هل صار المسرح الكويتي «كومبارس»؟

 

في كتابه «تاريخ التعليم في الكويت» بادر صالح شهاب بإدراج صورة من دعوة الجمهور لعرض مسرحي في مدرسة المباركية، فدعمت الوثيقة المعلومات الخاصة بتاريخ وعنوان عرض رواية «عمر بن الخطاب في الجاهلية والاسلام». بعد كتاب شهاب الصادر في 1984لم نلحظ مؤلفات تعنى بقراءة وتحليل دعوات وكتيبات العروض المسرحية إلا نادرا. من هذه النوادر ما وجدناه في كتاب «فرقة المسرح العربي ومسيرة ربع قرن (1986/1961)».

 

 

في هذا الكتاب تعرض المؤلف الدكتور أمين العيوطي لمسرحيات الفرقة بالدراسة، وعندما تناول مسرحية «24 ساعة» بدأ على النحو التالي: «في كتيب العرض يقول جعفر المؤمن، الذي قام باعداد مسرحية 24 ساعة (ومسرحيتنا هذه مقتبسة من الأدب الايطالي، وميزة هذه المسرحية أنها كفكرة تتلاءم مع كل زمان ومكان بمجرد اعطائها الصبغة المطلوبة. وهكذا تم تكويتها مواقف وحوارا لتتلاءم مع بيئتنا الكويتية بزي مريح للعين والسمع. ومما شجعنا علاوة على ذلك في تقديم هذه المسرحية بالذات، هو كونها لونا من ألوان الكوميديا المحببة لدينا وذات أحداث تنتزع الضحك الصادق من أعماق القلب)».

نقل الرسالة

استفاد الدكتور العيوطي من الكتيب لينطلق منها إلى طرح رؤيته كناقد يعلق على مسألة الاعداد المسرحي، ليقول: «ومن الملاحظ على هذا التقديم أنه يؤكد تكويت النص الأصلي، وأن هذا التكويت انصب على المواقف، بحيث تتلاءم مع البيئة وعلى الحوار، أي أنه بعبارة أخرى تكويت وليس اعدادا، لأن الاعداد يتطلب اعادة خلق شخصيات ومواقف تبعد بنا كثيرا أو قليلا عن النص الأصلي، واعادة صياغة الحوار بما يتلاءم مع هذه الشخصيات وتلك المواقف بعيدا عن الحوار الأصلي.

ثم أن التقديم يؤكد الطبيعة الكوميدية للمسرحية، أي أنها لا تقف عند حدود الامتاع فحسب، ولكنها تذهب إلى محاولة نقل رسالة تفتح عيوننا على معنى ما، وبذلك تجمع بين الامتاع والفائدة».

عندما عرض العمل في 25 نوفمبر 1967 قلب جمهور المسرح صفحات كتيب «24 ساعة»، لتظل تلك الأوراق حبيسة الذاكرة المسرحية إلى أن جاء دور الناقد المسرحي ليقرأ تلك الصفحات من جديد. الدكتور العيوطي، وبصفته باحثا وناقدا، منح كتيب المسرحية حياة أخرى، مستهلا ذلك بتناول مفهوم الاعداد، قبل أن يأخذنا إلى فصول العرض ليقول: «وأول ما يلفت النظر في مسرحية (24 ساعة) هو أنها تبدأ من منتصف الموقف الرئيسي (…)».

دور الفن

قراءة الكتيبات أو بالأحرى اعادة قراءتها والتدقيق في التفاصيل، تكسبنا معرفة جديدة، نتتبع خلالها رحلة المسرح في الكويت. لنأخذ على ذلك مثال كتيب مسرحية «24 ساعة»، فهناك نسختان من الكتيب: الأولى نلحظ فيها تعديل موعد العرض من 13 مايو ليصبح 7 سبتمبر 1967، أما الطبعة الثانية من الكتيب، التي أدرجها العيوطي في كتابه، فقد اختلف تصميمها وأضيفت إليها تفاصيل لنقرأ على الغلاف «التاريخ 25 نوفمبر 1967»، وعبارة «بمناسبة انعقاد المؤتمر الثالث لوزارء العمل العرب في الكويت». هذه المعلومة الخاصة بمناسبة العرض، تبدو طارئة، ولكنها تقودنا إلى تمييز المسؤولية الاعلامية التي انيطت بالفرق المسرحية، وأبعاد الدور الذي مارسته لجعل الفن أداة تواصل ثقافي تربط الكويت بالعالم، لنتساءل: هل استمر المسرح بأداء دوره كما كان، أم خضع لدور الكومبارس في مشهد سياسي واجتماعي يتراجع فيه المسرح؟

مسرحية «المخ»

في كتابه «مسيرة فرقة المسرح الشعبي (1996/1965)» أدرج صالح الغريب صورا لأغلفة عشرة كتيبات، وفرقة المسرح العربي ما زالت تحتفظ بكتيبات عروضها الأولى، مما يعني توفرها وامكانية قراءتها من جديد ودراسة خطاب المسرحيين، وفي مرحلة كان الفن فيها من معالم الدولة وأولويات البلاد، ومجالا يلتقي فيه ضيوف الكويت بالفنان الكويتي، كما حدث أثناء مؤتمر وزراء العمل عام 1967، أو عندما اهتمت جامعة الكويت بلغة الفن فقدمت مسرحية «المخ» لمؤلفها حسن المترك في أبريل 1980، ضمن ندوة نظمتها كلية الحقوق تحت عنوان «حقوق الانسان في الاسلام».

 

فتحية الحداد

http://www.alqabas.com.kw

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *