مفهوم الورشة المسرحية

بدأت في الوطن العربي في السنوات القليلة الماضية، سيما في البلدان التي لا يوجد فيها كليات ومعاهد فنون مسرحية، سلسلة من الورش المسرحية الهادفة التي تسد العجز في الجانب الأكاديمي، خاصة أن كثيراً من المشتغلين في الميدان الفني المسرحي، قد اكتسبوا خبراتهم من خلال الممارسة العملية، فأبدعوا، وكانت لهم بصمات فنية مشهودة سواء في مجال الكتابة أو الإخراج أو التمثيل، وتعد الشارقة واحدة من المدن العربية الوطيدة الصلة بالفن المسرحي التي تتعامل مع هذا الفن بوصفه هاجساً إنسانياً، يكتسب صفة الإلحاح والضرورة التي لا تقبل المساومة أو التفريط، وهذه من الإيجابيات التي يتحدث عنها الخبراء والفنانون العرب التي تضاف إلى إنجازات الشارقة، التي تسير في خطط الثقافة والتنوير بكل جدية ومثابرة .

 

 


ومن متابعة الكثير من الورش المسرحية التي تعقد بين الحين والآخر، يتضح أنها تقدم خبرة لا تقل شأناً عن الدراسة الأكاديمية المقررة بسنوات وساعات محددة، فغالباً ما تشتمل هذه الورشات على مادة نظرية وأخرى تطبيقية، وتتناول مختلف التيارات والمذاهب المسرحية، كما تعمد بعض هذه الورش للتعريف بالمقدمة المنطقية للعمل المسرحي، وبين هذا وذاك يتم التطرق في العادة إلى مفهوم المحاكاة الذي يشار للفيلسوف اليوناني سقراط باعتباره أول من وضعه، فتبعه أرسطو وأفلاطون .


وفي كل مرة تعقد فيها ورشة مسرحية، غالباً ما يتم تسليط الضوء على تاريخ تطور الفن المسرحي، منذ التجارب القديمة التي ترتبط بالمفاهيم الوثنية مروراً بالقرن العاشر الميلادي، فمرحلة العصور الوسطى، ومن ثم فترة عصر النهضة، وتطور الحياة الجديدة في أوروبا، والثورة على الإقطاع، ومن ثم التركيز على الأعمال التي تحاكي الذات والمشاعر الإنسانية، والاستفادة من كتب التراث والأشعار والقصص وغيرها، ومن المثير في الموضوع المسرحي قدرته على استيعاب النظريات العلمية، وقدرته أيضاً على أن يكون حيوياً ومعاصراً، كقابليته للتعاطي مع تطور الاتجاهات والمدارس الفنية، وهذه كلها قد تم تجريبها في الوطن العربي، الذي يبدو أنه في كل فترة تاريخية يمر بها، يجعلنا ننتبه إلى عدم فاعليته في التأثير في قطاع واسع من الناس، وهو ما بات يؤخذ في حسبان الدارسين الذين يشيرون إلى تراجع المسرح العربي وانحسار دوره وعدم الإقبال عليه كما ينبغي، وهو من التحديات التي تواجه المشتغلين بهذا الفن الذي يحتاج إلى محاكاة مستمرة لواقع الإنسان المعاصر الذي بات يلوب تحت مؤثرات شتى من عدم الاستقرار النفسي والوجداني، وهو ما يجب أن يؤخذ في وارد الورشات المسرحية المقبلة، التي يبدو أن عليها أن تدرس كثيراً من إرهاصات ونبض الزمن الحالي، الذي يتحول فيه البشر إلى مجرد رموز عشوائية على هامش الحياة .

عثمان حسن http://www.alkhaleej.ae

Ohasan005@yahoo.com

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *