المسرح الجهوي تيزي وزو يدخل المنافسة… “ناس مشرية”.. حلاوة الذكرى مرارة الهجر

 

كثير من التمزق والحلم لف حياة “مشرية” و”مدين”، قصة حب تختصر حالة مجتمع بأكلمه، خاض معارك مع نفسه وضد المد المتطرف الرافض لكل تعبير عن العاطفة. “ناس مشرية” مسرحية دخلت المنافسة الرسمية في ثاني يوم من المهرجان الوطني للمسرح المحترف، لمخرجها لخضر منصوري وبطولة ثنائية لمحمد يبدري وفاطمة الزهراء حسناوي.

 

 

ماذا سيحل بهذين المحبين على هذه الأرض الجافية، هل سترضى “مشرية” بحبيبها “مدين” العائد بعد فرار عشرة سنوات؟ هل يتحقق حلم “مشرية” في نهش لحم خائنها، انتقاما لها من سنوات الهجر والخذلان؟ لا يصغي القلب الميت لنداء الحياة، والعسير أن تتفتح الورود في أرض اختلط ماؤها بدم الفجيعة والعار. هي الفكرة الأساسية التي بنى عليها بوزيان بن عاشور نصه المسرحي المنتج من قبل المسرح الجهوي لتيزي وزو، وأخرجه لخضر منصوري، في ثاني تجربة له مع بن عاشور بعد نص “مرة مرة” سنة 2002. تبدو القصة بسيطة في البداية، امرأة تعيش في مكان مهجور بعيدا عن أعين الطامعين فيها، تربث بلطف على رضيعها الجائع والمنزعج من صوت القطار السريع. يقتحم رجل كفيف ميدانها، يخفي وراء نظاراته وعصاه ومعطفه الخشن، حقيقته المؤلمة، يحاول “مدين” أن يتودد مجددا إلى من غادرها في عز أزمتها، أن يلقي عليها كلمات لينة، علها تزيل غشاوة الحقد من عيونها الشرسة. لكن الصراع كان أعمقا من مجرد خلاف بين رجل وامرأة، كانت “مشرية” ترمز إلى نساء الجزائر ومعانتهن مع الآخر، مع التقاليد والأعراف، مع الأحكام المسبقة والتقديرات السيئة، مع سنوات الدم وساعات الاعتداء على الجسد والشرف. أما “مدين” فرجل مدان بكل القبح المتفشي في الأرض، فهو اليوم كهل يدفع ثمن طيش الشباب.

وفرت المسرحية توابل أصيلة للنجاح، فالمخرج منصوري حاصل على شهادة دكتوراه في الدراسات الإخراجية، ومؤلف النص قلم متمرس في اللغة الركحية، والتأليف الموسيقي أوكل لرشيد حميداش، أما السينوغرافيا فكانت لعبد الله كبيري الذي اختصر كل مشاعر الحب والخصام في فضائين متوازين، يفصلهما جدار شفاف، الأول يعبر عن عالم الماضي بهدوئه وأحلامه، فكان طريقا مستقيما مضيئا، بينما الثاني كان ممزقا رثا ومتسخا.

تحرك الممثلان الرئيسيان يبدري وحسناوي في الجزء الرث، بينما مثلت خليدة خلفاوي وكريم نور الدين العاشقان في بداية حلمهما. ظلا البطلان يتحركان في الجزء الأوسط للخشبة، ليس بعيدا عن جدار الحلم والتمزق، لم يتقدما على مدار ساعة العرض، إلى مقدمة الخشبة، إلا أن المتفرج لم يشعر ببعدهما عن القاعة، فكان صوتهما مسموعا وإلقائهما مناسبا للريتم السريع في الحوار. ورغم حداثة تجربة حسناوي إلا أنها لم تشعرنا بوجود فرق كبير بينها وبين زميلها يبدري.

نبيلة سنجاق

http://www.djazairnews.info

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *