جيلان مسرحيان قيد الاعتقال والمصير مجهول

الفنان زكي كورديلو من مواليد أعزاز بريف حلب، خريج المعهد العالي للفنون المسرحية قسم التمثيل عام 1984 وعضو نقابة الفنانين، استلم إدارة مسرح الحمراء بدمشق

لفترة من الزمن ومن ثم استلم إدارة مسرح العرائس، وفي خضم الثورة السورية حين كان منهمكا بإعادة الألق لمسرح الطفل ولمسرح خيال الظل بالتحديد، داهمت ظلال حاقدة سوداء منزله في أحد ضواحي دمشق (الخاضعة لسيطرة النظام)، واعتقلته مع ابنه مهيار طالب السنة الثالثة في المعهد العالي للفنون المسرحية، وهما منذ ذلك التاريخ 11 أغسطس 2012، يوم تم اقتيادهما إلى جهة مجهولة، مازالا مجهولي المصير.

قبل أن يستوطن عالم المجهول، قال كورديلو عن المسرح السوري: “اعتمدنا على النمط الاشتراكي لدعم الثقافة، حيث يكون دور الدولة فيها راعية ومالكة للثقافة، الأمر الذي أدى إلى التعامل مع الثقافة بالكمّ وليس بالكيف، فلم يكن هناك فرق بين المسرح الخاص والعام، وأصبحنا في قفص المسرح الجاد والملتزم الذي يكون بعيدا عن الجمهور ونبض الشارع”.

زكي كورديلو فنان خيال الظل السوري الذي فقد ظله

فنان خيال الظل

الفنان المعروف بدماثة خلقه وحسه الإنساني العالي، أخذ على عاتقه إحياء مسرح “خيال الظل” في سوريا، فأصبح الوريث الحقيقي لهذا المسرح منذ سنة 1993. وحول اختياره للعمل في مجال فن خيال الظل، وهو المجال الذي لا يُكسب شهرة ولا مالا، قال في وقت ما قبل اعتقاله: “حدث الأمر في البداية بمحض الصدفة عندما تعرفت على عبد الرزاق الذهبي في مديرية المسارح، وعرض عليّ العمل معه في مسرح خيال الظل ووافقت دون تردد، ولكن بعد فترة قصيرة توفي الذهبي ولم يكتمل مشروعه، فشعرت أن عليّ متابعة هذا المشروع بدافع الأمانة والحفاظ على هذا الميراث، وكان من المهم أن يستمر مسرح خيال الظل في الوجود، فهذا الفن قريب جدا من وجدان الشعب السوري، وموجود في ذاكرة الناس وفكرهم وخيالهم، ويعتبر من الفنون الجميلة الموجودة في تراثنا العربي، إضافة إلى أنه موروث شعبي عالمي من الواجب المحافظة عليه وتطويره”. وكأن مسرحه الذي اختار كان مسرحا لحياته التي لم يختر، فأصبح بعد اعتقاله دمية من ورق الورد خلف ستارة سوداء، أُطفئت الأنوار في قاعة العرض ولم يبق سوى ظله الذي أبى إلا أن يداعب ذاكرة محبيه، وصدى صوته الذي ارتحل من عمقه المقهور إلى أعماقنا المتعبة ومازال يصرخ “إياكم والنسيان”.

وزارة العداء للثقافة

زكي كورديلو عدا عما قدمه في مجالات السينما والإذاعة والتلفزيون قدم لـ”المسرح القومي” عشرين عملا مسرحيا، وغاية القول أنه ابن وزارة الثقافة التي لم تكلف نفسها، بكل مؤسساتها العتيدة، عناء السؤال عنه لمعرفة مصيره أقله رفعا للعتب، وبدلا من ذلك سارعت بعد اعتقاله بأيام إلى إعفائه من إدارة مسرح العرائس وتكليف آخر بهذه المهمة، وهذا إن دل على شيء يدل على أن وزارة الثقافة هي قلعة معادية للثقافة، فهي لم تكتف بعدم محاولة اتخاذ أي موقف أو إجراء لصالح العاملين فيها إزاء استدعاء العديد منهم والعديد من الناشطين الثقافيين للتحقيق معهم في فروع الأمن، وإنما اتخذت إجراءات عقابية ضدهم، ليصل الأمر ببعض مديريات وهيئات تابعة للوزارة إلى الفصل التعسفي بحق بعض الموظفين المعروفين بمناهضتهم للنظام السياسي، كما حدث في المؤسسة العامة للسينما ولتصبح هذه المؤسسات الثقافية مرآة للنظام السياسي وناطقا باسمه في مواجهة (المؤامرة الكونية على سوريا) ما يبقي الساحة الثقافية السورية ملعبا للموالين مهما صغرت أحجامهم الثقافية.

وكما عبد العزيز الخير والكثير من السوريين المغيبين قسريا والمجهولي المصير رُفعت صورة زكي كورديلو وابنه مهيار في أحدث حراك للمعارضة السورية في بيروت (لبنان) 28 سبتمبر/ أيلول الماضي للمطالبة بالحرية لهما وتحت شعار “جيلان مسرحيان قيد الاعتقال”. وتزين صورتيهما منذ اعتقالهما صفحات الناشطين على “الفيسبوك” إلى جانب العديد من الفنانين والكتاب والصحافيين السوريين المعتقلين.

 

وداد جرجس سلوم

http://www.alarabonline.org

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *