في وداع مهرجان المسرح الخليجي

 

 


تهبط الستارة الليلة على دورة جميلة من دورات مهرجان المسرح الخليجي للفرق الأهلية، المتنافسة على الأفضل في فضاءات الخشبة، وكانت صلالة حاضنة هذا الفعل المسرحي، وهي تودع موسما خريفيا لم يخل من الشوائب، لكن الأشقاء الخليجيين من المسرحيين وغيرهم رأوا في هذه المدينة ما يستحق العودة إليها، ولم تكن الطبيعة بخيلة عليهم، كانت كل صباح تحتضنهم بضباب حالم، مثلما (تمسّي) عليهم.

خصصت اللجنة المنظمة يوم أمس لرحلة استكشافية أخرى، طافت بأعضاء الوفود في مناطق سياحية أخرى، بين جمال الطبيعة وسطوة المكان التاريخية، حيث اللبان رسول أمين بين حضارات الدنيا المتعاقبة.

في كل هاتف نقال اندست عشرات الصور تسجل جمال الطبيعة، رسالة للسياحة ستنتشر في بلدان الخليج، والبلدان العربية الأخرى الحاضر منهم مسرحيون قالت لهم صلالة وطبيعتها إن الخليج ليس نفطا وصحراء، منهم الذي يزور السلطنة للمرة الأولى، وبينهم من الذي أخذته غواية المكان وسحره، والأهم إنسانه، فعاد بانطباع إيجابي يبهجنا، ونغدو حريصين عليه أكثر فأكثر.

سيعيش مسرح أوبار الليلة عرسا مسرحيا، خاصة لمن ينالون جائزة أو أكثر، وقد تتناثر بعض الدموع من الخاسرين المعولين على رؤيتهم التي يعدونها الأفضل، وإن رأت لجنة التحكيم غير ذلك.

وكان المسرح يشهد كل ليلة هذه الاحتفالية المبهجة، مهما قست بعض الملاحظات في الجلسات التطبيقية بعد كل عرض على المعروض، ولم تكن قاعة المسرح وحدها المكتظة بتلك الأعداد الكبيرة من محبي المسرح، إنما كانت قاعة الندوات ممتلئة حتى آخر كرسي، ينصتون لما يقوله النقاد والمتحدثون عن كل عرض، بروح من الطيبة التي تغلف المكان، وتتسع للجميع، وإن اختلفت آراؤهم، وشطّ بعضها عن المعتاد، من آراء مقصدها تبيان أوجه القوة والضعف، أصحاب العرض تبهجهم الأولى، وتنغّص عليهم الثانية، فالجميع يرى أن رؤيته متقدمة، حتى على أفهام الذين يتلقونها.

أخذنا العرض الإماراتي صهيل الطين إلى فكرة الخلق، وثنائية الخير والشر، والصراع بأبعاد فلسفية جميلة، ثم “بلاليط” البحريني بخفة دم حققت فرجة مسرحية راقية ورسالة نقدية ساخرة، وواجه العرض السعودي أجساد وابلا من النقد (والانتقاد) فيما قدم القطري والكويتي نص المتألق إسماعيل عبدالله (كتب صهيل الطين أيضا) وعنوانه البوشية، فوقع الجميع في فخ المقارنة بين عرضين متتاليين، استمتع الحضور بالفنون الشعبية في الأول وبالفنون المسرحية في الثاني.

وكان ختامها البارحة مع عرض البئر لفرقة الدن، هذه المكافحة التي خرجت من ربوع سمائل على خجل لتشارك في المهرجان المحلي، وبعد دورتين اكتسحت غالبية الجوائز لتمثل السلطنة في حدث مسرحي مهم، فالفرق المشاركة عريقة وتجد دعما كبيرا جدا في بلدانها.

وبحكم العادة، غاب الفنانون عن الندوات الفكرية، مع أنها ناقشت دور الممثل، تحدث فيها النقاد وأساتذة المسرح لبعضهم البعض، إلا القليل الذي حضر، واحتفظ فنانونا بزهدهم في هذه المعرفة التي لن تضيف إلى عمقهم الفكري شيئا!

بقلم –  محمد بن سيف الرحبي

http://www.shabiba.com

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *