15 متدرباً يتلقون تفاصيل فنون القراءة المسرحية

تختتم اليوم الثلاثاء ورشة “القراءة المسرحية” التي أشرف عليها الفنان الأردني غنام غنام، ونظمتها إدارة المسرح بدائرة الثقافة والإعلام في ختام برنامجها التدريبي الذي استهلته منذ مطلع السنة الجارية.

وفي مستهل الورشة التي شارك فيها نحو خمسة عشر متدرباً، وتجري فعالياتها في معهد الشارقة للفنون المسرحية، تعرّف المشرف إلى الخبرات القرائيّة للمشاركين عبر سلسلة من الأسئلة حول نصوص ابداعيّة في حقول عدة كالرواية والقصة والمسرح والدراما التلفزيونية واستعاد مقاطع ومشاهد من تلك النصوص، مبيناً ما تنطوي عليه من مزايا جمالية ودلالية؛ وفي هذا الباب تحدث أيضا عن البناء المعماري للنص الأدبي وكيف يمكن الاستدلال على قوته أو ضعفه بالنظر إلى إمكانية الإضافة إليه أو الاستغناء عن بعضه. وذكر أن بناء النص إما أن يكون حاذقاً بحيث يتأثر بأي تغيير أو تعديل يجري فيه أو يكون هشاً لا ينقصه أو يزيده كثيراً إنقاص جملة هنا أو هناك.

وغطى غنام بحديثه المحكيات الشعبية وقواميس العاميات العربية وكيف أنها ظلت على الدوام مصدراً غنياً لاستلهامات الكتّاب وفتوحاتهم البلاغية والفكرية، ومثّل للأمر بعدد من النماذج النصية من أعمال لكتّاب عرب وغربين.

 

وفي حديثه عن المفاتيح الأساسية لقراءة النص المسرحي ركز غنام على أهمية أن يكون القارئ على اطلاع، وقال “كلما كانت ذاكرة القارئ ثرية كلما أمكنه أن يجلي معاني النص بسهولة أكبر، كما أن الكاتب الذكي هو الذي يقدر على المواءمة بين تطلعاته الابداعية والحدود المحتملة لاستجابات القراء”.

 

وفي النقاش بين المتدربين والمشرف جرى التطرق إلى قصص تأليفية مرتجلة لإبراز ما تنطوي عليه من قيم درامية، وكان المشرف يلح في كل لحظة على أهمية أن ينتبه الكتّاب إلى ذكاء القارئ، مشيراً، في كل مرة، وكيف أن مقدمة ضعيفة في نص ما قد تتسبب في أن يتوقف المتلقي عن متابعتها.

ولفت غنام إلى كتب وأغنيات ومسلسلات كسبت رسوخاً في ذاكرات الناس، مشددا على أنها ما كانت ستخلد لولا أنها حققت كفايتها الفنية، وعرفت كيف تخاطب الناس وتثيرهم وتقلق طريقتهم في التلقي والاستجابة.

الورشة قرأت أيضاً اختيارات للمشرف والمتدربين من المكتبة المسرحية، كما عرفت تمرينات عدة لتمليك المشاركين بها أدوات أكثر فعالية لفهم وتدبر النصوص الابداعية بشكل عام، والمسرحية على وجه الخصوص.

«الاتحاد» التقت مشرف الورشة، وسألته بداية عن فكرة الورشة، فقال “إن عنوان الورشة “القراءة المسرحية” يعطي مساحة واسعة للعمل باعتبار أن النص هو حجر الأساس لكل ما يمكن أن يتم في العملية المسرحية”، وأوضح “لذلك كانت منهجية العمل التي اخترتها لهذه الورشة مرتكزة على مفهوم النص، آليات خلقه، تقنياته ومهاراته، تفكيكه وإعادة تركيبه، التحليل الدرامي لخطوطه كافة، اللغة كمفهوم واللغة كأداة واللغة كشخصية، التأليف وفن طرح الأسئلة من لحظة البدء وحتى نضوج النص كعرض”.

كما تحدث غنام مع المشاركين في الورشة حول علاقة النص المسرحي بالأشكال الأدبية ومختلف ضروب التعبير على اعتبار أن اقترابها من الدراما هو حالة ارتقاء لها، فهناك رواية، ولكن هناك رواية درامية، وهناك موسيقى درامية وهناك رقص درامي، وهكذا.

وأشار إلى أن الورشة “حاولت التعرف إلى العلاقات الرابطة بين النصوص المؤلفة والواقع الذي ينبت الكاتب وينبت نصه إذ لا بد من ملاحظة تطور وتغير النص عبر مسيرة الإنسان وتطوره الحضاري الذي يشكل حلقات متصلة منفصلة، فكل شيء في هذا الكون وهذه الحياة مشتبك مع ما حوله و متأثر به”.

وفي ما يتعلق بأسلوبه التدريبي قال غنام “لتجنب حالة التلقين اعتمدت التفاعل بديلاً، ومن خلال التفاعل نجد المعلومات تتسرب في نسيج الحوار المعملي الذي يتم، خاصة أن التمارين تتم على نماذج، وأفكار مسرحية لدى المتدربين، إضافة إلى اختياري لقطعة مسرحية يومية يتم العمل عليها كأنموذج، و قد تم اختيارها من أعمال مسرحية كتبتها في سنوات متباعدة، سعياً لانسجام الآراء المعرفية التي أتناولها مع النماذج التطبيقية.. في العمل اليومي، حيث تتماهى الحدود الفاصلة بين المشاركين، فيصبح الاشتغال أقرب ما يكون إلى حضرة وحلقة وصل، تمنح أريحية البوح و التواصل”.

أما عن الفائدة من الورشة قال “ورشة كهذه ستفيد بكل تأكيد المشاركين ممن يميلون للتأليف أو ممن يعملون في المسرح بكل تفاصيله، و لكنني اسجل بأن حجم الفائدة المتوخى لا يتناسب مع عدد المشاركين وتنوعهم، وسيكون مفيداً في المستقبل لو ذهبنا باتجاه علاقة المسرحي بقراءة النص، المسرحي الممثل، الكاتب، المخرج، التقني، لأن سبر أغوار الكتابة المسرحية ومعرفة وإتقان فن القراءة المسرحية، يشكل ضمانة انسجام أداء العناصر المختلفة داخل العمل الواحد من خلال انسجام الجمع بالجمع، وليس من خلال انسجام الجمع بفرد واحد هو المخرج في اغلب الأحوال”.

ويقول المتدرب عبد الله الجروان الذي بدء الكتابة المسرحية حديثاً “ما كان مهماً بالنسبة لي هو الأسئلة التي كانت تطرح حول كيف نقرأ النصوص بشكل جيد وكيف ننتبه للتفاصيل والدلالات الكامنة وما هي الأسئلة التي يجب علينا أن نواجه بها النصوص نحن كقراء”، ويضيف أن الورشة أثرت عليه لدرجة انه تراجع عن الدفع بنص له للمشاركة في مسابقة مسرحية، وجلس إلى نصه مرة أخرى لتطويره وصقله، مشيراً إلى أن هذا الأمر “جعلني اشعر كما لو أنني انفذ عمليا كل تلك الإرشادات النظرية التي قدمتها الورشة”.

من جانبها، قالت المتدربة نور غانم “كانت لي محاولات محدودة في الكتابة المسرحية، وكنت أقف عند مجموعة من التساؤلات، وهذه الورشة ساعدتني في العثور على بعض الإجابات. فمن خلال الورشة استطاع المشرف غنام غنام أن يضعنا على الطريق الصحيح الذي سنبدأ به الدخول إلى عوالم الشخصيات والأحداث بتكنيك الكاتب وليس الممثل أو المخرج.

 

عصام أبو القاسم

http://www.alittihad.ae

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *