“الريبورتوار” .. تقليد فني نسيناه وأطحنا معه بتراثنا المسرحي

في بريطانيا حتي اليوم يشاهد رواد المسرح أعمال الشاعر شكسبير في أكثر من رؤية وأكثر من مضمون.. هكذا الحال في كل عواصم أوروبا لأنه لا يزال عندهم تقليد

يحترمونه هو «الريبورتوار» أو إعادة عروض المسرح حتي لا يفقد الفن تراثا مسرحيا هو في الأساس يمثل مدارس فنية ليس في مجال المسرح فحسب بل في مجال الشعر والرواية والسينما..

لأن أعمال شكسبير وموليير وسارتر وإدوار إلبي وصولا للمحدثين هي ليست مجرد نصوص حبيسة خشبة المسرح.. بدليل أن هناك عشرات الأعمال التجريبية والحديثة نجحت في استلهام إبداعاتهم وكانت متابعا لميلاد أفكار جديدة وقدرات شبابية أدهشت المتابعين والنقاد والأمثلة كثيرة مثل تجربة المخرج الألماني فاتش فاجنشر الذي دمج أعمال صموئيل بيكيت وسارتر وتيم رايس وقدمها في سباعية مسرحية عرضها مسرح بلوتش وتجولت في مجموعة مسارح روسية، كانت مصدر لإبداع أسلوب جديد في المسرح.. أما تحويل أعمال مشاهير المسرح الي السينما فهذا شيء عادي وأصبح من الشائع في حال الإنتاج الراقي.. لكننا في مصر لا نعرف ذلك.. تقليد «الريبورتوار» نسيناه منذ سنوات طويلة وتناسبنا معه تراثنا الفني المسرحي – أعمال أمير الشعراء أحمد شوقي سواء المعروفة: «مجنون ليلي – مصرع كليوباترا – الست هدي» أو غير الشائعة مثل «قمبيز» و«البخيلة» وغيرها، وكذلك أعمال عزيز أباظة ثم صلاح عبدالصبور وعبدالرحمن الشرقاوي ومحمد مهران السيد ومحمد إبراهيم أبوسنة وأحمد سويلم وأنس داود وأعمال التراث الشعبي منذ زكريا الحجاوي وأعمال نجيب الريحاني وبديع خيري وسلامة حجازي وسيد درويش وغيرهم.. نصوص مدهشة لا أحد يفكر في استثمارها.
هل تعلم، عزيزي القارئ، أن للريحاني 42 نصا مؤلفا الي جانب الأعمال المشتركة مع بديع خيري الي جانب أعمال الريحاني التي ترجمها عن اللغة الفرنسية ومن بينها نصوص نادرة، نحن لا نريد أن نحتفي بتراثنا المسرحي، وقد نختفي به بعد أن يستورده الأغراب ثم نستورده منهم مرة أخري وهي ظاهرة مصرية مدهشة.. تقليد «الريبورتوار» مهم في مسارح أوروبا حتي إنها تشارك به في المهرجانات الحديثة باعتبار أن العروض المسرحية كائن حي لا يموت بالتقادم.. فمن حق أعضاء ورواد وجمهور المهرجان أن يتابع عروضا مسرحية قديمة عرضت بنفس الأسلوب الكلاسيكي كما تري نفس العروض وربما في نفس الدورة من المهرجتان بأكثر من أسلوب حديث.. في مصر نحتاج من رئيس البيت الفني للمسرح دراسة تقليد «الريبورتوار» باعتباره ملفا يهم تراثنا وثروتنا المسرحية ولا مانع من تشكيل لجنة من المتخصصين والنقاد والمبدعين ليكون لهذا التقليد مكان راسخ في مسارحنا وليست مجرد عروض بالمصادفة.. القضية ملحة ومهمة حتي لا يفقد المسرح ذاكرته مرة أخري.

 

 

نادر ناشد

 

http://www.alwafd.org

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *