذي نعيشه، الأمر الذي يخالف واقعية المسرح».

نص قابل

«كمان»

استعان مخرج «الغرباء لا يشربون القهوة» رامي مجدي في المسرحية بعازف الكمان محمد علي سعد، الذي سترافق موسيقاه مشاهد المسرحية بحلوها ومرها، فتارة يعزف اللحن الشجي والحزين، وأخرى يدخل اللحن المفرح والمبهج، وفي نهاية العمل يمزج الموسيقى العربية بالموسيقى الغربية التي تطغى في النهاية، الأمر الذي يعكس الحالة العامة للمسرحية.

 

أضاف مجدي لـ«الإمارات اليوم» إن «الجميل في النص أنه قابل للتغيير، وادخال اسقاطات غير مباشرة، بما فيها السياسي والاجتماعي، فالنص رغم انه كتب منذ زمن للقضية الفلسطينية، إلا أنه صالح للاستخدام الحالي، لاسيما في وجود ما يعرف بثورات الربيع العربي، فكأنه كتب قبل عام فقط أي في فترة ثورة شعوب»، مشيراً إلى أن النص ضم ثلاثة مشاهد، كل واحد منها يحكي قصة أصحاب البيوت التي يزورها الغرباء، ما يجمع بينهم تلك الروح العربية الأصيلة والطيبة التي تصل إلى حد السذاجة عند بعضهم، فيعتبرون كل غريب يمر بهم صديقاً وضيفاً يجب اكرامه، ليفاجأوا في النهاية بأن هؤلاء الغرباء لم يأتوا لشرب قهوتهم، إنما جاؤوا للاستيلاء على منازلهم.

النص هو كناية عن احتلال الغرباء للبلدان العربية فكرياً وثقافياً من خلال رفضهم لثقافة أهل تلك البلدان، الأمر الذي تجسد في رفضهم شرب القهوة، فالغريب يتدخل في شؤونهم لدرجة أنه يفرض عليهم أموراً بعيدة عن ثقافتهم، والأغرب انه يرفض تبادل الثقافات، ويصر على أهمية ذاته هو فقط، وعلوه على الآخر.

معالجة

حول معالجة نص «الغرباء لا يشربون القهوة» ليتناسب مع مهرجان كلباء، أكد المخرج الشاب أنه اشتغل على اعداد النص، وأجرى تعديلات واضحة لاسيما في المشهد الأخير للمسرحية التي لا تتجاوز مدة عرضها 30 دقيقة، إذ عندما يحتل الغرباء المنازل، ويمزقون آخر ورقة تثبت ملكيتها لأصحابها الشرعيين، يظهر أصحاب البيوت في حالة من الانكسار والهوان، حتى يصيروا متخشبين على كراسيهم، وقد تدلت رؤوسهم على اكتافهم، أما النص الأصلي فكان الرجل «صاحب البيت» يطمئن زوجته بأنه يمكنه ايجاد حل لاسترجاع البيت المسلوب.

أما من الناحية الإخراجية، فأفاد مجدي بأنه تأثر كثيراً بأساليب أساتذته في المعالجة الإخراجية، ومنهم الرشيد أحمد عيسى، وهشام شكيب، اللذان يركزان في الإخراج على الممثل والفكرة، كونهما العنصرين الأساسيين في انجاح العمل المسرحي، إذ يتم الاشتغال عليهما أكثر من بقية العناصر.

وأضاف «يشارك في العمل أكثر من 10 ممثلين بينهم مواطنون، وعناصر متميزة في مجال التمثيل، وأخرى وجوه جديدة، وما يجمع المشاركين أنهم من فئة الشباب الذين يمتلكون الحماس والمعرفة الفنية الجيدة».

 

عناصر فنية

حول العناصر الفنية الأخرى مثل السينوغرافيا، قال مجدي إن «السينوغرافيا في (الغرباء لا يشربون القهوة) اعتمدت على البساطة والتجريد، فقد ضمت الديكورات بيتاً عربياً وشبابيك وباباً وشجرة، وفي نهاية العرض ستسقط جدران البيت، ويرفع الباب، فيما ستبقى الشجرة القديمة لتجسد بؤرة الأصالة العربية وتجذرها في المنطقة».

وتبدأ المسرحية بمنظر واجهة بيت عربي قديم، وفي أسفل المسرح بوابة خارجية للبيت، هي عبارة عن حاجز مصنوع من الخشب يمتد إلى اسفل خشبة المسرح من الجهتين اليمنى واليسرى، إذ يوجد على يسار المسرح شجرة معمرة لا أوراق لها، وفي وسط المسرح يوجد الباب الرئيس للبيت العربي وهو يرتفع عن الأرض بدرجتين، وفي الجهة اليمنى لوسط المسرح توجد نافذة تتدلى من أعلى المسرح، كذلك نافذة أخرى في يسار المسرح تتدلى هي الأخرى من أعلى.

واللافت أن المشاهد يدخل لقاعة المسرح فيجد الستارة مفتوحة والضوء يتخلل فتحات الحاجز الخشبي لينعكس على البيت العربي، إضافة إلى عازف يعزف مقطوعة موسيقية شرقية على آلة الكمان، فيما يقبع خلف الحاجز الخشبي على يمين المسرح، الرجل صاحب البيت الذي يجلس على المقعد ويلبس جلبابا أبيض، وفي قدميه خف منزلي، وقد دس وجهه بين صفحات صحيفة يومية.

المصدر:

    سوزان العامري – الشارقة

 

http://www.emaratalyoum.com

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *